«أتريك» وهلع 50 ألف شخص في حريق مكة الكبير

حفظ الله مكة المكرمة وأهلها الكرام من كل سوء، وحفظ الله مملكتنا الغالية وشعبها العظيم من كل سوء. هذا أول ما خطر في بالي حين قرأت بعض الصحف الصادرة في المحرم من عام 1378هـ، وفيها تفاصيل الحريق المروع.

في يوم الأحد الثالث من المحرم عام 1378هـ وقع حريق ضخم في حارة الشامية في مكة المكرمة تضرر منه بعض سكانها، وكثير من بيوتها ودكاكينها.

كانت صحيفة "حراء" أول من نشر عن خبر هذا الحريق ، إذ نشرت في العدد رقم 110، الذي صدر يوم الإثنين الرابع من المحرم 1378هـ الموافق 21 تموز (يوليو) 1958، أي بعد ساعات من الحريق، وجاء الخبر مقتضبا تحت عنوان " حريق مروع "، وجاء فيه : " شب ليلة البارحة حريق مروع في المنطقة التي تمتد من قاعة الشفاء إلى باب الباسطية من جهة ، وغلى باب العمرة من جهة أخرى، التهم معظم المنازل والمتاجر، ولم يعرف عدد الضحايا من الأرواح ، وإن كان المعتقد على ضوء المشاهدة أن الخسارة فادحة في الأموال والأرواح .

ومما لا شك فيه أن ضيق أزقة المنطقة وتقارب واجهات بيوتها الخشبية ساعدا على انتشار الحريق . وسنوافي القراء بمزيد من التفصيلات في العدد المقبل".

وقد وفت "حراء" بوعدها فنشرت في العددين التاليين عدة مقالات حول الحريق ، كما نشرت تحقيقا مصورا مهما ومؤثرا كتبه أنور زعلوك وعبد الله الداري، وفيه وصف دقيق لما حدث، وسأقتطف منه فقرات مطولة لأهميته.

بدأ التقرير بهذه المقدمة : "النار.. النار.. النار.. 50 ألف نفس هالعة.. هم سكان مكة الشامية.. وهم يشهدون بعيونهم غول النار. ينقض عليهم ويهاجمهم في غفلة وفي سرعة خاطفة.

وبدأت القصة بأتريك.. أتريك بدكان عبد الحفيظ البخاري في مكة الشامية.. هب لهيبه فتماسكت النار بشراع من القماش أعلى واجهة الدكان فاحترق وامتدت ألسنة النيران إلى داخل المحل، حيث الأقمشة النايلون والبلاستيك وهي سريعة الاشتعال ووجدت فيها النار مرتعا خصبا وفي سرعة خاطفة لا يمكن أن تقدر امتدت النيران إلى نافذة " روشان " منزل صالح اليماني المجاور للدكان.. فأتت على الروشان وتسربت إلى داخل المنزل.. وحاصرت زوجته وابنه البالغ من العمر 16 عاما وخادمه فلم يستطيعوا الفرار والإفلات رغم المحاولات اليائسة التي قام بها الأهالي ورجال الإنقاذ! فهل اكتفت النيران بذلك؟ أبدا.. إنها دائما شرهة جائعة.. وتزمجر في ضراوة.. هل من مزيد؟ وجاءها المزيد.. وجاءها المرتع الخصب، بل قل التهمت في سرعة خاطفة 44 بيتا، 47 دكانا.

وأحالت المنطقة بأكملها إلى جحيم وسعير.. وكان من الممكن ـــ لولا لطف الله ـــ أن تأتي على كل منطقة الشامية، بل كل مدينة مكة المكرمة، لأن طبيعة منازل هذه المنطقة مبنية بطريقة عثمانية قديمة تعتمد أساسا على الأخشاب القديمة التي تزين واجهاتها وهي قابلة للاشتعال ثم إنها متلاصقة بصورة مكنت النار من أن تشتعل دفعة واحدة والأسقف الخشبية والأشرعة، أشرعة المحال التي تصل جانبي الشوارع والحواري والأزقة، أدت للنار أجل خدمة وسهلت مهمتها في أن تحيل منطقة الشامية الآمنة إلى نار، ولهيب وسعير، وعم الهلع، والفزع.. الفزع من الموت، من الحريق، من الدمار، وتعالى الصراخ، بل قل الحشرجات، حشرجات الموت، الموت الذي كشر عن أنيابه لينهش بها الأجساد الآمنة، البريئة، أجساد النساء والأطفال والرجال.

