جـبـل الـنـور .. و غـار حـراء

 

 

الحق أن الـرؤيـة غير الـسـمـاع
و الحق أن ما يلمحه الناظر فـي نظرة خاطفة قد يعيا الكاتب بوصفه فـي الصحف و الأسفار

و الحق أننا قرأنا ما قرأنا عن [ الـجـبـل ] و عن [ الـغـار ]
ثـم نظرنا إليهما .. فعلمنا أن الـقـراءة قد تركت الكثير مـن ( فراغ النفس ) لـتملأه هـذه النظرة العابرة فـي الطريق

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

مررنا به عابرين كما كان سكان البلاد يمرون به غادين رائحين
فـي غفلة مـن ذلك الرجل المفرد الذي يأوي إليه و يسكن إلـى غاره

كانوا في غفلة عن ذلك الرجل المتوحد في « سبيل التوحيد »
كما كان العالم كله فـي مثل تلك الغفلة و فـي تلك الظلمات

و لكنها كانت ساعات يرتبط بها تاريخ أحقاب و دهور
فلما انقضت مدتها لم يبق فـي الأرض المعمورة غافل عـن ضيف ذلك الغار ، أو جاهل بـآثار تلك الساعات التي كان يقضيها فيه بـالليل و النهار

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

و حسبك نظرة واحدة إلـى الجبل و مرتقاه
لـتحيط بعض الإحاطة بـتلك النوازع المرهوبة التي كانت تنهض بـالرسول صلى الله عليه وسلم فـي صباه إلـى ذروة تلك القمة مراتٍ بعد مرات و أياماً بعد أيام

كل مرة فـي تلك المرات

تترجم لنا قـوة تلك البواعث المحتدمة فـي نفسه الشريفة
و ترينا كيف بلغت هذه البواعث المحتدمة أن تدفع بـالعالم كله فـي طريقٍ غير طريقه ، و إلـى غاية لم تكن له من قبل في حساب

فلولا لاعج مـن الشوق الإلهي ينهض بـ « الروح » و « الجسد »
نهضة لا تصير عليها طبيعة البشر لما توالت تلك المصاعد ولا تعاقب ذلك العكوف

إن اللواعج التي حملت الرسول صلى الله عليه وسلم إلـى مرتقى الغار هـي السر الروحاني الذي استجاش العالم كله بعد ذلك فـي حركة دافقة [ تقتحم السدود ] و [ تخترق الأسوار و الحدود ]

و كل أولئك كان فـي نشأته الأولى خاطراً فـي قلب رجل وحيد ينفرد فـي « سبيل التوحيد » .. و كل ذلك السيل الجارف إنما تجمع قطرات قطرات عند هذه الـقـمـة الـعـالـيـة

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

كل ذلك فـي هذا المكان

و عبرنا خاشعين مطرقين
و سكتنا لأن مـهـبـط الـوحـي هنالك قد ألهمنا السكوت

•~•~••~•~••~•~••~•~••~•~••~•~••~•~••~•~•
مـوسـيـقـار الأفـكـار و فـيـلـسـوف الـوجـدان
الأسـتـاذ عـبـاس مـحـمـود الـعـقـاد | طيب الله ثراه

المصدر : الإسلام دعوة عالمية | الموضوع مشاركة من الفضل قطان | التصميم : حسن مكاوي | نشر على الموقع بتاريخ 1436/2/23هـ