سلسلة الورّاق المكي ( 1 ) حسن محمد شعيب
تحقيقًا لأهداف موقع قبلة الدنيا في التعريف بكل ما يتعلّق بمكة المكرمة , وما يُكتب عنها ولها في كافة المجالات المعرفيّة والثقافية , يسعدنا تقديم سلسلة ( الورّاق المكي) وهي عبارة عن سلسلة اسبوعية متنوّعة عن الكتب والكتبية في مكة المكرمة ..
وضيفنا الأول في ( الورّاق المكي ) هو الأستاذ حسن محمد شعيب , الذي تفضل مشكورًا بالإجابة على أسئلتنا له .
.
.
.
.
- خلف كتابك ( مكة التي في خاطري ) رغبة مُلحة في الكتابة والبحث عن فكرة , أم تنفيذ فكرة حاضرة فرضت نفسها ؟
إنما هي مكةُ الحاضرة على مشافِر قلمِي الذي يخفِضُ مِدادَهُ في كلّ مرّةٍ يعترفُ بفضْلِها ولا يَسيغُ إلا مواصلة الانكسار بشمُوخٍ في مَقامِها .
. حدثنا عن الكتاب ومضمونه والوقت الذي أخذه منك حتى يصل للمطبعة ؟
هو معظم ما خطه قلمي من مقالات طويلة وقصيرة وتقارير ولقاءات وتراجم في دائرة العشق للمدينة المقدسة مكة المكرمة خلال عشر السنوات الماضية ، جمعتُها تحت ذاك العنوان النفيس "مكة التي في خاطري" ليختزل تجربتي في الكتابة عن مكة ثم قسّمتُ كل ذلك إلى خمسة فصول تحت العناوين التالية : ثقافة مكة ، في رحاب الحرم المكي الشريف ، لقاءات مكية ، مكة في ضيافة الكتاب ، أعلام مكية .
وكانت رحلة الكتاب من الميلاد نصاً إلى المطبعة تصميماً ومراجعةً وصفاً ؛ شهراً كاملاً .. تُشكر في سرعة إنجازه دار النشر السعودية المتميزة "دار تشكيل" .
. تنفيذ مثل هذه الكتب يتطلب مساعدة من نوع ما أم هو مجهود شخصي بحت ؟
للمؤلف دوره المنوط به في كتابه ؛ كونه المسؤول عنه أولاً وآخراً ، والكاتب الحقيقي هو من يقوم بتسمية مولوده وتحنيكه بنفسه حتى يسلّمه ولداً صالحاً للناشر .
. إذا كان لكتابك مؤلفات مشابهة لهُ , فأين ترى موقعه بينهم ؟
في يقيني ليس سهلاً أن تكتب عن مدينة كمكة تلك الأم الجامعة لأفئدة العالمين ، وإن كان حقاً مشروعاً وحباً مباحاً لكل عاشقٍ لترابها يملكُ أدوات الكتابة عنها علماً ومعرفةً وأداءً ، وحسبُ الكتاب مكانةً وتشريفاً التصاقه بهذا الجناب الطاهر المقدّس .
. هل حرصت على أن تكون هناك إضافة جديدة مختلفة , أم هو مشروع يعتبر تتمة لِمَا صدر قبلهُ في ذات المجال ؟
تقريباً معظم ما يُكتب عن مكة الآن يميلُ باتجاه التوثيق لماضي المدينة وحاضرها القريب في امتداده السابق خلال قرون امتدّت مع أوّل تأريخ الأزرقي لها حتى قبيل سنوات قليلة ؛ وبالتالي فأي عمل لاحق الآن لا يخرج عن ذلك المسار الذي لم يُشبع حقيقةً حتى الآن رغم كل ما كُتب ، مع أهمية الكتابة عن مكة الجديدة التي يعيشها جيل اليوم ، وكما أشار شيخنا د.عبدالوهاب أبوسليمان في أكثر من لقاء له : بأن "مكة تحتاج إلى أزرقي جديد يكتب عنها الآن" ؛ ولعلي آخذٌ بطرَفٍ من ذاك الاتجاه في كتابي
بين مكة الأمس ومكة اليوم !