وعاش الناس فترة غير قصيرة في صراع مع النار، مع الموت الذي هاجمهم دون مقدمات، هاجمهم وهم عزل من كل سلاح فكان لا بد لهم أن يفروا.. يهربوا.. يجروا من السعير الذي يطاردهم يريد أن يشبع جوعه بعدد غير قليل منهم، إنها المعركة، انها الصراع بين الحياة والموت، هذا يصرخ في هستيريا والنار تلتهمه، وهذا يقذف بنفسه من أعلا الدار فيسقط ولا حراك، وهذه أم، أم تولول والنار تنهش جسدها النحيل فتقذف بنفسها بين النار تبحث عن ابنها، حبيبها الشاب الذي صنعته ليكون عدتها وثروتها طوال الزمن، تبحث عنه بين النيران لتخوض بنفسها وتضحي بنفسها دفاعا عنه وإنقاذا له.. ولكن النار كانت أقوى من حبها لابنها وأقوى من آمالها، فقد أتت على كل البيت بل دمرته، فانهار البيت عليها وعلى ابنها الحبيب وخادمها، وثلاثتهم الآن تحت الأنقاض.

وجاء رجال الإطفاء الذين أبلغوا على الفور وجاءوا بعد دقائق، جاءوا ليخوضوا المعركة، معركة الحياة والموت، جاءوا بعد دقائق خالها الناس في فزعهم وهلعهم أياما بل أشهرا.

وانتقل إلى مكان الحريق الأمير عبد الله الفيصل وزير الداخلية وغالب توفيق مدير الأمن العام والقائد فايز العوفي مدير عام الإطفاء واستمرت النار ليلة الإثنين كاملة ويوم الإثنين كاملا.

استمرت ولم تهدأ ولم تخر قواها. ولم يختف شبحها إلا بعد أن أكلت ما يقرب من سبعة شهداء وعشرات المصابين وبعد أن دمرت 44 بيتا و57 دكانا وتركت مئات بلا محل للارتزاق، وبعد أن سلبت منهم ثرواتهم وأثاثهم وملابسهم.

وانتقلت "حراء" إلى مكان الحادث لتشاهد آثار النكبة الأليمة، وترى مشاهد الهول المروع، ولمست حقيقة النكبة وواقعها، وتفاصيلها. ورحنا نبحث عن الحقيقة الضائعة، ونستطلع آراء المسؤولين، ومن أفواههم وأفواه بعض الناس الذين شاهدوا الحريق تطايرت الحقائق لتستقر بين أيدي المسؤولين. وهناك من قاعة الشفاء إلى باب العمرة من جهة وإلى باب الباسطية من جهة أخرى رأينا آثار الحريق تنطق بفظاعة الحادث، منازل أصبحت أنقاضا، حوانيت تحولت إلى خرائب وأطلال.

عيون دامعة تبكي موتاها، نفوس باكية تندب أموالها وممتلكاتها الضائعة، قتلى لا يزالون إلى حين كتابة هذه السطور تحت الأنقاض، أيد ترتفع وتنخفض تبحث عن الأرواح البريئة.

ولقد خيم على المكان صمت رهيب إلا من همهمات حزينة. إنه لمشهد يوحي بالفزع والهلع ويبعث الرعب والذعر في القلوب.وذهبنا نبحث عن مسؤول يساعدنا على اكتشاف الحقيقة الضائعة ويعيننا على معرفة القصة الدامية، قصة النكبة الأليمة، التي ستبقى ذكرى هولها ورعبها وآلامها منطبعة في قلب كل من رآها ومن سمع بها. وفي مقر المنطقة الأولى الذي لم ينج من النار وجدنا ضالتنا المنشودة الصاغ جعفر جمل الليل رئيس المنطقة، وجدناه وقد تراكمت أمامه الأوراق، وأحاط به المراجعون من كل جانب، وقلنا له إن الصحافة تريد أن تعرف القصة، لتنشرها على الرأي العام.

وما إن رحب بنا حتى انهالت عليه أسئلتنا الحارة الواحد تلو الآخر". ثم تورد الصحيفة نص الحوار الذي دار معه، وهو حوار مطول ورد فيه كل تفاصيل حادثة الحريق، ذكر خلاله أن الحريق بدأ الساعة الواحد و40 دقيقة مساء يوم الأحد من أتريك معلق بدكان عبد الحفيظ البخاري، وأنه شاهد الحادث بعينه منذ بدايته، وأبلغ المطافئ فجاءت بعد خمس دقائق، كما أورد أسماء بعض شهداء الحريق، وذكر أن النار شبت في 44 بيتا و47 حانوتا، وأن تعداد سكان حارة الشامية 50 ألف نسمة.

