أحمد السباعي .. شخصيّة ثريّة تحسبه مجموعة من الرجال
كثيرون هم الذين يعرفون الشيخ المؤرخ الاديب القاص الصحافي المؤسس والتربوي الرائد في وضع المناهج الدراسية أحمد السباعي -يرحمه الله- ويظل كل واحد ممن يعرفه يحتفظ لنفسه بجزء من تلك المعرفة.. وغالباً ما يشترك الناس جميعهم في معرفة أي شخصية عامة مثل شيخنا السباعي -يرحمه الله- لكن حياة شيخنا السباعي فرضت ان تكون له معرفة خصوصية عند البعض هي غير معروفة عند البعض الآخر، فما يعرفه المطوفون عن الشيخ أحمد ا لسباعي المطوف غير ما يعرفه الأدباء عن أحمد السباعي القاص والصحافي والمؤرخ.
ما يعرفه هؤلاء لا يعرفه الموظفون وعمال المطابع الذين يرون فيه المدير الحازم والتاجر الحريص اما الذين عرفوه عند نشأة المسرح ولقائه معهم اثناء تدريباتهم فهم يرون فيه الرائد والحلم.. ويجدونه الشيخ الذي يتحلى بروح الشباب وطموحاته ويتعامل معهم بمستوى تفكيرهم.. ويتفاعل مع قضاياهم وكأنه واحد منهم.
شيخنا أحمد السباعي رائد علم في كل هذه المجالات حتى تخاله مجموعة من الرجال في شخصية واحدة ومجموعة من الاعلام
يحملها مساراً واحداً.
لكن هناك من عرفوه بعيداً عن كل تلك المواقف مع تواجدها في كل الظروف.. معرفة اكثر صدقاً وادنى منزلة تغلب عليها عاطفة الابوة..
وتغلفها شفافية الريادة.. ويزينها صفاء النفس.. واعتقد انهم قلة.. لكن هذه القلة في حياة السباعي يرحمه الله هي من الكثرة ما تجعلهم يعتقدون بانهم هم المحظيون فقط ولا ابالغ إذا ما قلت ان هناك من الناس من احتفظوا بمواقف وذكريات معه.. حتى لاقى وجه ربه ومنهم من يحتفظ بما لو جمع لشكلت مجالاً آخر في دراسة هذه الشخصية الغنية في ذاتها الثرية في عطائها.
ولعلي ازعم.. أو من حقي ان ازعم اني حظيت بجانب من معرفة الشيخ أحمد السباعي -يرحمه الله- قد لا تتاح لكثير من هم في سني وعمري.. وامثالي للفارق العمري والثقافي الكبير لكنني اعترف ان هذه المعرفة اضافت الي الكثير في سن مبكرة جداً وان كنت حينها لم ادركها لكني اخذت احصد ثمارها في المرحلة الجامعية.. وكي لا اطيل اقف معكم عند معرفتي بهذا العلم الرائد الشيخ أحمد السباعي -يرحمه الله-.
من هنا كانت البداية
عندما كنت صبياً يافعاً كنت اتوق لزيارة عمتي شقيقة والدي المقيمة في منزل العائلة للشيخ أحمد خليفة النبهاني -يرحمه الله- الذي كان يرعى بنات اخيه موسى -يرحمه الله- منها.. وكان الشيخ أحمد خليفة -يرحمه الله- عطوفاً حنوناً على جميع اطفال العائلة وكان في مقدمتهم ابناء ابنته من الشيخ محمد البناني واكبرهم فضيلة الدكتور احمد محمد البناني.. عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى.. واخوانه واخواته الكرام ولما لوالدي من منزلة عنده ولما لعمتي من مكانة.. كان يعتبرني من ابناء العائلة.. ذلك الحنان جعلني استهوي الجلوس عند عمتي لاحظى برؤية الشيخ أحمد والاستماع اليه ومعرفة بعض من يحضرون ساعة الضحى عنده.