. عنوان الكتاب والاستقرار على تسميته .. حدثنا عن هذه المرحلة ؟
عتبة العناوين باتتْ اليوم مدخلاً جميلاً نحو الكتب التي تشرعُ نوافذَها في انتظار إغراءِ متلَقٍ مُثقَلٍ بالتسارع المعلوماتي الخاطِف وقد اقتطفتُ عنوان كتابي من حنجرة أم كلثوم وهي تغني للوطن كلمات الشاعرأحمد رامي ( مصر التي في خاطري وفي فمي .. أحبها من كل روحي ودمي ) فإن كانت مصر أم الدنيا ؛ فمكة قبلة الدنيا ومكة هي التي في خاطري وكفى .
. كيف يواجه الكاتب صعوبة البداية واستمرارية الإنجاز حتى يخرج عمله للنور ؟
لاشك أن للبدايات المحرقة نهايات مشرقة ، وليس أمام الاحتراق البدْئي إلا الصبر ورسم الرؤية التي يجب استحضارها دوماً حتى الوصول إلى لحظة القرْب من الإنجاز ؛ فالإبداع الحقيقي يُولدُ من رحِم المعاناة .
. " الكاتب المتخصص " مجرّد وسم أم قيد يمنع التحرر والكتابة في مجالات أخرى ؟
مع أهمية دور الكاتب المتخصص إلا أني أميلُ إلى دور الكاتب المثقف الذي يُدخل أنفه في كل شيء يُوقظُ الفِكرَ وينشرُ الوعيَ وحسب .
. كيف تُعرّفك مؤلفاتُك على القرّاء ؟ ماذا تقول عنك ؟
التأليف أولاً وأخيراً هو جمْعٌ يصبُّ في فكرةٍ مقصودة محمّلة برسائل ظاهرة وباطنة ، والمؤلّف الذكي هو من يكتنزُ كتابُهُ بوْحَهُ في أدقّ تفاصيله من الغلافِ سطحاً إلى المضامين عُمْقاً ، وعلى المتلقي الحصيف البحث للوصول ؛ فلا مكانَ هنا لمستعيرٍ رأيَهُ أو قارئ كسول ! وعموماً من يقرأ لي لن يخطئ : مكةَ الحب ، مكةَ التاريخ ، مكةَ الثقافة .. في جُلّ كتاباتي وكلي فخرٌ بذلك .
. ما الذي تفعلهُ القراءة المستمرة والاطلاع حتى تُكوّن كاتبًا جيداً ؟
من يقرأ كثيراً سيكتبُ يوماً ما ؛ والمجتمع الذي لا يقرأ ؛ لا يمكنُهُ إنتاجُ كتابٍ ، وبالتالي هو مجتمع بعيد عن بيئة المعرفة التي تصنع رقيّ المجتمعات ومدى تقدّمها وتحضرها المرتبط بمساحة الكتاب في معاشها اليومي ! والكتابة المؤثرة في النهاية هي وليدة القراءة الواعية .
. برأيك دور النشر تنظر أولاً لمضمون الكتاب أم لاسم مؤلفهِ ؟
تجربتي مع دور النشر – على قِصَرِها - تجعلني أصل إلى يقينٍ مبدَئي بأهمية جانبيْ الربح والانتشار لديْهم على حساب المضمون مع اعتباره وعدم إهماله ! وصدقاً ألتمس لهم بعض العُذر في ذلك - وإن لم يكن مُبرّراً خالصاً - لما يعانيه سوق النشر عربياً من أزمة مع نسب الطباعة والتوزيع والبيع والاستهلاك القرائي العربي مقارنةً بالمجتمعات الغربية !
لذلك فولادة كتاب جديد لمؤلف مغمور مكلّفة في البداية ومردودها معنوي فقط إن نجح .
. اختر كتابًا واحداً تمنيت لو كنت أنت مؤلفه ؟
الكتب مواليدٌ تحمل هويةَ وأنفاس أصحابها ؛ فلا يمكن – برأيي - تبنّيها مهما اتصفتْ جمالاً وكمالاً ؛ يظلُّ لكل كتابٍ تلك الروح المعلقة بمؤلفه ، وحسبي متعة مشاركةَ الجميع قراءة ذلك الجمال وبثّه بينهم ، ولعلي أتفق وكفى مع الكاتب الأمريكي "أناتولي برويارد" حينما قال : "عندما يهزني كتابٌ ما أتمنى وضعه في جيب كل من أعرف" !
