الشيخ خليفة النبهاني 1270 - 1355هـ

علامة الحجاز الشيخ خليفة النبهاني .. نموذج حضاري فريد ( 1270 - 1355 هـ | 1854 - 1937 م )

• عالم بحريني مكي مـن سادتنا المالكية
ولد فـي المحرق ( 19 ربيع الآخر سنة 1270 هـ )
و توفي فـي مكة المكرمة ( 1 ذو القعدة سنة 1355 هـ )

• كان للمدرسة العلمية الحجازية فـي العصر العثماني الزاهر
دور عظيم فـي تفجير طاقات « الإيـمـان » و « الإبـداع » فـي شخصيته

• اكتسب مـن رحلاته و زياراته « تـجـارب » و « مـلاحـظـات »
و تعرف على « ألـوانٍ مـن الإنـتـاج الـثـقـافـي » انعكست على حيويته العقلية

• تمثلت فيه ظاهرة [ تكامل العلوم و الفنون ] فكان نموذجاً حضارياً فريداً
فـي إبداعه « الفقهي » و « الشعري » و « الفلكي » و « الهندسي » .. و فـي المهارات التي برع فيها كـ « الرمي بالبندق » و « الغوص في البحر » و « استخراج اللؤلؤ »

• دروسه العلمية فـي مكة المكرمة
كان يعقدها فـي المسجد الحرام بـ [ حصوة باب الداودية خلف مقام المالكي ] .. و فـي منزله العامر بـ [ حارة المسفلة ] .. و فـي جبل أبي قبيس حيث يصعد مع تلاميذه ليدرسهم " علم الفلك "

• كان له فـي مكة المكرمة
إيقاعٌ جميلٌ يُسمع بين جنباتها و نورٌ ساطعٌ يُرى في أروقتها

•~•~••~•~••~•~••~•~••~•~••~•~••~•~••~•~••~•~•

وقد أورد ترجمته المرحوم الشيخ عمر عبدالجبار فـي كتابه القيم
[ سير و تراجم بعض علمائنا في القرن الرابع عشر للهجرة ] على النحو الآتي :-


تلقى علومه عن علماء الحرمين الشريفين فـي علمي الفلك و الميقات عرفته طويل القامة ، معتدل الجسم ، صحيح البنية . ذا لحية كثيفة زادته مهابة ووقارا

ولد - رحمه الله - بالبحرين و نشأ بها و في السابعة عشرة من عمره بعثه والده إلى مكة لطلب العلم عام ( 1287 هـ )

فعكف على الدراسة و أخذ العلم عن السيد أحمد بن عبدالله الزواوي ، و الشيخ حسين بن إبراهيم المالكي ، و الشيخ عبدالقادر مشاط ، و الشيخ بكر حجي البسيوني ، و السيد عمر بركات البقاعي ، و الشيخ جعفر لبني ، و الشيخ شعيب بن عبدالرحمن الصديق ، و الشيخ عباس بن صديق ــ مفتي الأحناف ، و الشيخ ياسين بسيوني ، و الشيخ محمد كتاني ، و الشيخ محمد حامد .. تلقى عنهم - رحمهم الله و رحمه - التفسير و الحديث و الفقه و عدة فنون

كما تلقى العلوم الرياضية عن الشيخ حمد ناصر البغدادي .. ثم لازم الشيخ محمد يوسف خياط فتلقى عنه علمي الفلك و الميقات فنبغ فيهما و تخصص لنشرهما

قام - رحمه الله - برحلات من عام ( 1301 هـ ) إلى عام ( 1320 هـ )
إلـى أفريقيا و آسيا الكبرى ، و أندونيسيا ، و جزر الخليج العربي و عدن ، و زنجبار ، و دار السلام .. فاستمد من رحلاته تجارب و ملاحظات و ألواناً من الإنتاج الثقافي استطابها فجددت نشاطه و قوة عقله

وقد ضل الطريق ربان الباخرة التي نقلته إلى أندونيسيا
فتسلم منه القيادة و صحح سير الباخرة إلى الطريق الذي تقصده

