كتاب "مشاهداتي في جزيرة العرب"، أحمد حسين
كتاب "مشاهداتي في جزيرة العرب"، أحمد حسين، الناشر: دار الثقافة الإشتراكية، القاهرة، ١٩٥٠م.
وضّح المؤلف أحمد حسين في تصدير كتابه "مشاهداتي في جزيرة العرب" بأنه ليس كتاب دين أو فلسفة أو تاريخ أو سياسة أو دعاية، "وإنما هو مجرد خواطر وسوانح جاشت في النفس وأنا أتهيأ لحج بيت الله الحرام للمرة الرابعة"، والتي تمّت في العام ١٣٦٧هـ ، حيث وجّه وزير المالية عبدالله السليمان الدعوة له لأداء الحج ضيفاً على الحكومة.
وبدلاً من سكنى دار الضيافة (الحكومية) في مكة المكرمة، والتي استقبله مديرها عبدالسلام غالي، آثر المؤلف بيت مطوّفه الشيخ محمد الراضي لأنه مطل على الحرم مباشرة ليكون مستقراً له، "فلم أكد أذهب إلى البيت وأرى القاعة التي ستخصّص لنا فيه، حتى أيقنت أن هذه أول علائم الرضى الربانية".
وليس من المستغرب أن تكون أول خاطرة للمؤلف تتعلق بوضع ما كان مقبولاً وجوده ولا كان متوقعاً زواله. "سوء حالة المسعى" كان عنوان هذه الخاطرة، إذ بيّن المؤلف ذلك ذاكراً "والحق أن ليس هناك ما يصدم الحاج في شعوره أكثر من صدمة السعي بين الصفا والمروة. فهو يطالع في القرآن (الكريم) أن السعي بين الصفا والمروة من شعائر الله، وهو يعلم أنهما من متممات الحج، فيسرح خياله قبل الحج في هذا السعي، وكيف سيتم في جلال ووقار، حتى إذا وصل إلى مكة (المكرمة) فوجئ مفاجأة تذهله وتذهب خشوعه وورعه، وتنقله من جو روحي إلى جو مادي دنيوي. فقد تحوّل المسعى إلى شارع .... هذا يبيع الأقمشة، وهذا يبيع الطعام، وهذا يقدّم المثلّجات، وهذا يصرف النقود، وهذا يتشاجر مع ذاك. وليس في مكة (المكرمة) كلها سوق غاص بالمتاجر كهذا السوق".
أمّا الخاطرة الثانية المختارة من الكتاب فمتعلقة بتخطي عقبة وضع مكبرات الصوت في المسجد الحرام، إذ ذكر المؤلف ".... وأن الفضل كل الفضل في استعمال الميكرفون في الحرم إنما يرجع أولاً وأخيراً إلى سمو الأمير سعود ولي العهد، والذي أمر بوضعه (بدءً بصلاة المغرب والعشاء والفجر، وهي الصلوات الجهرية) عندما ناب عن والده في موسم حج ١٣٦٦هـ". ".... فأصبح الميكرفون كخير ما يمكن أن يكون، وسترسخ أقدامه كما رسخت أقدام السيارة والتليفون واللاسلكي من قبل، .... وتنعم المملكة (العربية) السعودية، بل وينعم الحجّاج الذين كانوا يعانون ويلات الفوضى، سينعم هؤلاء جميعاً بنعمة هذه المعجزة العلمية، معجزة إيصال صوت الفرد إلى ملايين، واستطاعة إنسان واحد (هو إمام وخطيب المسجد الحرام) أن يوجّه أمماً وشعوباً فرّقت بينها المحيطات والصحاري والجبال في مشارق الأرض ومغاربها". ".... فإذا أضفت إلى ذلك أنني حضرت إلى (جدة) في بضع ساعات بالطائرة (من القاهرة)، وسرت من جدة لمكة (المكرمة) في ساعة ونصف ساعة في طريق معبّد" عرفت حقيقة أنني مع قوم" يعرفون أن الدنيا تندفع من حولهم، وأن الجمود ليس له سوى نتيجة واحدة وأثر واحد هو فناء الجماعات والأمم".
بقلم : المطوف الدكتور عبد المجيد داغستاني .
0 تعليقات