ثم تورد الجريدة نص حوار أجرته مع مدير عام فرق المطافئ فايز محمد العوفي، ذكر فيه أنه أبلغ بالحريق الساعة الثانية، وأصدر أوامره إلى جميع فرق مطافي مكة، فتوجهت فورا إلى مكان الحريق، ثم يذكر أنه "حين تطور الحادث وازداد اشتعال النار في عدة منازل اتصلنا بمطافئ جدة ومطافئ القصور في جدة أيضا ومطافئ المطار، وقد حضرت الفرق كلها فورا"، وذكر أن عدد الفرق التي شاركت في إطفاء الحريق عشر فرق، مكونة من 120 ضابطا وجنديا. ويبين في الحوار أسباب سرعة اشتعال النيران، كما يرد على بعض الشائعات وينكر صحتها. ثم تختم الصحيفة تحقيقها بحوار مع الرجل الذي بدأ الحريق من دكانه، فتقول: "وانتهزنا فرصة وجود صاحب الدكان الذي بدأ منه الحريق وقد جلس مطرق الرأس حزينا ساهما، ورفع رأسه بعد أن اقتربنا منه وندت من قلبه آهة طويلة وقال ابني، ابني، قلنا له وأين ابنك؟ فأجاب وعلى وجنتيه دمعتان كبيرتان لقد التهمته النيران، تركته يلعب مع أخته أمام الدكان كالعادة، وذهبت لصلاة العشاء، ومرت ثلث ساعة فقط وإذا بأصوات هالعة: حريق، حريق، النجدة، النجدة، وخرجت من المسجد مذعورا، ورأيت كأن قطعة من جهنم الحمراء قد نزلت في هذه المنطقة لقد أصبحت المنطقة كلها سعيرا مرعبا، حدث ذلك في غمضة عين ورحت أجري هنا وهناك فاقد الشعور.. ابني.. ابنتي.. أين أنت يا ولدي.. ولدي. وتركناه ونحن نسأل الله ـــ عز وجل ـــ أن يلهمه الصبر".

وتنشر "حراء" في العدد 112 الصادر يوم السبت التاسع من المحرم مقالة مطولة جدا للصاغ هاشم عبد المولى بعنوان "حريق مكة، حقائقه ونتائجه"، يفند فيها كثيرا من الشائعات التي انتشرت بين الناس.

تفاعل الشعب السعودي
تألم لمصاب مكة وأهلها كل سكان السعودية، ومنهم سكان مدينة الرياض، فبعث الأمير فهد الفيصل باسمه ونيابة عن سكان مدينة الرياض برقية إلى أمين مكة المكرمة يواسيه وأهل مكة على الكارثة التي حلت بهم ويعزي في الشهداء الذين توفوا في الحريق، كما أعلن في البرقية عن تقديم أمانة مدينة الرياض سيارة إطفاء مجهزة بكل المعدات إلى مكة المكرمة. كما دعا إلى اجتماع في مقر أمانة مدينة الرياض صباح يوم الخميس 14 المحرم 1378هـ، ووجه الدعوة إلى الوجهاء والتجار، وألقى فيهم كلمة مؤثرة حثهم فيها على التبرع لمصلحة منكوبي حريق مكة، ولاقت دعوته صدى جيدا، وتبرع عدد كبير منهم، كما تبرع فهد الفيصل بمبلغ 12 ألف ريال.