و في عام 1322 هـ سافر إلى المدينة فأخذ المسلسلات عن الشيخ فالح بن محمد الظاهري .. و قرأ صحيح مسلم على يد الشيخ أحمد بن إسماعيل البرزنجي و لما رجع إلى مكة عينه الشريف عون إماماً للمالكية و أجيز بـالتدريس بعد اختباره

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

كان - رحمه الله - يعيش من كسب يده و عرق جبينه
فقد تعلم بالبحرين الرمي بالبنادق و الغوص بالبحار و استخراج اللؤلؤ منها

كما تعلم [ الهندسة الميكانيكية ] فعين بـمكة مهندساً لعين زبيدة و الزعفران من عام ( 1326 هـ ) ، فأخلص في عمله و نال إعجاب ولاة الأمر على جده و نشاطه و إخلاصه ، فضمت إليه مهمة تقسيم المياه فكان موفقاً ناجحاً و اشتهر بـ [ القسام ] ثم أصبح رئيساً للقسامين فسطع نجمه و شهد له الجميع بـالجرأة و رباطة الجأش .. وقد شهدته غير مرة يخلع ملابسه و ينزل إلى المقسم ثم يطلع و بيده ثعبان و هو قابض على رأسه

و مات أحد الحجاج غريقاً في بئر زمزم فأحضر ولاة الأمر الغواصين من جدة لإخراج الغريق ، و لكنهم فشلوا و خيل إليهم أن البئر واسعة تمتد إلى باب السلام غرباً و الكعبة شرقاً .. فلما علم بذلك - رحمه الله - أسرع إلى بئر زمزم فخلع ملابسه و ربط في قدميه كرتي حديد ( قلتين ) مكنتاه من النزول إلى قاع البئر فأخرج الغريق و أخبر الغواصين بوجود أوساخ في قاع البئر و أرشدهم إلى الطريقة الفنية للوصول إلى قاع البئر فغاصوا على ضوء إرشاداته و نظفوا البئر

فقال : إن عمق مائها 40 ذراعاً و ارتفاعها من الأرض إلى علو فتحتها 8 قامات و عرضها من أسفلها لا يتجاوز باع الإنسان ، و إن البئر تحت الأرض ينبع ماؤها مـن صخرة مدورة منقورة نقراً عجيباً « و أن هذا الوصف يخالف روايات الأزرقي و غيره من المؤرخين من أن زمزم ينبع ماؤها من ثلاثة عيون ، و أن ماءها يمتد إلى الشرق و الغرب و الجنوب ، و ليس من رأى كمن قرأ و سمع »

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

لم يقف نشاط الشيخ خليفة إلى حد نشر العلم و العمل فيما أسند إليه ، بل عكف على التأليف بجانب [ التدريب ] و [ الهندسة ] و [ تقسيم الماء ] . و كانت كل مؤلفاته فـي " علم الفلك و الميقات " منها :

1. الوسيلة المرعية لمعرفة الأوقات الشرعية

2. مجموعة رسائل في علم الفلك
( تقرر تدريسها بمدرستي الصولتية و دار العلوم )

3. ثمرات الوسيلة لمن أراد الفضيلة في العمل بالربع المجيب

و قرظه أحد علماء البصرة بقصيدة منها :
هو الـعـلـم كم من الناس تـعـلـو بـه ... هو الـمـجـد إلا أن إدراكه صـعـب
وهل تحسبن الـمـجـد تمراً تلوكه ... وهل تملك البلدان إن لم تكن حرب
فكافح جـهـالات الـهـوى تحظ بـالذي ... تروم من الـعـلـيـا وما ذلكم لعب
لعلك قـد تمسى وأنـت مقارب ... ( خليفة النبهان ) فـي بعض مـا تصبو
فذاك الذي حـاز الـمـعـالـي بأسرها ... بجد ولم يك ممن يضله الـنـشـب
فقد هـجـر الـبـحـريـن مسقط رأسه .. وآثـر بيت الله فهو لـه حـسـب
فيوماً فـقـيـهـاً قد تراه وآخرا ... يعاني حـسـاب النجم والشمس منكب
وطوراً تـراه في الصحاري مـهـنـدسـاً ... فيجري عيوناً فـي عيون فتنصب
وأخرى تراه فـي الـشـعـر تطر خيله ... فتكبو جياد العالمين ومـا تـكـبـو
فقل له شـبـه وقل مـمـاثـل ... ومـا أعـظـم الأعـمـال إلا لـه تـصـبـو

