"النقل" والمعمول.. نكهة مكاوية في الحج

 

هي مدة زمنية قد لا تتجاوز الـ24 ساعة في واقعنا المعاش، ولكنها تمثل لحظات دهر مديد بالنسبة لأهل مكة، يحيون خلالها الكثير من العادات التي دأب عليها أسلافهم من الآباء والأجداد، في رغبة منهم لتوريثها للأجيال المقبلة.


فيوم عرفة بالنسبة لأهل مكة المكرمة ليس مجرد يوم له قدسيته يقضونه بالصيام فحسب، والذي يعتبر عند "المكاوية" فرضاً واجب التمسك به، وإنما تتخلله الكثير من العادات التي تبدأ بعضها مع منتصف شهر ذي القعدة، أو بداية شهر ذي الحجة.


يجزم الشريف حسن علي بدر، وهو من سكان مكة المكرمة، على أن مكة لا تكون خالية من ضيوف بيت الله الحرام طيلة العام، إلا في يوم عرفة، إذ إن حجاج بيت الله الحرام يبدؤون في مغادرتها اعتباراً من يوم التروية أو صبيحة يوم عرفة، ولا يعودون إليها إلا مع ساعات الصباح الأولى من يوم العاشر من ذي الحجة.


ويضيف: "هذه المدة الزمنية، تعني لأهل مكة الكثير، إذ إنها تعتبر فرصة للتنقل بحرية في الشوارع، بعيداً عن الازدحامات المرورية الخانقة، التي تعيشها مكة في فترات متفاوتة من العام، وخاصة في شهري رمضان وذي الحجة، وبالتالي إنهاء كافة المتطلبات والاحتياجات الأساسية ليوم العيد وما يعقبه من أيام أخر".


"النقل" والمعمول.. نكهة مكاوية في الحج

وفي حين يبدي الشريف حسن "امتعاضه" من "غياب" و "اندثار عدد من بعض العادات التي حرص "المكاويون" على توارثها ردحاً من الزمان، يؤكد أن أهل مكة لم يتخل جميعهم عن تلك العادات، مضيفاً: "ما زلنا إلى اليوم نحتفل في بيوتنا بصناعة المعمول والغريبة، التي يتم وضعها في أطباق وتغليفها وكتابة اسم الشخص المراد تقديمها له، رغم انتشار محال صناعة الحلويات وتفننها في صنع أشكال وأنواع منها، بيد أن أخواتنا وبناتنا يصرون في كل عيد على عدم جلبها من خارج المنزل، ويبادرن بعجنها بأنفسهن، ليس من باب التوفير، وإنما لاستشعار روح المشاركة التي كانت جداتهن يعشنها سابقاً".

ومن بين العادات التي كان أهل مكة يحيونها، ويسير على خطاهم حالياً بعض سكانها، ما يعرف بـ"النقل"، وبحسب الشريف حسن فإن هذه العادة عبارة عن كيس يعبأ بالمكسرات والبندق والحمص، ويجهز حتى عودة الحاجات الإناث من المشاعر المقدسة، إبان انتهاء حجهن، ومن ثم يتم نثر محتوياته على رؤوسهن، وهن يرددن أهزوجة "جو جو حججوه".

التجمع و"الخليف"
ليس ما ذكر فقط هو ما يهتم بإحيائه أهل مكة، فعادة التجمع في بيت "كبير العيلة" واحد من أهم الممارسات في عيد الأضحى، التي تبدأ من يوم النحر وتستمر حتى نهاية أيام التشريق، وهنا يقول الشريف حسن: "هذه العادة ورثناها من أجدادنا وأسلافهم، ونحن حريصون على نقلها للأجيال المقبلة، وفي هذه الاجتماعات يلتقي أهل المنزل ببعضهم البعض، ومن الضرورة بمكان زيارة كل فرد من أفراد العائلة للآخر في منزله بعد ذلك، ولا يكتفى بلقائهم في منزل كبير العائلة فقط".

وحول "الخليف" يقول الشريف حسن: "الخليف هو الشخص الذي يتخلف عن مناسك الحج، سواء بعدم الحج أو بعدم العمل في الموسم، وعادة ما يكون منزل الخليف مقراً دائماً للأقارب وعوائلهم، بحجة أن صاحب المنزل من المتخلفين عن الحج، وكنا نعرف ذلك قبل بدء الموسم بسؤال الشخص، هل أنت حاج أم داج، ولكن هذا السؤال بدأ في التلاشي، وأصبح البعض يردده على سبيل المزاح فقط".


طريقة التجمع لا تكون للسمر فقط وتجاذب أطراف الحديث، فبحسب الشريف حسن فإن التجمع يكون في أول أيام العيد أحياناً لذبح أضاحي العيد وتقسيمها، ومن ثم طبخ بعض منها للوجبات الثلاث، فيما يعود كل فرد بالثلثين المخصصة للهدية والصدقة.

المصدر : العربية نت