شهادة تخرج الصولتية توثيق للتاريخ

تمثل هذه الوثيقة التعليمية شهادة نجاح لأحد الطلاب الملتحقين بالمدرسة الصولتية بمكة المكرمة، وتعد أقدم مدرسة نظامية بالمملكة، وأسسها رحمة الله الهندي. بدأت تعليمها النظامي في 1292هـ وفق ما هو مثبت في ترويسة وثائقها، وما زالت إلى اليوم تؤدي رسالتها بعد انتقال مبناها من جوار الحرم.


01 منجز تعليمي
صدرت الشهادة في غرة ذي القعدة 1338 هـ، ولكن الاختبار كان في شعبان من نفس العام، وبمقايسة يسيرة نستطيع أن ندرك أنه ينقصها عامان فقط لتكمل المئة من صدورها، وهذا منجز تعليمي عظيم لمكة المكرمة، ولا شك أن هناك شهادات سبقتها بالمقارنة لعمر المدرسة.


فمن يطالع الإصدار الأول من مجلة صدى العلم من الحجاز في 1328هـ، يجد فيه تفاصيل واسعة حول الإجازات العلمية، ويمكن للقارئ أن يتأمل الطرة أو الترويسة التي تعتلي الشهادة ليجد فيها بعض الثبوتات العلمية.


والأهم بالنسبة لنا هو الرقم «10» ويقصد به النموذج المخصص لهذه الشهادة، لأننا نجد شهادات تحمل نموذج رقم 3 مثلا، ومختلفة عن غيرها في محتويات الجداول وأسماء المقررات.


وتمت طباعة هذه الشهادة بمطبعة الترقي الماجدية بمكة، والتي تولت طباعة مناشط الصولتية، وتعد من أقدم المطابع بالجزيرة العربية، وكتبت كنموذج بخط مطبوع وبصف أحرف مميز للمطبعة، أما تكملة الشهادة فقد تولاها على الأرجح خطاط المدرسة المتخصص في الخط، ونلاحظ أنه صاغ كلمة «خطابة» بشكل فني، يثبت مهارته في التحبير الخطي.


02 تقاليد علمية
أما الطالب فمتخرج من الرتبة الثالثة القسم الأول، وهي تقسيمات علمية انتهجتها المدرسة الصولتية وفق تقاليدها العلمية المرعية، وظلت تمنح إجازات علمية وشهادات لطلابها، وتعنون بإجازة مع تثبيت أسماء الكتب التي امتحن بها الطالب ومنها:
- السعادة الأبدية.
- صحيح البخاري.
- مراح الأرواح.
- شرح المعلقات السبع.
- نفحة اليمن.
- أوضح المسالك.


03 فن وكتاب
وفي الشهادة يمكن أن نتأمل توزيع المواد من خلال الجدول، فهناك النمرة المحررة واسم الفن واسم الكتاب، كما يهمنا المستوضح من اسم الكتاب المدرج بالجدول، فلا تبدو واضحة وهي مختصرة جدا وكتبت فقط للتوثيق المختصر، وتفيد أن الطالب امتحن بها واجتازها، وكنا نحتاج اسم الكتاب كاملا.


وهذا مستوضح ضمن مجلة صدى العلم في الحجاز التي كانت تصدرها الصولتية سنويا، وطبع منها خمسة أعداد فقط في الماجدية، وإن كان بعض أسماء الكتب مطبوعا ومتداولا مثل كتاب هداية المستفيد في التجويد.


والمواد في عمومها تقليدية وتشبه نمط الكتب المجازة في 1328هـ، باستثناء الجغرافيا فهي من العلوم الحديثة آنذاك، وبقية المواد كما أشرت مألوفة كالتوحيد والفقه والنحو والصرف، ويمكن أن نتوقف عند مادة الخطابة كمادة مميزة ضمن الشهادة الحالية.


ولم نجد تقديرا مثبتا، إلا أننا نجد مجموع الدرجات، مع إطراء للدارس وتشجيع له ضمن ديباجة الشهادة. ومن أهمها أنه استحق الترقية والمكافأة.


04 المهر للشهادة
وهناك مجموعة من الأختام باسم المعلمين والمميزين لتوثيق الشهادة، فالمميزون أشبه ما يكونون بشهود على هذه الشهادة وهم من أعضاء هيئة التدريس، أما المعلمون فهم من تولى التدريس، وإجراء الاختبار ونحوهما.


ثم نجد ختم ناظر المدرسة وأطلق عليه المهر، وهي دارجة في الماضي بشكل واسع جدا، ويعنون بها تلك الأختام المصنوعة من النحاس الأصفر، واستخدمت بشكل واسع كإثبات توقيع عند العامة، وذلك بسبب انتشار الأمية وندرة من يكتب ويوقع، ولكنه في المجال التعليمي يختلف، فالجميع يتقنون الكتابة والتوقيع، ولكن المهر يظل إثباتا قويا، وهو ما نلاحظه بالشهادة.

المصدر : صحيفة مكة 22 شوال 1436هـ - بدر اللحياني