مؤتمر العالم الإسلامي الأول بمكة المكرمة
موضوع الاجتمــاع : أول اجتماع في تاريخ المسلمين .
مكان انعقاد الإجتمـاع : المملكة العربية السعودية - مكة المكرمة
تاريخ انعقاد الإجتمـاع : يوم الاثنين بتاريخ 26 / 11 / 1344هـ
جــدول الأعمال : برنامج المسائل التي يبحث فيها المؤتمر الإسلامي العالمي
( الفصل الأول – البلاد وحكوماتها ) :
استقلال الحجاز التام المطلق / إدارة حكومة الحجاز وكونها مقيدة بالشرع والشورى الشرعية ، كون الحجاز قطر سلم وحياد ، والوسائل لإعتراف جميع الدول ذات الشأن بالإعتراف بذلك
( الفصل الثاني – مصالح الحرمين الشريفين )
- إحصاء أوقاف الحرمين الشريفين في الحجاز وفي سائر الأقطار ، ومنها سكة الحديد الحجازية ، ووسائل عمران ما في الحجاز منها وضبط ما في الخارج والحصول على ريعه ، ووضع نظــــام إحصاء أوقاف الحرمين الشريفين في الحجاز وفي سائر الأقطار ، ومنها سكة الحديد الحجازية ، ووسائل عمران ما في الحجاز منها وضبط ما في الخارج والحصول على ريعه ، ووضع نظام لصرف كل ريع يصل إلى حكومة الحجاز من هذه الأوقاف فيما تقتضيه المصلحة ، مع مراعاة الأحكام الشرعية .
- إصلاح غين زبيدة ومجاريها وجعل مستودعاتها في مكة ومنى وعرفات صحية وكافية لأهل البلاد والحجاج.
- تنظيم مصلحة الصحة في البلاد والمعاهد التي يطرقها الحجاج والزائرون .
- اتخاذ الوسائل للانتفاع بذبائح النسك واتقاء ضرر كثرتها وتركها عرضة للفساد وإفساد هواء المكان الذي تترك فيها.
- اتخاذ الوسائل لإحياء علوم الإسلام ولا سيما التفسير والحديث ووسائلها من متن اللغة العربية وفنونها في الحرمين الشريفين بحيث يكونان مثابة للمسلمين لتلقي العلوم في كل نوع منها ، كما أنها مثابة لهم في أعمال النسك وإقامة ركن الإسلام الاجتماعي الأكبر.
- إنشاء مدرسة خاصة في الحجاز لتخريج طائفة من العلماء بتربية خاصة وتعليم تكون بها أهلاً للقيام بما أمر الله تعالى في قوله (( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )) وما نهى عنه في قوله تعالى (( ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم )) .
- وضع نظام لتعارف المسلمين وتآلفهم في حرم الله تعالى وتحقيق معنى الأخوة الإسلامية بينهم على اختلاف مذاهبهم وأجناسهم.
- النظر في الوسائل لمساعدة العالم الإسلامي على تنفيذ ما يقرره المؤتمر من الإصلاح.
- وضع نظام لجعل هذا المؤتمر الإسلامي سنوياً.
حفل الافتتاح :
في يوم الاثنين الموافق 26 ذي القعدة 1344هـ ، وفي الساعة الثانية والدقيقة الخامسة صباحاً ( ظهراً ) شرّف حضرة صاحب الجلالة المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - مقر المؤتمر ، ودخل الحجرة الخاصة بجلالته فاستراح قليلاً حتى إذا كانت الساعة الثانية والدقيقة السابعة عشر ، طلع إلى المؤتمر وجلس في كرسي الرئاسة ، وافتتحت الجلسة بتلاوة بعض آيات الذكر الحكيم ، وبعد الفراغ منها أودع جلالته خطابه الملوكي إلى حضرة صاحب الفضيلة الشيخ حافظ وهبه - رحمه الله ، فتلا الخطاب الملوكي ، التالي نصه :
كلمة جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود :
(( الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله )) والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله ، وآله وصحبه ومن والاه .. أما بعد : فإني أحييكم ، وأرحب بكم ، وأشكر لكم إجابتكم الدعوة إلى هذا المؤتمر .
