حارات مكية سميت بأسماء أعيان سكنوها

نسبت الكثير من المواقع والحارات في التاريخ الإسلامي إلى بعض من سكنها، بل وفي أحيان كثيرة اشتهرت بأكملها بالانتساب إلى بعض الأسر أو الأشخاص ممن توطنها أو أسسها، ومكة المكرمة مثلها في ذلك مثل بقية العواصم والحواضر الإسلامية، حيث نسبت كثير من أحيائها وجبالها وحاراتها إلى أفراد سكنوها، أو بنوا بها صرحا من الصروح.

ونلحظ أنه في بداية العصر الإسلامي قسمت مكة المكرمة إلى أحياء صغيرة حول الكعبة تسمى «رباع» تختص كل أسرة من قريش أو حلفائها بسكن أحدها، وينسب الربع إلى من سكنه كرباع بني عبدالمطلب بن هاشم، وآل أبي العاص بن أمية، ورباع بني عبد شمس وغيرهم.

إلا أنه وبعد أن تمددت مكة، واستحب المجاورة بها المسلمون المهاجرون إليها من مشارق الأرض ومغاربها، نشأت أحياء جديدة، وزاد عدد سكانها بعد أن استقرت بها الأوضاع السياسية خاصة في بداية العصر العثماني، كما أعفي أهلها من الضرائب التي أنهكتهم في العصر المملوكي، وأصبحت تصل للموظفين والعلماء وغيرهم الرواتب من الحكومة العثمانية ضمن الصرة السنوية، فزاد عدد المجاورين من العلماء والفقهاء.

ونتيجة ذلك بنيت في مكة الكثير من الحارات والشوارع التي عرفت بأشخاص أو عوائل سكنوها، منها ما انتهى بانتهاء من سكنها، ومنها ما ظل يحمل نفس الاسم، حتى أزيلت الحارة بأكملها نتيجة لمشاريع تطوير وتنمية مكة المكرمة، ولكل من هذه المواقع قصة وتاريخ، منه المجهول ومنه المعلوم.

ومن المناطق التي عرفت بمن سكنها في مكة المكرمة أو أنشأ بها معلما من المعالم على سبيل المثال لا الحصر:

السليمانية

حارة على طرفي مقبرة المعلاة الغربي والجنوبي، نسبت لمحمد بن سليمان المغربي (ت 1094هـ)، الذي أنشأ مسجدا هناك، وزاد جزءا في مقبرة المعلاة لدفن المنقطعين والغرباء، فعرفت المقبرة بمقبرة السليمانية، ثم عرفت المنطقة التي تجاورها بالسليمانية، بما في ذلك جزء من جبل قعيقعان.

ساحة إسلام

نسبت لأسرة إسلام المكية الشهيرة، التي سكنتها في منتصف القرن الـ14 الهجري تقريبا.

الجعفرية

جزء من منطقة المعابدة الواقعة شمال مكة المكرمة، نسبت للشريف جعفر بن سعيد، والذي ملكها وبنى بها بستان ودار، ثم آلت إلى الشريف غالب بن مساعد بالشراء سنة 1215هـ، وكانت الجعفرية من متنزهات مكة الشهيرة.

حارة الظهريين

نسبت الحارة الواقعة بالقرب من سويقة لبني ظهيرة الأسرة المكية المنقرضة، حين كانت بيوتهم تقع فيها، وانتهت هذه الحارة اسما بنهاية الأسرة التي سكنتها.

حارة باب الباسطية

حارة صغيرة، تقع شمال المسجد الحرام، وتعد إداريا ضمن حدود حارة الشامية، نسبت لعبدالباسط أمير الجيوش في دولة السلطان برسباي المملوكي، حيث بني بجوار باب الحرم الذي كان يعرف بباب العجلة سكنا للفقراء ومدرسة، فعرف باب الحرم من ذلك الحين بباب الباسطية، ونسبت إليه الحارة المجاورة له.

حارة باب القطبي

حارة صغيرة شمال المسجد الحرام بجوار زيادة دار الندوة، تتبع إداريا لحارة الشامية، ونسبت لأسرة القطبي التي سكنتها أوائل القرن العاشر.

الشامية

نسبت لأهل الشام حيث كانوا يقيمون فيها سوقهم، وينزلونها.

الشارع اليوسفي

لعل هذا الشارع الأول الذي يطلق عليه اسم شخص لم يسكنه، وإنما سمي باسمه تكريما له، وافتتح سنة 1336هـ، ليربط بين المسعى والمنشية والقشاشية، وقامت على أطرافه المحلات التجارية، وينسب للشيخ يوسف بن سالم بن محمد علي قطان، الذي ولد بمكة المكرمة سنة 1270هـ، وحفظ القرآن الكريم بها، وتقلد عددا من الوظائف بداية من عهد الشريف عون الرفيق، حيث عين شيخا لمشايخ الجاوة، كما عين في إمارة الشريف الحسين رئيسا لبلدية مكة، ثم وزيرا للنافعة بعد الثورة العربية.

وفي عهد الملك عبدالعزيز آل سعود عين عضوا في مجلس الشورى، ثم نائبا لرئيس لجنة الحج، وظل فيها حتى وفاته في 23 ذي الحجة 1350هـ، ونسبت إليه كذلك برحة القطان في الشامية، حيث كان منزله فيها.

جبل العبادي

هو جزء من جبل قعيقعان، وينسب للشيخ محمد بن أحمد أبي عصبة العبادي، لسكناه به في القرن العاشر الهجري، وقيل: بل دفن فيه، فعرف الجبل به.

جبل هندي

جزء من جبل قعيقعان أيضا، ينسب للشيخ تاج الدين الهندي، من أهل القرن الـ11، حيث بنى رباطا في سفحه من جهة الشبيكة، فعرف الجبل الذي يليه به.

المصدر : صحيفة مكة 1437/9/11 هـ  | بقلم : حسام عبدالعزيز مكاوي