كتاب "همسات العريف"

كتاب "همسات العريف"، زهير محمد جميل كتبي، الجزء الثاني، الناشر خاص، مكة المكرمة، ١٤٠١ هجرية.

اعتبر المؤلف - وهو على حق - صاحب الهمسات كاتباً "حر الفكر إلى أبعد حدود الحرية، لا يقول إلا ما يعتقد، ولا يحفل إلا بالحق وحده، .... وكان يخاطب جماهيره بقلبه وعقله وفؤاده ....، وكان ينتقد كثيراً من الأعمال التي كانت لا تعجبه، .... الأمر الذي جعل جلالة المغفور له الملك فيصل المعظّم يستدعيه في مكتبه، ويسند إليه منصب أمانة العاصمة قائلاً له قولته المشهورة التي لا يزال صداها يرن إلى الآن: تسلّم أمانة العاصمة حتى نرى ما تصنع. فتسلّم المنصب الجديد وكلّه حيوية وتحفّز للعمل ليثبت للجميع أن آراءه ليست كلمات لفظية منمّقة تُنشر في الجرائد فقط، وإنما آراء تصاحبها الأفعال". ولنجاحه الباهر فيما أوكل إليه وغيره منحه ملك المملكة العربية السعودية خالد بن عبدالعزيز آل سعود وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة في ١٣٩٦/١١/٢٢ هجرية الموافق ١٩٧٦/١١/١٤ ميلادية. وقد أحسنت ذريته الصنيع حيث طبعت هذا الكتاب (العمل رقم ١١٩) على نفقتهم الخاصة.

شمل المجلد الثاني من كتاب "همسات العريف" ضمن ما شمل على عشر همسات تتعلق مباشرة باهتمامات مكتبة المطوّف والمطوّفة المنزلية، ويعود تاريخ نشرها إلى الفترة من ١٣٧٨/٩/٢٠ هجرية إلى ١٣٧٩/٣/٢٦ هجرية، ومما لا شك فيه أن القدرات الذاتية الفريدة لصاحب الهمسات، وكونه من أبناء مكة المكرمة المطلعين، وعضويته في لجنة الحج العليا، علاوة على عوامل أخرى جعلت من همساته مادة خصبة وثرية للبحث والتحليل. وحملت الهمسات أو حُمِّلت العناوين التالية:

• الحجّاج والسعي بين الصفا والمروة.
• الأدلاء والمطوّفون.
• الحج واللحوم.
• الحجّاج والطرق.
• الحجّاج وسيارات النقل.
• الحجّاج ومعاملتهم.
• الحجّاج وإراحتهم.
• الماء في الحج.
• الكرنتينة والحجّاج.
• أمور الحج والحجّاج.

ولقد تم اختيار همستين منها بالتفصيل لعدة أسباب، وهما:

الحجّاج ومعاملتهم:
"أود أن أُذكِّر مواطني في الأسواق العامة، وفي كل مجال من المجالات التي يتصلون فيها بالحجّاج اتصال بيع وشراء، أو اتصال عمل من أعمال الحج العامة والخاصة كالطواف والزيارة والتسكين، وكل مجال أخذ وعطاء ولو كان مجال أحاديث عابرة. أود أن أُذكِّرهم بأن واجبنا نحو حجّاج بيت الله من أضخم الواجبات. علينا أن نعاونهم في أداء نسكهم وأن نحسن الحديث معهم، وأن نجنبهم المضايقة وسوء المعاملة بالقول أو الفعل، وأن نشعرهم بمعزتهم علينا، فلا نغلظ لهم القول أو نشاتم من يشاتمنا منهم. بل لابد أن نقول لهم قولاً ليناً، صحيح أن منهم من يقلب الدكان رأساً على عقب ثم لا يشتري شيئاً. وأن منهم من يغلظ القول في مساومته، وأخذه وعطائه، ولكن ينبغي أن لا نقابلهم بالمثل، بل نقابلهم بالسماحة ولين الجانب وذلك خليق بأن يردهم عن غلطاتهم، وأن يجعل منهم أصدقاء للمحل، وربما جاؤوا بإخوانهم وزملائهم من الحجّاج لشراء ما اشتروه هم من قبل. .... إنها مجرد ذكرى أهديها لمواطني من المطوّفين والباعة وكل من له اتصال مباشر بأعمال الحج والحجّاج لنؤدي واجبنا ونرفع سمعة بلادنا ونطهرها من الأكاذيب والأباطل، نكذبها بطريقة عملية لا بالقول والكتابة، والله الهادي إلى سواء السبيل".

•أمور الحج والحجّاج:
"مشكلة الحج والحجّاج من المشاكل الأثرية التي تثار أثر كل موسم من مواسم الحج. وقد كتبت فيها وعنها منذ سنوات وسنوات، وأثيرت من أجلها أبحاث رسمية ومعاملات ضخمة، وشغلت بها المجالس التشريعية والإدارية، وقد بدأت المسألة تتبلور على نحو اقتصادي، أو هي قد أخذت في الأجر طابعاً اقتصادياً بجانب طابعها الديني والاجتماعي. ومع ذلك فما تزال المشكلة حيث هي، ولم تؤد جميع الكتابات والمخابرات والاجتماعات إلى حلول عملية، أو إلى شيء من الحلول التنفيذية، أو إلى أنصاف الحلول أو أرباعها، ليأتي بعد ذلك التدرج في حل إجراء من المشاكل الأخرى التي تتعلق بكل ما يتصل بشؤون الحج والحجّاج.

ولست أدري أين انتهت تلك المخابرات؟ وهل من المنتظر أن تأخذ دوراً إيجابياً يصل بها إلى نتائج عملية أو إلى بعض النتائج؟ ولو في بعض جوانب المشكلة سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية. أقول كل هذا بمناسبة الأبحاث المتتالية التي يكتبها الأستاذ إبراهيم جدع في (جريدة) البلاد عن مشاكل الحج، وما يقترحه من حلول. ولقد تتبعت بدقة كل ما كتبه، ووجدت في ذلك الكثير مما يصلح أن يكون أساساً طيِّباً للبحث والمناقشة - في المجال الرسمي. وميزة هذا البحث عندي أنه بحث توفرت فيه العناية والتركيز والتفصيل والتعرض لشتى جوانب المشكلة – وبالأخص - في مدينة جدة. وبودي لو يُعمل مثل عمله أبناء الطوائف في كل من مكة (المكرمة) والمدينة (المنورة). وبذلك تتجمع المشاكل في المدن الثلاثة، وتبرز بروزاً واحداً يساعد على حلِّها بالجملة".


بقلم : المطوف الدكتور عبد المجيد داغستاني .