أيها المسلمون الغيَر .. لعل اجتماعكم هذا ، في شكله وموضوعه ، أول اجتماع في تاريخ الإسلام ، ونسأله تعالى أن يكون سنة حسنة ، تتكرر في كل عام ، عملاً بقوله تعالى : (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان - سورة المائدة الآية 2 )) وبإطلاق قوله عز وجل (( وأتمروا بينكم بمعروف - سورة الطلاق الآية 6 )) .. إنكم تعلمون أنه لم يكن في العصور الماضية ، أدنى قيمة لما يسمى في عرف هذا العصر ، بالرأي العام الإسلامي ، ولا بالرأي العام المحلي ، بحيث يرجع إليه الحكام للتشاور فيما يجب من الإصلاح في مهد الإسلام ، ومشرق نوره الذي عم الأنام
وقد تولت أمر الحجاز دول كثيرة ، كان من خلفائها وسلاطينها ، من عنُوُا ضرباً من العناية ببعض شؤونه ، ومنهم من أراد أن يحسن ، فأساء بجهله ، ومنهم من لم يبالِ بأمره البتة ، فتركوا الأمراء المتوكلين لإدارته بالفعل ، فلما بلغ السيل الزبى ، وثبت بالتشاور بين أهل الحل والعقد عندنا ، أنه يجب علينا ، شرعاًُ ، إنفاذ مهد الإسلام ،ـ عزمنا على ذلك ، وتوكلنا على الله في تنفيذه ، وبذلنا أموالنا وأنفسنا في سبيله ، فأيدن الله بنصره ، وطهرنا البلاد المقدسة ، كما عاهدنا الله ووعدنا المسلمين ، وكان مما وعدنا به ، وشرعنا في تنفيذه ، الدعوة إلى عقد مؤتمر إسلامي ، وقد بيّنا في كتاب الدعوة إليه ، خطتنا ورأينا الشخصي ، ولما انتهت حالة الحرب ، بإلقاء مقاليد البلاد إلينا ، رأى جمهور أهل البصيرة في الحجاز ، أنه ليس من مصلحتهم انتظار عقد مؤتمر إسلامي ، لأنهم ليسوا على يقين من عقده ، ولا على ثقة كون من عساهم يحضرونه ، اعلم بمصلحتهم من أنفسهم ، وأرسلوا إلينا وفداً كاشفاً بأنهم يرون المصلحة المحتمة أن يحفظوا لبلادهم ما نالته من الاستقلال الدولي ، بشكل ملكي ن بأن يبايعوننا ، فرددنا طلبهم ، واعتذرنا لهم ، ولكن أيدهم في ذلك ، أهل الحل والعقد من أهل نجد ، الذين هم العمدة في تطهير البلاد ، وهم العدة لحفظ الأمن في البلاد الذي يتوقف عليه كل عمل ، وكل إصلاح فيها ، كما تتوقف عليه إقامة ركن الإسلام ، الذي لو لاه لم يكن لأحد من المسلمين شأن يذكر فيها ، اضطررت لقبول البيعة ، ولم أر لي عنها أية مندوحة ، لأننا – آل سعــود – لسنا ملوكاً مستبدين ، ولا حكاماً شخصيين ، بل نحن في بلادنا مقيدون بأحكام الشرع ، ورأي أهل الحل والعقد ، ولم تكن تلك الدعوة الشخصية إلى عقد المؤتمر ، بعذر يبيح لي مخالفتهم ، وإذا أنا خالفتهم بغير حجة شرعية يقبلونها ، فإنهم يطيعونني ، وفي ذلك من الفساد ما لا يخفى ، وقد بايعني جمهور الحضر ، ورؤساء قبائل البادية ، وهؤلاء يُعدّون من أهل الحل والعقد ، لأن قبائلهم تتبعهم سلماً وحرباُ .
على أنني رأيت أن قبول البيعة ، والعمل مع أهل البلاد بمقتضاها ، لا بمقتضى الغَلَبِ والقوة – لا يمنعني من الاستفادة من رأي أهل العلم والبصيرة ، من العالم الإسلامي ، ولذلك وجهت الدعوة إلى عقد هذا المؤتمر ، وجعلت موضوعها أعم وأوسع ..