كان بيت الشيخ أحمد خليفة يقع خلف (بازان الشبيكة.. وبيوت الازهر) الواقعة على ناصية الطريق الموصل بين (باب العمرة الشبيكة إلى حارة الباب) والبيت في (الزقاق) الرابط بين هذا الطريق وطريق القادم من جبل الكعبة (المقتطع) عند مسجد خالد بن الوليد. وكان في مدخل بيت الشيخ أحمد (دكتان) مفروشتان يستريح بهما ضيوف الشيخ أو أحد المارة.. من تعب المشوار وحرارة الصيف.. فقد وفر (الزقاق) للدكتين هواء طيباً رطباً وكان مكتب الشيخ أحمد على يمين الداخل ويرتفع عن الدكة بدرجتين وكانت مساحته لا تزيد عن 3×4م.. غير ان هذا المكان شهد اجتماع النخب الفكرية في مكة المكرمة وكانت تعرف بجلسة (الضحوية) الضحى مع (التَّلبيبة) ومن رأيتهم في ذلك المجلس الكريم الأستاذ عبدالله عريف والاستاذ محمد حسين زيدان والاستاذ حسين عرب مدير عام وزارة الداخلية حينها والشيخ عبدالله أحمد كعكي والشيخ الاديب أحمد السباعي يرحمهم الله جميعاً، وعرفت الشيخ السباعي عندما سأل عني الشيخ أحمد واخبره باني ابن الشيخ ماجد فيروزي وعمته زوجة اخيه موسى يرحمه الله كانت تلك البداية ثم تكررت في بستان عرفة الذي احياه الشيخ أحمد خليفة والتابع لمصلحة عين زبيدة والذي كان مصيف الشيخ أحمد الذي جهز لضيوفه فيه (ديواناً) جميلاً مطلاً على (البركة) -المسبح- الذي يستغل ماؤه أيضاً في ري الزراعة والحمضيات.. ومع استمرار الرؤيا والمشاهدة اصبحت لدي الجرأة في السؤال وكان الشيخ أحمد السباعي يجيب برحابة صدر ولم يتأفف يوماً من أسئلة الصبي (الذي هو انا).
لقائي بعد الخلاف معه
احيل الشيخ أحمد خليفة إلى التقاعد بحكم بلوغه السن القانوني لكن الوشاة واعرف منهم الكثير اقنعوا الشيخ أحمد خليفة ان من كان وراء احالته إلى التقاعد هو والدي الشيخ ماجد عمر فيروزي القائم باعمال المصلحة في غياب مديرها الشيخ أحمد ووكيل المصلحة فنشأ بينهما خلاف شديد ادى إلى القطيعة بينهما ولما كنت قد دخلت إلى المدرسة اصبحت استوعب ما يدور حولي. وذات مساء اقبلت على الشيخ احمد وهو عند والدته فسلمت على يده ورأسه كعادتي ثم قلت له (اعرف انكم ووالدي على خلاف.. بس انتُ اخوان وكبار وبكرة ترجعوا لبعض وانا مالي دخل في خلافكم) فما كان من الشيخ أحمد الا ان ضمني إلى صدره وبكى وقبل رأسي وقال: (انت ولدي واخصرك منهم.. وابوك اكسب رضاه.. وهذا بيتك).
كان كثير من اصحاب الرأي والفكر قد تأثروا بما سمعوا من وشاية.. واعتبروها حقيقة فانحازوا إلى جانب الشيخ أحمد واتخذوا موقفا من والدي ومنهم الشيخ عبدالله كعكي والشيخ أحمد السباعي، والبعض الآخر اتخذ موقفاً عدائياً جاء ضد والدي ولما كنت قد اصبحت يافعاً ادرك ما يدور سمعت الشيخ أحمد السباعي يقول للشيخ أحمد خليفة: هذا الولد برضوا يجي؟ ما يعرف انك زعلان من ابوه؟ قال الشيخ أحمد خليفة: يا شيخ أحمد.. هذا من احباب الله وليس له ذنب وهذا ابني؟
بقيت الكلمات ترن في اذني ومرت سنوات وانتقل الشيخ أحمد خليفة الى القاهرة مع زوجته أم محمد وكنت عابراً من دكان الميره في الشبيكة إلى سوق الصغير مرسولاً من والدي فوجدت الشيخ أحمد السباعي جالساً على دكة (كرويته) من خشب تحت (بيت العلاف) القائم على ميدان الشبيكة المؤدي إلى باب العمرة والى سوق الصغير.. فوقفت اسلم عليه.. فمن ما تعلمنا انه من الاحترام إذا رأيت كبيراً تعرفه ان تقف وتسلم عليه ثم تستأذنه في الانصراف.. غير اني وقفت اسلم عليه واسأله.. فقال لي: يا واد انت ما تعرف اني متخاصم مع ابوك.. تبغى تمتحني معاه؟ قلت يا عم أحمد هذاك ابويا وانا ماني متخاصم معاك؟ قال الشيخ الوالد أحمد السباعي. طيب ايش تبغى؟ ليش سموها حلاوة ديبا؟ فأجاب وسألت قال طيب اجلس وجلست إلى جواره واسأل ويجيب دون ملل. ثم استأذنت وانصرفت.. فلما عدت لوالدي الجالس في دكان الميره وجدته غاضباً من تأخري.. فاخبرته اني وجدت الشيخ السباعي وسألته واسمعته بعض اجاباته. فكان ذلك شفيعاً لي من عقاب ابي والذي قال لا تثقل على هذا العالم هذا مؤرخ واديب كبير.. ثم شرح لي.. حينها عرفت منه من هو الشيخ أحمد السباعي.