4. جدول الدائرة المغناطيسية لمعرفة القبلة الإسلامية

5. رسالة رسم البسائط

6. التقريرات النفيسة في بيان البسيطة و الكبيسة
تشتمل على جداول لمداخل البروج في الشهور العربية

7. منظومة في منازل القمر

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

كان - رحمه الله - يدرس في [ حصوة باب الداودية خلف مقام المالكي ]
و تخرج على يده أفاضل علماء هذا العصر لا سيما في علمي « الفلك » و « الميقات » منهم : الملوي عبدالرحمن كريم بخش .. و السيد أحمد عبدالله دحلان " مدرس الفلك و الميقات بالمدرسة الصولتية " رحمه الله .. و الشيخ حسن مشاط .. و السيد محسن بن علي المساوي " مؤسس دار العلوم " و " شارح بعض مؤلفات مُدَرِسه " .. و الشيخ ياسين بن عيسى الفادني " مدرس علمي الفلك و الميقات بمدرسة العلوم الدينية " .. و الشيخ محي الدين كرنشي .. و الشيخ محمد صالح بن إدريس كلنتني

أشتهر - رحمه الله - بالتقشف و التواضع و كرم النفس و علو الهمة و أصالة الرأي

استمع إليه و هو يدرس مؤلفه ( التقريرات النفيسة في بيان البسيطة و الكبيسة ) إذ يقول : " السنة الشمسية عدد أيامها 365 يوماً في البسيطة و 366 يوماً في الكبيسة ، و هذا العدد هو مجموع أيام البروج الأثني عشر فإن الشمالية و هي: الحمل و الثور و الجوزاء و السرطان و الأسد السنبلية كلها في واحد وثلاثين يوماً إلا الجوزاء فإنها اثنان وثلاثون يوماً . و الجنوبية و هي: الميزان و العقرب و القوس و الجدي و الدلو و الحوت و كلها ثلاثون إلا القوس و الجدي فتسعة وعشرون في البسيطة ، و في الكبيسة يكون القوس ثلاثين فيصير المجموع 366 يوماً ، و يتفق هذا التاريخ العربي في الشمسية بهذا المقدار في التاريخ الرومي و السرياني و الميلادي و القبطي كل منهم سنته الشمسية البسيطة 365 يوماً و الكبيسة 366 يوماً

و إذا أردت تعيين الكبيسة من البسيطة لأي سنة شئت فاطرح من سني الهجرة يوماً في البسيطة و 366 يوماً في الكبيسة و هذا العدد هو مجموع أيام البروج الاثني عشر "

كان - رحمه الله - يلقي درسه في سكينة ووقار دون أن يعتز بتخصصه في فنه أو يفخر به .. رحمه الله و أكثر من أمثاله في هذا الفن


مصادر النقاط المختصرة في أعلى المشاركة

1. خليفة بن حمد النبهاني « 1270 - 1355 هـ »
عـالـم بـحـريـنـي إمـام و مـدرس فـي الـحـرم الـمـكـي

مقال لـ: السيد محمد رفيق الحسيني .. جريدة الأيام البحرينية
2. عـالـم مـن مـكـة الـمـكـرمـة
مقال لـ: الأستاذ عبدالرحمن عربي المغربي .. جريدة الندوة

3.  سير و تراجم بعض علمائنا في القرن الرابع عشر للهجرة
كتاب لـ: المرحوم الشيخ عمر عبدالجبار


الموضوع مشاركة من الفضل قطان | نشر بموقع قبلة الدنيا في 1436/4/18هـ .