حوار سابق مع معالي المهندس الدكتور محمد سعيد فارسي رحمه الله
منذ أن بزغ نور فجره، تشكلت معالم نجاحه، مستمداً إياها من شخصية والده الذي أرسى في دواخله التصالح مع الآخرين، من خلال احتضانه للمتخاصمين واحتفائه بهم بولائم الصلح. ولكونه محباً للرسم، ومتفوقاً في الرياضيات، فقد منحه ذلك مفاتيح النجاح في فن العمارة، معززاً ذلك بشغفه المستمد من شغف أبيه بالسفر لمختلف بلاد العالم.
معالي المهندس الدكتور محمد سعيد فارسي الأمين الأسبق لمدينة جدة، وأحد الذين تركوا بصمة في نهضتها العمرانية والجمالية من خلال هذا الحوار.. قص شريط مشواره، عارضاً إياه أمام متلق يتلهف لقراءة ما أورده في هذه السطور.
النشأة والطفولة
شهدت مكة المكرمة، وتحديداً حي «المسفلة» صرخة ميلادك.. فبماذا تختلف عن غيرها من بلاد العالم؟
- كل يوم يولد الآلاف في كل مكان من العالم، ولكن حين تولد في مكة فكل شيء يكون مختلفاً، فاسمك الأول هو محمد، ثم في الحرم يتم اختيار اسمك يوم التسمية، وكذلك حين تقرأ حروفك الأولى على لوحة أمام شيخ، وحين تقرأ الفاتحة في يوم خطبتك، وفي يوم ملكتك.. أبناء مكة هم أبناء الحرم يودعهم آباؤهم على بابه عند ولادتهم مع الدعوات بالتوفيق.. وما توفيقي إلا بالله.
بماذا تصف أيام مولدك؟
- في أيامنا الأولى في مكة المكرمة، كان كل شيء هادئاً وجميلاً، وكان الرضا هو الصفة السائدة بين الجميع رغم قلة الشيء والحمد لله على نعمه الكثيرة اليوم.
وماذا عن حي المسفلة الذي ولدت فيه ؟
- الحي كان عبارة عن عائلة كبيرة، وكان والدي الشيخ سعيد فارسي - رحمه الله - يعرف برجل الإصلاح في ذلك الحي، وكل المشاكل التي كانت تحدث فيه، لم تكن تصل للمحاكم ولا للشرط، لأن كبار الحي كانوا يقومون بحلها، وكان هو أحدهم.
ما الذي تتذكره عن مجالس الصلح التي كان والدك يعقدها؟
- أتذكر وأنا صغير، العزائم والولائم التي كانت تفرد في منزلنا بداعي الصلح بين المتخاصمين، والجميل أن الناس كانوا يستمعون لما يقال في المجلس ويعملون على تنفيذه باقتناعهم ورضاهم التام.
ما أبرز العوائل المكاوية التي كانت تجاوركم في حي المسفلة؟
- الشيخ محمد سعيد خوجه، والد عبدالمقصود خوجه رجل الأعمال وصاحب الصالون الأدبي المعروف باسم «الاثنينية»، والسيد أمين العطاس والد عبدالله العطاس وكيل وزارة الحج والأوقاف، والدكتور حامد هرساني وكان شيخ المطوفين ومن أصحابه.
مجتمع عمل
وما الذي عرف عن أهل مكة المكرمة في ذلك الزمن؟
- عرف عن أهلها أنهم عاملون، فقد كان الأولاد والبنات خلال الإجازات الصيفية وموسمي العمرة والحج، في عمل دائب، فتجد الأولاد يبيعون ماء زمزم، وأكثرهم ينخرطون في العمل في المحال التي تكون بأمس الحاجة ليد عاملة إضافية، وأيضاً في مساعدة المطوفين، ولم يكن لدينا عمال يأتون من الخارج كما هو حاصل الآن، حتى العمال الموسميين كانوا يأتون من جنوب المملكة للعمل في موسمي العمرة والحج مع أبناء مكة المكرمة، أما البنات فكن يساعدن في البيوت، فلم تكن هناك شغالات ولا وجبات سريعة، وكانت زوجة المطوف تقدم جميع الوجبات للحجاج والمعتمرين الذين يتبعون لحملة زوجها، ولتفي بمتطلباتهم كانت تستعين ببنات الحي، وبعد أداء مناسك العمرة والحج، تجد الأولاد ينفقون ما اكتسبوه من مال في شراء «البسكيليتات»، والبنات يشترين الأساور الذهبية وخلافه.
في مرحلة طفولتك.. هل كنت هادئاً أم حاد الطباع بين أقرانك؟
- كنت من الأطفال الهادئين، لدرجة أنني في إحدى المرات تخاصمت مع بائع البليلة، وكان زميلاً لي في الدراسة واسمه عابد باخطمة، فما كان منه إلا أن قام برش الفلفل في عيني، ومن ثم صعد لمنزلنا لكي يشتكي لوالدتي، وقبل أن يصعد طلب مني أن أحمل له قدر البليلة !!.
