كتاب "أهل الحجاز بعبقهم التاريخي"، حسن عبد الحي قَزّاز

كتاب "أهل الحجاز بعبقهم التاريخي"، حسن عبد الحي قَزّاز، الناشر خاص، جدة، ١٤١٥ هجرية.

ينتمي المؤلف حسن عبد الحي قَزّاز إلى أسرة مطوّفين ذات شأن على مر العصور الأخيرة، ويضاف له شخصياً اهتماماته الإعلامية والصحفية، الأمر الذي جعله متمكناً من الكتابة عن طوائف المعلمانية الأربع الذين يتقاسمون أمور وشؤون الحجّاج في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة كلها وجدة - المطوّفون والأدلاء والزمازمة والوكلاء. ويُحمد للمؤلف أنه واحد من القلائل الذين وثّقوا المقولة الملكية القيِّمة عن المطوّفين، حيث ذكر "ورحم الله الملك عبدالعزيز الأريب الحصيف فقد كان يقول دائماً: ليس للحاج مثل المطوف"، والتي من فرط إعجابه بها جعلها عنواناً لفصل المطوّفين في الكتاب.

وصف المؤلف الطوافة بأنها "واحدة من أبرز المهن في المجتمع المكي، عمل بها الكثيرون من أبناء مكة المكرمة، واشتهر بها الكثير من عائلاتها. .... إن خدمات المطوّف بجزئياتها وتفاصيلها وعمومياتها هي الأصل في استقرار الحاج ابتداءً من وصوله إلى مكة المكرمة ثم إلى منى وعرفات ....، وإلى حين سفره. إن المطوّف يستقبل، ويسجل الوثائق، ثم يؤوي الحاج في سكن ملائم ويقدم له المطالب المعيشية، يقوم بتطويفه، وتوجيهه التوجيه السليم لأداء فريضة الحج والشعائر كلها، وقد هيّأ المأوى في عرفات ومنى وفيما بينهما، وتأمين وسائل النقل بالطرق التي نظمتها الدولة، وسيّرت اتجاهاتها، وهو المسؤول عن سلامته، وعن علاجه عند مرضه، والبحث عنه عندما يضل سُبله، حتى عندما يلقى ربه يُعتبر مسؤولاً عن واجبات غسله ودفنه والحفاظ على متروكاته. ولهذا كان دور المطوّف بالغ الأهمية نظراً للأعباء التي يقوم بها وينفذها، وليس في هذا مراء".

لقد عانى المؤلف حسن عبد الحي قَزّاز من طرح فكرته الملخّصة في ضرورة معرفة المطوّف للغة حجّاجه، حيث عَدّ عودتها إلى ما كان عليه ارتباط الحاج بمطوفه من علاقة حميمة وحب وتقدير وفهم متبادل. وكان يرى أن الطريقة السهلة والمثلى لتطبيق ذلك وتفعيله تكمن في أن يُعطى المطوّف العدد الأكثر من الهنود مثلاً، لأنه يُجيد التخاطب باللغة نفسها، وينسحب هذا على بقية الأجناس، لأن التجارب التي مرّت على مدى السنوات الماضية أثبتت عجز الطرفين: المطوّف والحاج عن التفاهم فيما بينهما. وهو ما عُدّ تقصيراً وتقاعساً في أداء خدمات الحاج، على الأقل من منطلق أنّ فاقد الشيء لا يعطيه، كمعرفة لغة التخاطب، ومعرفة التقاليد والعادات لأجناس الحجّاج - بحكم الممارسة والاندماج والانسجام طويل المدى بحكم التوارث.


بقلم : المطوف الدكتور عبد المجيد داغستاني .