. ما رأيك بمقولة : " الكتاب الجيد يفرض نفسه في نهاية الأمر " في الإشارة إلى فتح المجال للجميع للكتابة دون تضييق ؟
الكتابة الحقيقية المرتبطة بصاحبها فكرةً وأداءً ؛ تستحق النشر دون تضييق لاشك ، وفي نفس الوقت هي قابلة للنقد سلباً وإيجاباً ؛ فمن ألّف ؛ استهدف ! ولكنّ الكارثة الحقيقية في المُزيِّفين المُزيَّفينَ الذين يُكتَبُ لهُم ، ويُبحثُ لهم ، ويُؤلّفُ لهم ؛ ثم يتصدّرون الإعلام وتسقطُهُم ألسنتُهم مع أول كلمةٍ يهذرونها غروراً وتعالياً ينبئ عن فراغهم سريعاً !
. لو خُيّرت ماذا تفضل : اقتران اسمك بكتاب انتشر وبلغ نجاحهُ الآفاق أم بجودة إنتاج متجددة بغض النظر عن نجاحها وانتشارها ؟
يحضرني هنا قولٌ للناقد "وليم غاس" : "إذا كنت تكتب بشكل رديء سيصبح لك جمهور وإذا كنت تكتب جيداً سيصبح لك قرّاء" ؛ فنجاح الكتاب الحقيقي – برأيي - مع القرّاء الحقيقيين ، وتظل ذائقة الجماهير متقلبة ؛ والحصيف لا يتعلّق بتلك القشة !
. اختر لنا كتابًا من أثمن ما أُهديتَ ؟
كان أول كتاب يُهدى لي على الإطلاق ، وأول كتاب أقرأه ثلاث مرّات طفلاً ويافعاً ورجلاً ، هو كتاب ( أدب الدنيا والدين ) للإمام الماوردي ، كان هديةً عزيزة جداً من والدي رحمه الله وكنتُ في التاسعة ..
ومن جميل القدر أني جمعتُ في هذا الكتاب بين القراءة الذاتية والإقراء الجمْعي في أحد الدروس مع طلبة العلم حتى ختموه قراءةً عليّ ، ولله الحمدُ والمنّة .
- ما أهمية أن يكون هناك منصة تعريفية وتسويقيّة للكتاب المكي ؟ وهل ترى في موقع ومتجر قبلة الدنيا دورًا في ذلك ؟
كل مدينة تحمل إرثًا تاريخيًا وعمقًا ثقافيًا , يُعد ما كُتب عنها رصيدًا مهمًا ينبغي تيسير الوصول إليه عبر بوابة معرفيّة قادرة على الربط السريع مع مصادر تلك الكتب , ومكة قبلة المسلمين بالعالم تستحق أن يكون لها تلك المنصة متعددة اللغات , خدمة للباحثين الذين يمثلون خمس سكان العالم .
ولا شك بأن موقع قبلة الدنيا بتجربته المعلوماتية التي جاوزت 15 عامًا ومتابعته الحثيثة للحصول والإعلان عن كل ما يكتب عن مكة
المكرمة ( مقالات _ تقارير صحفية _ كتب _ دراسات _ أبحاث ) جدير وحقيق بأن يكون أحد أهم المواقع الإلكترونية المرتبطة بالنتاج
الثقافي والفكري عن هذه المدينة المقدسة .
كلمة توجهها لموقع ومتجر قبلة الدنيا مكة المكرمة ؟
شهادتي مجروحة في هذا الموقع المكي الأصيل , كوني أحد المشاركين في محتواه المعرفي خلال سنوات مضت كنتُ مشرفًا ومشاركًا فيه , وهو بحق يمثل أحد مصادر المعرفة المهمة عن مكة المكرمة على الإنترنت ( تراثًا وثقافة وتاريخًا ) ومتابع بشكل مميز لكل الأحداث والفعاليات المكية المؤثرة على الساحة , إلى جانب تلك الروابط المعرفية مع أعلام ومؤسسات المجتمع المكي .. وكل الشكر والتقدير لمؤسس الموقع الأستاذ حسن مكاوي على جهوده الكبيرة لمواصلة الموقع مسيرته عبر تلك السنين مع التطوير والتحديث المستمر والمواكب لكل جديد .
من اعداد : ضحى الحرازي ( إدارة المحتوى بموقع قبلة الدنيا ) | تم النشر في 1439/2/3هـ
0 تعليقات