سلسلة ( هاجر ) .. المرأة والوقف 2-3 | السيدة فاطمة يوسف قطان
استكمالاً لسلسلة ( هاجر ) التي تُسلط الضوء على أبرزالوقفات المشرقة للمرأة المكية في التاريخ المكي .. نكمل الجزء الثاني تحت عنوان ( المرأة والوقف ) .. بالحديث عن السيدة الفاضلة فاطمة قطان رحمها الله , والتي كان لها موقفًا تاريخيًا مع ابن أخيها السيد عباس قطان_ رحمه الله_ أمين العاصمة المقدسة آنذاك , في المحافظة على مكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم .
( 2 )
السيدة فاطمة بنت يوسف قطان - رحمها الله -
عرفت المرأة المكية في التاريخ القديم والحديث بخصائص وصفات: الوفاء والإخلاص والبذل والسخاء، والصبر على الزوج والحنو على الولد , والشجاعة.
ولو قلبنا صفحات التاريخ المكي بعد السيدة خديجة، وعائشة، وأم هاني ، وفاطمة، وأسماء - رضي الله عنهم - أجمعين لوجدنا غيرهن ممن لا يتسع المجال لذكرهن من المكيات اللاتي ملأن صفحات التاريخ نورا وجلال، وجمالا , وسنجد سلسلة بديعة متصلة مرصعة بأجمل النماذج المشرقة الخالدة.
ومن المدونات التاريخية التي اهتمت بالعالمات من مكة المكرمة لمن أراد التوسع في المعرفة، رسالة الماجستير للدكتور: إبراهيم بن حمود المشيقيح التي كانت بعنوان (تاريخ أم القرى ومكانة المرأة فيها من خلال الدر الكمين).
أما السيدة فاطمة بنت يوسف القطان _رحمها الله تعالى _فقد عاشت في العهد السعودي الزاهر، معاصرة للملك عبد العزيز - رحمه الله تعالى - وكانت عمة للشيخ عباس قطان أحد أشهر أمناء العاصمة المقدسة , وتميزت عن سواها بخدمة العلم والثقافة من خلال أوقافها.
فلقد قامت بتقديم طلبًا للملك عبد العزيز - رحمه الله تعالى -أن تقوم بإعادة بناء مكان مولد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بشعب على بن أبي طالب - رضي الله عنه - , ليكون مكتبة يؤمها العلماء وطلاب العلم والباحثون.
كما طلبت إعادة بناء دار الأرقم بن أبي الأرقم لتكون مدرسة للحديث النبوي الشريف. وكذلك إعادة بناء دار السيدة خديجة - رضي الله عنها - لتكون مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم.
وبعد استشارة جلالته للعلماء، تحققت أمنيتها عندما خرجت للمواقع الثلاثة صكوكا صادرة من المحكمة الشرعية الكبرى ,تبين مشروعية
إعمار تلك المعالم الإسلامية التاريخية، وتوظيفها بما يحقق المقاصد الشرعية.
ولقد كان لهذه السيدة الفاضلة وابن أخيها الشيخ عباس قطان - رحمها الله - الفضل في المحافظة على الأوقاف التاريخية العظيمة .
لقد خرجت مدرسة دار السيدة خديجة - رضي الله عنها -، ودار الأرقم ابن أبي الأرقم أجيالاً من العلماء وحفظة القرآن الكريم.
أما مكان المولد النبوي الشريف فبعد أن تحول لمكتبة تحوي النفائس من الكتب المطبوعة والمخطوطة، فقد جمعت فيها مكتبات
عشرين مكتبة من مكتبات كبار علماء مكة المكرمة , ويتردد عليها العلماء والباحثون من داخل المملكة وخارجها وهي أحدى
معالم مكة المكرمة الثقافية الباقية.
لقد أسهمت هذه السيدة العظيمة فاطمة بنت الشيخ يوسف قطان ببذلها السخي في المحافظة على تاريخ الأمة وتراثها.
وستظل مكة إن شاء الله - تعالى -مصنع النبلاء من الرجال والنساء في القديم والحديث، وستبقى تجلياتها المباركة إلى أن تقوم الساعة.
فلم تقتصر أوقاف السيدات الفضليات في أم القرى على المساجد والأرامل ، والفقراء والمساكين ، والمسجد الحرام بل أن البصمة العلمية لسيدات مكة المكرمة واضحة ولم تكن السيدة الفاضلة فاطمة القطان متفردة بها بل هناك المثيلات لها من المنشغلات بشؤون العلم
والثقافة كالسيدة الجليلة: صولت النساء التي تنتسب لها المدرسة الصولتية المعروفة عند أهل مكة.
ولقد أسستها من حر مالها عام 1290هـ، وبارك الله - سبحانه - وهو الكريم فيها فتخرج منها كبار علماء مكة وقضاتها، ولا زالت
تؤدي رسالتها كاملة حتى وقتنا الحاضر .
المرجع : الملتقى السنوي الثاني عشر للأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت
بقلم الدكتورة : نورة حسن قاروت
- ( دكتوراه في الشريعة والدراسات الإسلامية / الفقه والأصول )
- أستاذ مشارك بجامعة أم القرى .
أعدّه ونسقه للنشر بالموقع .. عضو إدارة محتوى قبلة الدنيا :
ضحى الحرازي
0 تعليقات