في مطبعة قريش
كنت قد اصبحت في سن الشباب المبكر واصبحت في نهاية المرحلة الابتدائية وتعلقت بهواية الصحافة إلى جانب ممارسة الكشافة والمسرح والاشغال اليدوية في معارض التربية الفنية.. فاخذت ابعث إلى مكتب جريدة البلاد بمكة اخبار المدرسة الخالدية الابتدائية.. يوم كان الأستاذ محمد عمر توفيق مديراً لمكتب البلاد والاستاذ عبدالغني قستي مشرفاً على زاوية دنيا الطلبة وهي الزاوية التي ظهر فيها كوكبة من الشباب منهم معالي الدكتور محمد محمود سفر ومعالي الدكتور محمد عبده يماني، اما نجوم مكتب البلاد بمكة يومها فهما السيد عبدالله عبدالرحمن جفري واحمد الكثيري ومن الناشطين فيه الاساتذة عبدالله عمر خياط وعبدالله أحمد الداري وعثمان محمد مليباري، اما الماسترو فكان الأستاذ عبدالغني قستي.. وكان مكتب جريدة البلاد في المروة بالقرب من إدارة عين زبيدة.. وبقدر ما كنت معجباً باولئك الاساتذة الاعلام اشتقت ان اتعلم كيف تكون الصحيفة وكيف تعد وكيف تصف.. وكيف تطبع؟ فما كان امامي إلا الاتجاه الى شيخ الصحافيين الأستاذ أحمد السباعي صاحب مجلة قريش التي كانت تطبع بقياس (التابلويد) وهو يمثل مقاس ملحق الأربعاء.. وكان موقع مجلة قريش ومطبعتها في منطقة (البيبان) بجوار (المسرح) ومازال المبنى قائماً حتى الآن.. وكان الأستاذ أحمد السباعي يستمتع بالجلوس على (الكرويتة) الدكة الخشب خارج المبنى في ساعة الضحى.. وبعد صلاة المغرب إلى العشاء وكثيراص ما كنت ترى جلوساً عنده عدد من الأدباء الاعلام. وكثيراً ما كان الأستاذ أحمد عبدالغفور عطار يأتي اليه ماشياً من منزله القريب من المطبعة وهو (بالفوطة والفنيلة نصف كم ابو عسكري) والاستاذ محمد عبدالله مليباري وبعد المغرب يكمل العدد وكانت الحياة بسيطة وجميلة تتمتع بالصفاء الروحي.