جريدة "عرفات"
كما جمعت التبرعات في مدينة جدة. وذكرت جريدة "عرفات" في عددها 28 الصادر يوم الإثنين 11 المحرم 1378هـ أن الملك سعود تبرع لمنكوبي الحريق بمبلغ 500 ألف ريال، وأن مجموع تبرعات أهل مكة 319435 ريالا، ومجموع تبرعات أهل جدة 724650 ريالا. كما ذكرت أن الأمير فهد الفيصل وجه الدعوة إلى وجهاء وأثرياء الرياض لجمع التبرعات لمصلحة منكوبي حريق مكة. ونشرت في صفحة أخرى من العدد نفسه مقالة تحث فيها المواطنين على التبرع، ومقالة لعبد العزيز الرفاعي حول مأساة المتضررين من الحريق، كما نشر في عدد يليه مقالة حول الحريق وجهها إلى أمين العاصمة المقدسة. وكتب الشيخ عبد الله خياط، إمام وخطيب الحرم المكي، مقالة مطولة في صحيفة "عرفات" بعنوان "نداء" يحث فيها الناس على التبرع لمصلحة المتضررين من الحريق. وفي الصفحة نفسها كتب أحمد زكي يماني مقالة يلوم فيها مركز شرطة الشامية، التي وقع الحريق أمامها وتأخرت في إطفاء الحريق، رغم أن النظام ينص على أن ذلك واجب على مركز الشرطة الذي يقع الحريق في دائرته. ووضعت صحيفة "عرفات"، التي تصدر في جدة، في رأس الصفحة الأولى وفوق شعار الصحيفة في عددين متتالين عنوانا عريضا بالخط الأحمر فيه دعوة للتبرع ومواساة المتضررين من الحريق.

ونشرت جريدة "عرفات" بتاريخ الثالث من صفر 1378هـ أن مجموع تبرعات الرياض بلغت 212200 ريال، وأوردت قوائم المتبرعين وعلى رأسهم الأمير سلمان بن عبد العزيز (الملك)، ثم الأمير فهد الفيصل، أمين مدينة الرياض، وصاحب الدعوة للتبرع بمبلغ 12 ألف ريال، والمتبرعون بالعشرات إضافة إلى بعض البنوك والشركات، ومن بين المتبرعين: عبد العزيز ومحمد الجميح، ومؤسسة بن لادن، ومحمد عمر باسودان، وكلهم بمبلغ عشرة آلاف ريال. وبمبلغ خمسة آلاف تبرع كل من: نسيب الرفاعي، وحمد وعبد العزيز بن سليم، وصالح الراجحي، ومسعود فهد بن رويشد، وعبد الرحمن المشعل، وعبد العزيز وسعد المعجل، وسليمان بن مقرن، وسعد التخيفي، وسعيد اليماني وأولاده، وعبد العزيز الحقباني، وإبراهيم الراشد الحميد وإخوانه، والمقاول حسن الفارسي، وسعد وفهد الرويشد، وحمد بن سيار وإخوانه.

وبمبلغ ثلاثة آلاف ريال تبرع: سليمان وعبد المحسن الرصيص، ومحمد السعد العجلان، ومحمد العبد العزيز النمر، ومحمد وصالح العلي الصانع. كما تبرع آخرون بمبالغ أقل، وفيهم الخير والبركة، ولكن لا يتسع المجال لذكر أسمائهم.

جريدة "حراء"
وأوردت جريدة "حراء" في عددها 111 الصادر يوم الأربعاء السادس من المحرم، قائمة بالمتبرعين من أهل مكة جاء في مقدمتهم صدقة وسراج كعكي بمبلغ 100 ألف ريال، والحاج عبد الله علي رضا بمبلغ 50 ألفا، وفاعل خير بمبلغ 25 ألفا، وشركة المصنوعات السعودية بمبلغ 25 ألفا، وعمر وعلي بوقري بمبلغ 20 ألفا، وصالح بوقري بمبلغ 20 ألفا، وآل سيت بمبلغ 15 ألفا، وتبرع بعشرة آلاف كل من: جميل عداس، وسليمان بوقري، وعبد الله سرور، وبثمانية آلاف جميل دهلوي، وأسعد وبكر جمال، وبمبلغ خمسة آلاف كل من: بكر تونسي، ومحمد عاشور، وحسين جستنية، وهاشم سندي، والدكتور حامد هرساني، كما تبرع آخرون بمبالغ أقل، وفيهم الخير والبركة، ولا يتسع المجال لذكر أسمائهم، وتتكرر القائمة مع إضافات في العدد 115. كما تنشر في العدد 115 قائمة من المتبرعين الذين دفعوا تبرعاتهم فعلا، ومقالة باسم الجريدة تثني فيها على تبرع صدقة كعكي، وتصفه برجل الخير والمحسن الكبير. وفي الأعداد و116 و118 و121 و126 تنشر أربع قوائم أخرى من المتبرعين الذين دفعوا تبرعاتهم فعلا.