أيها الإخوان .. إنكم تشاهدون بأعينكم ، وتسمعون بآذانكم ممن سبقكم إلى هذه الديار ، للحج والزيارة ، إن الأمن العام في جميع بلاد الحجاز – وبين الحرمين الشريفين – بدرجة الكمال التي لم يعرف مثلها ، ولا ما يقرب منها منذ قرون كثيرة ، بل لا يوجد ما يفوقها ، في أرقى ممالك الدنيا نظاماً وقوة ، ولله الفضل والمنة
أيها المؤتمرون الكرام .. إنكم أحرار ، اليوم في مؤتمركم هذا .. لا تقيدكم حكومة البلاد بشيء ، وراء ما يقيدكم به دينكم ، من التزام بأحكامه ، إلا بشيء واحد ، وهو عدم الخوض في السياسة الدولية ، وما بين الشعوب الإسلامية وحكوماتها من خلاف ، فإن هذا من المصالح الموضعية الخاصة بتلك الشعوب ..
إن المسلمين قد أهلكهم التفرق في المذاهب والمشارب ، فأتمروا في التأليق بيتهم ، والتعاون على مصالحهم العامة المشتركة ، وعدم جعل اختلاف المذاهب والأجناس سبباً للعداوة بينهم :
(( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناًُ وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ، ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ، ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم - سورة آل عمران الآية 103-105 ))
أسأل الله عز وجل أن يوفقني وإياكم لإقامة دينه الحق ، وخدمة حرمه وحرم رسوله صلوات الله وسلامه عليه ، والتأليف بين جماعة المسلمين ، والحمد لله رب العالمين .
عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود
الوفود المشاركــــة :
جمعية الخلافة الهندية
رئيس الوفد - الشيخ سليمان الندوي
الأعضاء ( محمد علي – شوكت علي – شعيب قرشي )
جمعية العلماء الهندية
رئيس الوفد - السيد محمد كفاية الله
الأعضاء ( أحمد سعيد – عبد الحليم الصديقي – شبير أحمد عثمان )
جمعية أهل الحديث الهندية
رئيس الوفد – الشيخ ثناء الله
الأعضاء ( الشيخ حميـــد الله – الشيخ عبد الواحد الغزنـــوي الشيخ إسماعيل الغزنوي )
جمعية الخلافة بوادي النيل
رئيس الوفد - السيد محمد ماضي أبو العزايم
الأعضاء ( كامل عثمان الفندي )
الوفد المصري
رئيس الوفد - الشيخ عبد السلام هيكل
الأعضاء ( الشيخ عبد الظاهر أبو السمح – الشيخ محمود علي منصور )
الوفد الجاوي
رئيس الوفد – الشيخ محمد سعيد شكر واومنيتوا
الأعضاء ( حاج منصور – الشيخ محمد باقر – الشيخ جنان طيب )
جمعية الإرشاد الجاوية
رئيس الوفد - الشيخ عمر ناجي
الشيخ محمد بن طالب - عضو -
الوفد الفلسطيني
رئيس الوفد - الحاج أمين الحسيني
الأعضاء ( الشيخ إسماعيل أفندي الحافظ – الشيخ عجاج أفندي نويهض )
وفد جمعية بيروت
رئيس الوفد - الشيخ عبد الغني أفندي الكعكي
الشيخ حسن أفندي الكعكي - عضو -
وفد سوريا
رئيس الوفد – الشيخ بهجت البيطار
الشيخ منح هارون – عضو –
وفد السودان
رئيس الوفد – الشيخ أبو القاسم أمين
الشيخ إبراهيم مدثر – عضو –
الوفد النجدي
رئيس الوفد – الشيخ عبد الله بن بليهد
الأعضاء ( الشيخ حافظ وهبه – الدكتور عبد الله الدملوجــــي – الشيخ حمد الخطيب – الشيخ يوسف ياسين )
الوفد الحجازي
رئيس الوفد – الشريف شرف عدنان