على مقاعد الدراسة:
ما أهم المرافئ التي توقفت عندها في مشوار تحصيلك العلمي؟
- بدأت الدراسة في مسجد السيد حمود في حي المسفلة، حيث حفظت أجزاء من القرآن الكريم، ومن ثم التحقت بمدرسة الرحمانية الابتدائية بمكة المكرمة، ودرست المرحلتين المتوسطة والثانوية في مدرسة تحضير البعثات، والتي كانت تحضر الطلاب قبل أن يتم ابتعاثهم للخارج، وبالفعل ما أن أنهيت المرحلة الثانوية إلا وتم ابتعاثي لجمهورية مصر، حيث درست الهندسة في جامعة الإسكندرية، ثم عدت إلى مكة المكرمة وعملت وقتها في أمانة العاصمة المقدسة، ثم في تخطيط المدن، وأصبحت فيما بعد مدير تخطيط المدن في المنطقة الغربية، ثم تم تعييني أميناً لمدينة جدة، وأثناء عملي حصلت على درجة الماجستير دون أن أتفرغ لها من جامعة الإسكندرية، ومن ثم أحلت إلى التقاعد، وتفرغت للدراسة إلى أن حصلت على درجة الدكتوراه من ذات الجامعة، وهي جامعة الإسكندرية.
انتقالك للدراسة الجامعية في الإسكندرية وبعدك عن المجتمع المكي.. كيف كان صداه في النفس؟
- في الإسكندرية كان كل شيء مختلفاً تماماً عن حياتنا في مكة، حيث لم أكن أحمل هماً لأي شيء، مثل: طهو الطعام، أو نظافة الملبس، وغير ذلك.. فأصبحت فجأة مسؤولاً عن كل شيء. أضف لذلك مسؤولية الدراسة وإعداد المشروعات التي تتطلبها دراسة العمارة.
هل كنت تتوقع أن تقودك دراستك للعمارة، لمنصب قيادي فيما بعد؟
- لم أكن أحلم بالطبع بتحمل مسؤولية مدينة، ولكن كانت الصورة تقريبية عن ممارسة المهنة التي أحببتها، وممارسة الرسم الذي أعشقه، وأيضاً ممارسة ذلك الإحساس الجميل بالعمل.
هل ما زلت تتواصل مع الماضي؟ وما نصيب حي المسفلة منه؟
- لا شجرة بلا جذور، وبالتالي أستطيع أن أقول لك: إن المسفلة محفورة في داخلي، ومكة المكرمة هي كياني كله.
من تتذكر من زملاء الدراسة؟
- أتذكر محمد سعيد طيب، والدكتور عصام قدس -رحمه الله-، وعبدالمقصود خوجة في المراحل الأولى قبل أن يهاجر إلى لبنان، وزميلي وشقيقي الدكتور منصور فارسي، وفؤاد شال واله، ومحمد بانا، وصدقة سندي.
عرف عنك مزاولتك لثلاث هوايات: السفر والرسم وجمع التحف.. فمن أين استقيتها؟
- هواية جمع التحف والسفر، أخذتهما عن والدي - رحمه الله-، فقد كان تاجراً كثير السفر لمعظم بلدان العالم، وفي كل سفرة كان يحصل على مجموعة من التحف النادرة ويأتي بها لمنزلنا، وعندما توفي كان منزله مليئاً بالتحف النادرة. أما الرسم، فهي ملكة ربانية حباني الله بها.
فن العمارة
ما الذي دفعك للتخصص في فن العمارة؟
- حبي لفن الرسم، وتفوقي في الرياضيات، منحني الفرصة للتميز والإبداع في فن العمارة.
في ذلك الزمن.. هل كان هناك فن معماري معروف في المجتمع المكي؟
- ليس فن معماري، بل كان هناك نوع من المباني التي تتوافق مع البيئة، بدليل أنك كنت تجد أن البيوت المبنية بالنظام القديم، أكثر برودة في الصيف، وأكثر دفئاً في الشتاء، وذلك عائد لطريقة تقسيم وتوزيع الفراغات في داخلها. أيضاً الرواشين كانت تعمل بخشب متناسق متساو، والزخارف كانت تظهر في الأسطح، وهي عبارة عن طوب مفتوح الجوانب، بحيث يتيح للهواء الدخول بدون أن يكشف من يسكنون في المبنى.
متى اقترنت بشريكة العمر؟
- اقترنت بشريكة عمري «نجلاء» في الإسكندرية، وكانت شقيقة أحد زملائي من السعوديين الدارسين هناك، وهو حيدر أسعد، وهي ابنة الشيخ صالح أسعد، وكان عمها الدكتور عمر أسعد، أول دكتور سعودي عرف وأشتهر في مصر والسعودية.
