وفاة الشيخ البحريني الذي طاف حول الكعبة سباحةً عام 1941

انتقل الى رحمة الله تعالى الشيخ علي أحمد العوضي . والفقيد اول من طاف حول الكعبة سابحا حينما داهمتها السيول.

الشيخ علي العوضي الذي وافته المنية يوم الأربعاء الماضي عن عمر ناهز 86 عاماً بحسب ما أعلنت وكالة الأنباء البحرينية، كان قد أوضح في لقاء تلفزيوني - تداوله المغردون أيضاً - قصة طوافه حول الكعبة سابحاً، حيث ذكر أنه في العام 1941م كان يدرس في مكة المكرمة وعمره وقتها 12 عامًا، وهطلت أمطار غزيرة في ذلك العام استمرت أسبوعًا كاملًا ليلاً ونهاراً حتى تحولت إلى سيولٍ جارفة اجتاحت مكة كلها.

وأضاف الشيخ العوضي أنه في آخر يوم من أيام المطر، قرر مع أخيه واثنين من أصدقائه وأستاذهم الذهاب إلى الحرم المكي، فوجدوا أن المياه غطت الحرم إلى ارتفاع تراوح بين 5 و6 أقدام تقريبًا، ووقف الجميع يتفرجون على المشهد، حتى طرح هو عليهم فكرة أن يطوفوا حول البيت الحرام سباحةً، فنزل مع أخيه وأحد أصدقائه لتنفيذ تلك الفكرة، وهما الجالسان كما يبدوان في الصورة على عتبة باب الكعبة المشرفة.

 

حوار سابق مع الفقيد ..

بعد مرور أكثر من سبعين عاماً على حادثة سيول مكة المكرمة في العام 1941، يكشف الطفل ذاته الذي كان يسبح في صورة السيل الشهير تفاصيل ذلك اليوم، وهو الآن في عقد الثمانين من العمر، ويتذكر تفاصيل كأنها وقعت في الأمس القريب.

وكانت انتشرت الصورة الشهيرة خلال السنوات الماضية لتضمها بعض الكتب والمواقع الإلكترونية، ولتصبح ضمن ألبوم الصور النادرة الرائعة لمواسم الحج على مدى العقود الماضية، فيما فضل الكثير من الناس تكبير هذه الصورة في براويز لتتصدر المجالس ومكاتب حملات الحج والعمرة…

لكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن من يتأمل الصورة: «كيف كان الوضع وقت التقاطها؟

وهل هناك شاهد عيان على قيد الحياة عاصر ذلك السيل ليحكي مشاهداته؟

ترى، من يكون ذلك الطفل الذي يسبح؟»، وتصبح المفاجأة أكبر وأكثر تشويقًا حين يتحدث الطفل (السباح) ذاته عن الصورة، والأكثر دهشةً هو أنه (بحريني الجنسية) وعلى قيد الحياة! فمن هو، وما هي الحكاية؟.

سيل يجرف كل شيء في شهر رمضان المبارك الماضي، استضاف برنامج «وياكم» للشيخ محمد العوضي على قناة «الراي» الفضائية الكويتية، الشخصية البحرينية المعروفة الشيخ علي العوضي…

فهو الطفل الذي كان يسبح حول الكعبة المشرفة في تلك الصورة! أما في التفاصيل المثيرة، فيسرد الشيخ العوضي الحكاية التي انتشرت فيما بعد على هيئة رابط (يوتيوب) في الكثير من المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي

حيث يقول: «في العام 1941، كنت أدرس في مكة المكرمة وكان عمري وقتها 12 عامًا، وهطلت أمطار غزيرة في ذلك العام ولم نكن نتصور أنها ستستمر أسبوعًا كاملًا ليل نهار حتى تحولت إلى سيولٍ جارفة، ومن قوتها كانت تجرف الناس والحيوانات والسيارات…