ذهبت للشيخ أحمد السباعي ارجو ان يعلمني كيف تكون الصحيفة.. قال لي: ابوك يعرف؟ قلت نعم. فاستخدم الجرس حتى إذا حضر (الفراش - المراسل) قال له: ازهم محمد صحاف؟ كان محمد صحاف كبير عمال المطابع وهو المسؤول عن المطبعة.. حضر الصحاف فقال الشيخ أحمد: خذ هذا وعلموا.. عشان يصير صحفي؟ ضحك محمد الصحاف وقال: حاضر وصحبني إلى المطبعة.. وعهد بي إلى فني صف الحروف اخذ يعلمني ما هو البنط وما هو الكور وكيف تجمع الحروف على المسطرة.. ثم كيف نضعها في مكانها من المقال ونجعل الفواصل بينها ثم إذا اكتملت الصفحة كيف نحزمها في إطار الرصاص ثم نشد عليها بالدبارة شداً محكماً لا يسمح للحواجز ان تتخلخل ثم بحبارة الطابعة وغررها على الحروف المصفوفة ثم نضع عليها صفحة بيضاء ونمرر حبارة جافة أخرى عليها لتطبع الصفحة المزودة بالحبر. ثم نأخذها ونبدأ التصحيح على تلك البروفة. وبقيت في هذا القسم اكثر من ثلاثة اسابيع وكل يوم يسألني قبل مغادرتي هل تعلمت شيئاً.. اقول له نعم يقول لا ليس بعد. حتى إذا كان اليوم الثاني اجتهد وهكذا حتى كان الأسبوع الرابع احضرني قبل موعد الانصراف واخذ يسألني أسئلة كثيرة عما تعلمت وكأني في صالة اختبار ثم طلب حضور الصحاف وقال له: كفاية عليه كده من بكره خليه يتابع الطباعة.. أي المنتج من الماكينة.. وكانت (الملزمة) وهو فرخ الورق. يسلم لي مطوي طياً يدوياً وعليه مراجعة الملزمة اذا كان بها خطأ طباعي أو ضعف في ضغط حرف في كلمة أو كلمة في سطر.. وهكذا وبعد ثلاثة اسابيع احضرني الشيخ واخذ يسألني وانا اجيب، ثم اخذ يسألني عن الموضوعات التي راجعتها وكل موضوع عما يتحدث.. فكنت اتلعثم.. فأعادني.. وهذا الموقف لفت نظري إلى ضرورة الاستفادة مما قرأت وراجعت. وبقيت اسبوعين اخرين ثم استدعاني واعاد علي استفساراته واسئلته.. فكانت اجاباتي افضل من المرة الأولى وبنسبة كبيرة.. ولما كانت (قريش) مجلة ثقافية اجتماعية.. كان هذا المفهوم مفهوماً واسعاً يتناول كل الفنون والابداعات ولهذا فان مراجعة تلك المواد تنمي المدارك وتقوي الاستيعاب وتطور اسلوب القراءة، وبعد ان اجبت على اسئلته قال لي: هيا اجلس هنا وخذلك فنجان شاهي؟ قلت يا أستاذ؟ قال اصبحت رجلاً وحق ان تجلس في مجالس الرجال.. هذه الكلمة ارتجف لها قلبي وارتدعت منها مفاصلي.. وتضخمت معانيها في ذهني، جلست وناولني الفنجان الذي تناولته في هجل ووجل ثم اخذ يحدثني عن بعض فكره وارائه مما سبق لي قراءته.. فاذا بي امام موسوعة من العلوم والمعارف ثم قال لي: يمكنك تدخل المكتب وفيه كتب في الدولاب.. اقرأ لطه حسين وتوفيق الحكيم وفي مكتبه رأيت لأول مرة اعداد من (الرسالة، والمقتطف، المصري، المقطم) هذه الاعداد أول ما رأت عيني من صحافة مصرية أو خارجية.. وهذه الصحافة هي النبراس للصحافيين العرب.
بقيت اسبوعين اقرأ من مكتب الشيخ السباعي.. وكل يوم يطلب مني ملخصاً عما قرأت كانت تلم ملخصات شفهية ثم طلبها مكتوبة واخذ يسمعني كيف يمكن ان احسن خطي.. بعدها استدعى الأستاذ علي مهدي الشنواح سكرتير تحرير قريش وطلب منه اصطحابي معه ويبدأ في تدريبي باعادة صياغة عناوين الاخبار ثم الاخبار.
امضيت اربعة اشهر في مطابع قريش ومجلتها ورئيس تحريرها معلمي الشيخ أحمد السباعي في تلك الفترة رأيت الأستاذ اسامة السباعي الذي كان يتخصص في الصحافة بالقاهرة اربعة اشهر كانت بمثابة اربع سنين.. ومع بداية العام الدراسي.. توقفت مستئذناً من الشيخ الذي سلمني ظرفاً وقال لي: هدي هدية افتحها في البيت؟ وكنا نسكن في العتيبية فاذا هو مبلغ (300 ريال) أول مبلغ في حياتي في الصحافة.. وفي اليوم الثاني ذهبت اليه خجلاً مكسوفاً من المبلغ وارغب في اعادته فقال لي المعلم (اشترِ بها كتباً) وكانت تلك الكتب نواة مكتبتي الخاصة والتي اخذ والدي يشجعني على تنميتها.. واهداني العديد من الكتب اولها كتب المنفلوطي (النظرات - العبرات).