"أم القرى"
وفي جريدة "أم القرى" جاء الخبر في العدد 1727هـ الصادر يوم الجمعة الثامن من المحرم، وفيه خبر تبرع الملك سعود للمنكوبين بمبلغ 500 ألف ريال. كما نشرت نداء من الغرفة التجارية الصناعية في مكة ترجو فيه أبناء الشعب السعودي إلى التبرع لمصلحة منكوبي الحريق الذي التهم دورا كثيرة بحارة الشامية، وتضررت منه أكثر من 70 أسرة من أهل مكة، و"راح ضحيته أرواح من الأهالي إلى جانب الدور التي هدمت والأموال التي فقدت". وفي الصفحة نفسها نجد تعليق الإذاعة السعودية وفيه أن لجانا ألفت لجمع التبرعات في مكة المكرمة وجدة والطائف وفي "باقي المدن السعودية". وفي العدد الذي يليه نشر أن وفد منكوبي الحريق جاءوا للسلام على الملك سعود في قصر الحوية في الطائف، وشكره على تبرعه. كما نشر نص برقية شكر للملك رفعها أحد المواطنين. ونجد في العدد نفسه مجموع التبرعات التي جمعت حتى يوم الإثنين 11 المحرم، وبلغت في مكة 351150 ريالا وفي جدة 852346 ريالا وفي الطائف 24440 ريالا. وفي العدد نفسه نص برقية بعثها رئيس بلدية المدينة المنورة إلى أمين العاصمة مكة يبين فيها عمق تأثر ومصاب أهل المدينة المنورة لما أصاب أهل حارة الشامية، وأن أهل المدينة المنورة شكلوا لجنة لجمع التبرعات لمساندتهم.وتحت عنوان "تقرير عن حادث الحريق... الشائعات التي يتناقلها الناس تبالغ في نتائج الحريق"، تنقل أ"م القرى" عن الإذاعة السعودية، وتقول الإذاعة إن الشائعات تكاثرت حول الحادثة، ولإيضاح الحقيقة أرسلت مندوبها لاستجلاء الحقيقة من أمين العاصمة عبد الله بن خثلان، ثم تورد حديثه المطول، وجاء فيه أن الحريق "جاء نتيجة لاشتعال ضوء الكاز من النوع المعروف بالأتريك في أحد الدكاكين المجاورة للمسجد الحرام قرب الشامية، ومن ذلك المكان أخذت ألسنة النيران تمتد إلى الحوانيت والبيوت المجاورة. وفي الحال هرع رجال المطافي بكامل معداتهم وعلى رأسهم الأمير عبد الله الفيصل وزير الداخلية، حيث أشرف بنفسه على عملية الإطفاء.

وفي الصفحة الأولى العدد 1729 من "أم القرى" الصادر بتاريخ 22 المحرم 1378هـ، تنشر الجريدة نص برقية بعثها رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو إلى الأمير فيصل بن عبد العزيز، رئيس الوزراء السعودي تعزية ومواساة لمنكوبي حريق مكة. كما تنشر نقلا عن راديو مكة خبر تبرع الحكومة الألمانية الاتحادية بمبلغ عشرة آلاف مارك لمنكوبي الحريق في مكة. وفي الصفحة الثانية نجد مجموعة من برقيات الشكر التي رفعها بعض منكوبي الحريق إلى الملك سعود. كما نجد خبرا عن تشكيل لجنة في مدينة الرياض بإشراف أمانة الرياض لجمع التبرعات، وأنها بلغت 175750 ريالا، ولا يزال "الاكتتاب مفتوحا".

وخبرا أن تبرعات أهل مكة بلغت 725727 ريالا، وتبرعات أهل جدة بلغت 882626 ريالا.

وتنشر الجريدة أيضا نص برقية بعثها الأمير فهد الفيصل باسمه ونيابة عن سكان مدينة الرياض إلى أمين مكة المكرمة يواسيه وأهل مكة على الكارثة التي حلت بهم ويعزي في الشهداء الذين توفوا في الحريق، كما أعلن في البرقية عن تقديم أمانة مدينة الرياض سيارة إطفاء مجهزة بكل المعدات إلى مكة المكرمة.

لا شك أن جريدة "البلاد" السعودية قد تناولت الحريق بالتفصيل، ولكن مع الأسف لم يتسن لي الاطلاع عليها، وكذلك جريدة "الندوة"، وغيرهما.

المصدر : صحيفة الاقتصادية 1438/7/17هـ | سليمان الحديثي من الرياض