رأيت بعيني سيارةً يجرفها السيل حتى أن الكثير من الناس كانوا يخشون انهيار المنازل بل إن السيل من قوته كان يفرغ المحلات التجارية ومنها محلات التمور من محتوياتها». شخصان يجلسان على العتبة ويشير الشيخ العوضي إلى أنه في آخر يوم من أيام المطر، قرر مع أخيه المرحوم (حنيف) وكل من محمد الطيب (من تمبكتو) وهاشم البار (من عدن) وأستاذهم عبدالرؤوف (من تونس)، الذهاب إلى الحرم المكي للتبرك، ووجدوا أن المياه غطت الحرم إلى ارتفاع تراوح بين 5 و6 أقدام تقريبًا، ووقف الجميع يتفرجون على المشهد حتى طرح الشيخ العوضي فكرة أن يطوفوا حول البيت الحرام سباحةً قائلاً: «نحن البحرينيين نجيد السباحة، لكن أستاذنا المرحوم عبدالرؤوف لا يجيد السباحة، فنزلتُ مع أخي حنيف ومحمد الطيب، وفوجئنا بعد قليل بشرطي يطلب إلينا الخروج، فتحدثت معه طالبًا السماح لنا بإكمال الطواف فأبلغني بأن هذا ممنوع خوفًا من أن يتعرض جزء من الحجر الأسود للسرقة بعد أن غمرته المياه واحتمال تهتك أجزاء منه بسبب المياه، فالشرطي هو المسئول، لذلك أصرَّ على أن نخرج فيما كان كل من محمد الطيب وشخص آخر اسمه علي ثابت جالسان – كما يبدوان في الصورة –

على عتبة باب الكعبة المشرفة، وبقيا هناك؛ لأنهما لم يتمكنا من إكمال السباحة في انتظار من يساعدهما على الخروج من هناك.

وعندما سأله الشيخ محمد العوضي: «هل كنت تنظر إلى الكاميرة وأنت تسبح في تلك اللحظة؟»، أجاب الشيخ علي العوضي: «لا… لم أكن أعلم أصلًا أن هناك شخصاً يلتقط صورًا! كنت أنظر إلى الشرطي وأتحدث معه في تلك اللحظة وأبلغته أن الاثنين الجالسين على عتبة باب الكعبة لا يستطيعان السباحة ويحتاجان إلى المساعدة…

كنت أنظر إلى بندقيته التي أخافتني مع أنه ليس فيها رصاص! دقق في الصورة، ستجد الرغوة حولي؛ لأنني أحرك رجلي وإلا كنت سأغرق.. كنت في الحق في غاية السعادة لأنني طفت حول بيت الله سباحة، وهذه نعمة كبيرة لا تتكرر». أول من جلب الصورة وردّاً على سؤال قدمه الشيخ محمد العوضي عن مدى قدرة الشيخ علي على إثبات أنه هو الطفل الذي يسبح، أجاب قائلًا: «سألت كبار السن وقتذاك عما إذا كانت مكة شهدت مثل تلك السيول فأجابوا بالنفي… وأنا أتحدى أي إنسان…

بل أتحدى العالم كله وأكذبه فورًا لو ادعى أنه هو ولست أنا… وعندي بعض الأسئلة التي لا يعرف إجاباتها إلا أنا عن ذلك الحدث». ويعود بالذاكرة إلى الوراء ليشير إلى أن ابنه (عبدالمجيد) وزوجته ذهبا في أحد الأعوام إلى الحج، وكان ذلك قبل عشرين عاماً تقريبًا، وأحضرا نسخة من تلك الصورة التي كان حدَّثهم عنها، ووجدوا فيها التفاصيل التي كان يحكيها لهم، فهو حينما كان يحدث أبناءه عن معالم مكة المكرمة والمدينة المنورة كغاري حراء وثور والمساجد السبعة وجبل أحد، يسرد لهم أيضًا قصة السيل، وحين اشترى ابنه عبدالمجيد كتابًا توثيقيّاً عن مكة المكرمة، رأى تلك الصورة وعرف أن الطفل الذي كان يسبح هو (والده) لما سمعه من تفاصيل، أما عن المصور، فرجح أن يكون مصورًا تابعًا إلى الدولة في ذلك الوقت.

أما عن سبب ذهابه إلى الدراسة في مكة المكرمة، يوضح الشيخ علي العوضي أن والده (رحمه الله) كان من علماء الدين، وكان يريد أن يرى أبناءه من طلبة العلوم الدينية، فشجعه على الذهاب إلى مكة لإنهاء المرحلة الابتدائية، ويكمل دراسته بعد ذلك هناك، وأدرك في الحلقات الليلية دروس الحرم المكي للمشايخ آنذاك، من أمثال الشيخ عمر حمدان، الشيخ أبي بكر البار، والشيخ المالكي، لكنه يعبر عن سعادته الغامرة بهذه الذكرى، وهو يسرد سر صورة من أشهر الصور الوثائقية بالقرب من الكعبة المشرفة بقيت في طي الكتمان سبعة عقود.