السباعي .. والتلفاز القطري وانا
مرت الأيام واصبح الشيخ محمد آشي مديراً لعين زبيدة بترشيح من الشيخ محمد سرور الصبان وانكشفت حقيقة المرجفين فعادت علاقة الشيخ أحمد السباعي مع والدي فزادت زيارتي له كلما سنحت فرصة الشيخ.. وعرفني على معظم الاثار الاسلامية التاريخية في مكة المكرمة وفي عام 1393هـ وبعد ان تزوجت حدثني العم عبدالله عبدالرحمن بخاري والد الاستاذين الكريمين فوزي وفريد بخاري حدثني كثيراً عن الشيخ أحمد السباعي فقد عمل معه في الطوافة وفي المطبعة ومع جلساء بعض مجالسه الخاصة، فزاد اعجابي ومحبتي للشيخ أحمد السباعي. وذات يوم من عام 1397هـ اتصل بي الأخ محمد رجب لوجود وفد من تلفاز قطر يرغب معرفة شيء عن عين زبيدة.. وهم في فندق قصر الكندرة بجدة.. التقيت بهم وكان الأستاذ فوزي الخميس كبير المذيعين بتلفاز قطر رجلاً واسع الاطلاع.. تحدثنا كثيراً وتجولنا على آثار مكة ثم عرضت عليهم زيارة مؤرخ مكة الشيخ أحمد السباعي.. وقد كان وأخذت موعداً لهم.. وفي هذه الزيارة اجرى الأخ الصديق فوزي الخميس حواراً مع الشيخ أحمد الذي حدثه كيف كان سقف المسجد الحرام وانه مكون من سقفين.. ولماذا.. كان الشيخ أحمد السباعي طلب مني ان اجلس بجواره اثناء التسجيل قائلاً بلطفه وروحه المرحة.. (اجلس جنبي وإذا شفتني خرجت عن الموضوع اضغط على رجلي.. يعني فرمله حجر عشان انا زي الزيارة اللي في الدحديرة.. بس بشويش مو تكسر رجلي) ضحك الجميع وجلست متشرفاً بجواره.. دام الحديث خمسين دقيقة.. وعندما غادرنا مجلسه بداره العامرة بمحلة البيبان.. قال فوزي الخميس (هذا الكنز لم يكتشف ولو كان في مصر لطنطنت وسائل الاعلام.. نحن حصلنا واكتشفنا كنزاً لم يسبقنا اليه أحد. عندما وصل فوزي الخميس إلى موقعه جعل عنوان تلك الحلقات (الحج الاكبر) وما ان اذاع تلفاز قطر تلك المقابلة التي لم نشاهدها.. فقد كان البث محدوداً في داخل كل دولة.. لكني تلقيت العديد من الرسائل والاتصالات وبخاصة من اعضاء هيئة التدريس بالجامعة القطرية.. الذي زار بعضهم الأستاذ في منزله. رحم الله الشيخ المعلم الرائد العلم أحمد السباعي.. فهو ثروة في حياته وكنز بعد رحيله لم يدرس كما يستحق ولم يتابع انتاجه كما ينبغي.. ولو اردت الحديث عما تعلمت منه وتعرفت عليه لطال بي الحديث وهو اقل الحقوق له.. لكني اطمع ان اجد دراسات متعددة عن حياته واثاره وعلاقاته ومرحه ومواقفه وفلسفته.
احمد السباعي ما زال كنزاً يستحق البحث عنه.. واليوم الذي نتمكن من دراسة روادنا سوف نعلم كم كان جيل من الرجال يستحقون الحياة.. والانتماء والوفاء.. رحم الله أحمد السباعي وجميع اموات المسلمين رحمة الابرار.
كتبه المؤرخ والإعلامي : هاني ماجد فيروزي _ رحمه الله _
0 تعليقات