الأعضاء ( الشريف هزاع أبو البطين – الشريف علي بن حسين الحارثي – عبد الله الشيبي – سيد الله الفضل – سليمان قابل – سعود شيشه – عارف الاحمدي – إسماعيل بن بيرك – محمد نصيف – بخيت بن بنيان – إبراهيم عايج – محمد المغيربي )
وفد عسير
رئيس الوفد - توفيق الشريف
الأعضاء ( محمد أبو زيد – عبد العزيز العتيقي )
وفد روسيا وتركستان
رئيس الوفد - كشاف الدين بن قوام الدين
الأعضاء ( مصلح الدين بن خليل – عبد الواحد بن عبد الرؤف – مهدي بن مقصود –0 عبد الرحمن بن إسماعيل – طاهر الياس )
مكان انعـقــاد الاجتمـــاع :
إن هذا المؤتمر انعقد في بناية وهي كائنة في محلة (جياد) تقوم هذه البناية في شارع يبلغ عرضه 30 متراً وهي واقعة في الجهة الشرقي منه وقد رفع العلم الحجازي النجدي على سارية نجاه بابها يدخل الداخل من باب كبير فيرى على جانبيه جنديين يحييان المندوبين والأمراءبسلاحهما حسب القاعدة العسكرية ثم يصل إلى بهو كبير وضعت فيه منضدة ( طاولة وأمامها يجلس كاتب المحافظة واثنان غيره يطالبون الداخلين بالوثائق التي تخولهم حق الحضور ممن يجهلون هويتهم من المندوبين وبعد إبراز التذكرة يصعد في سلم إلى البهو كبير كائن فوق البهو السفلي يبلغ طوله نحو الثلاثين متراً وعرضه نحو العشرة أمتار وقد نصبت منصة الرياسة في صدره عرضاً في الجهة الغربية مقابلة للسلم وهي مصنوعة أجمل صنع يصعد إليها بدرجتين يجلس عليها الرئيس والكاتب العام ومنصة للخطابة ينخفضان قليلاً عن مقعد الرئيس ومنضدة كل من الثلاثة على شكل نصف دائرة بحيث تشكل هذه المنصة ثلاثة أقواس الرئيس أكبرها وهو بارز إلى الإمام نوعا عن القوسين الذين على جانبية . وقد رتبت المناضد في جناحي البهو الجنوبي والشمالي على شكل قوسين عن يمين الرئيس ويساره ووضعت أمامها الكراسي للأعضاء وفرشت بالجوخ الأخضر ووضع عليها أوراق ودفاتر ومحابر لمن يريد من الأعضاء أن يكتب شيئاً ووضع في الوسط منضدة كبرى لمراسلي الصحف ,أمامها منضدة لكتاب الوقائع في سجلاتهم جميع ما يدور من الكلام وجعل في مؤخر كل جناح مقاعد للمستمعين ومجموعها يبلغ ستين مقعداً وقد نصبت على النوافذ والأبواب ستائر كبرى مركبة من لونين الخضرة والبياض وهي لونا العلم الحجازي النجدي ويطوف على الحاضرين خدم بهندام عربي يشدون وسطهم بزنانير من هذه الستائر يقدمون الماء والقوة والشاي للحاضرين وعلى رأس السلم موظف يهدي الداخلين إلى أماكنهم وكراسي الأعضاء كلها من القش الخيزارني من النوع الجيد وكراسي للمستمعين من النوع الافرنجي العادي وقد نصب في سقف البهو ثلاث مراوح كهربائية كبرى ووضع على المناضد عدة من المراوح الكهربائية الصغرى وأنير المكان كله بالأنوار الكهربائية بواسطة ماكنة بخارية وقد وضعت منضدة خصوصية للمستمعين من الأمراء والأشراف وزينت جدران البهو بقطع كبرى كتبت عليها بعض الآيات القرآنية الكريمة بخط جميل جداً يجدها القارئ من هذه الجريدة وهنالك غرف غير البهو فرشت أجمل فرش واحدة للمسجد وواحدة لجلالة الملك وواحدة للرياسة وواحدة للإدارة وواحدة للكتبة وواحدة للاستراحة وكلها على أجمل ترتيب مما لا يوجد أكثر منه أتقاناً في كثير من المجالس البرلمانية هذا ما أمكننا أن نصف هذه الدار .
المصدر :
الموقع الرسمي لمؤتمر العالم الإسلامي .
0 تعليقات