ماذا حباك الله من الأبناء والأحفاد؟
- لديَّ ابن واحد هو هاني، وقد رزق بولدين توأم هما سعيد وليث.
ما أكثر شيء تحن إلى تذكره في زمن طفولتك؟
- كثيراً ما أتذكر تلك الزيارات الحميمة التي كنا نقوم بها في طفولتنا في مكة المكرمة، وكيف كانت حركتنا على الأقدام في الأعياد والمناسبات، وأيضاً صلواتنا اليومية في الحرم، وفي غدونا ورواحنا من المدرسة إلى دكان الوالد في سويقة، ثم إلى المنزل، ولكن السيارة قضت على هذا المقياس الإنساني البسيط في المتعة، بجلسة في المقهى في الششة والمعابدة كل يوم بعد العصر، من أجل لقاء الأصدقاء.. وهكذا تتغير الأيام، وكذلك تتغير الأحلام.
ألم تراودك فكرة الكتابة عما تختزنه ذاكرتك؟
- لقد كتبت كثيراً حول هذه الذكريات بعنوان: «من المسفلة إلى كامب شيزار»، وكيف كانت أحلامنا الأولى وذكرياتنا القديمة في المسفلة.
غاوي سفر
يقال إن محمد سعيد فارسي قضى نصف عمره في السفر؟
- كانت أكبر رحلة لنا في شبابنا هي السفر إلى المدينة المنورة، وكان حلم السفر، هو حلم الطفولة عندما تفتحت عيوننا على جميع أجناس الأرض وهم يطوفون بالحرم الشريف.. وأصبح السفر بالنسبة لي عشقاً دائماً.
وما تأثير السفر فيما أنجزته من أعمال خلال توليك لأمانة مدينة جدة؟
- كل شيء كنت أراه، أو أستمع إليه، كنت أتعلمه، فتزداد ثقافتي وخبراتي، وقد استفدت بذلك تماماً في عملي.. فأنت تجد في جدة شيئاً من القاهرة، والإسكندرية، وباريس، وهاواي، ولندن، ونيس، ونيويورك، وفلوريدا، وجاكرتا، وتايوان، وتايلاند، وحيدر أباد، وأكرا.. وكل ذلك أثمر في جمال جدة وتخطيطها وتجميلها.
رغم السنوات الطويلة التي تركت فيها عملك كأمين لمدينة جدة، إلا أن الناس ما زالوا يذكرون الفارسي وأعماله.. بماذا يشعرك ذلك؟
- تصوري أن هذا من رضا الله، وهو نوع من التعاطف الذي ينشأ بين الإنسان والجمال.
وما الفلسفة التي اعتمدتها لتخلد ذكراك في أذهان الناس؟
- لقد حاولت دائماً أن تكون العلاقة بين ساكن المدينة ومواقعها المختلفة مرتبطة بشيء جميل داخل الشوارع القديمة، وعلى الطرق السريعة، وعلى الطرق الترفيهية، من ذلك الكورنيش الشمالي، وشرم أبحر، والكورنيش الجنوبي.. بل وحتى في الأسواق وحول الدوائر الحكومية والمستشفيات.. الجمال لا تخطئه العين، ولا تسقطه الذاكرة أبداً.
ما القرار الذي اتخذته وندمت عليه خلال عملك كأمين لمدينة جدة؟
- لم يكن اتخاذ القرارات التخطيطية في جدة عشوائياً، بل كان نتيجة لدراسات تفصيلية مستفيضة استوعبتها بحكم المشاركة والممارسة الطويلة من أول السلم حين ذرعنا جبال مكة نقيسها بالشبر، ثم تواكب الرغبة السامية بأن يعم الرخاء الجميع، فكان الصرف على تنفيذ مشاريع البنية الأساسية للمدن الرئيسة وشبكة المواصلات الداخلية والمطارات والموانئ نتيجة لمخطط محكم لا يحتمل خطأ قرار فردي.. ثم يعود ليندم عليه.
حلم لم يتحقق
وما الشيء الذي كنت تحلم بتحقيقه ولم يتحقق؟
- إن كان هناك حلم تخطيطي رائع لم يتم تنفيذه حتى الآن رغم أننا أنشأنا الهيكل الأساسي له، فهو الكورنيش الجنوبي الذي بدأ يذوب تحت وطأة تطبيق المنح على أراضيه رغم أنها من البنية الأساسية.. وهنا أقول إن البنية الأساسية في المدينة لا تخضع لقرار من مسؤول فرد، ولكنها كمثل الجهاز العصبي اللا إرادي، وهو المسؤول عن نبض القلب والتنفس أثناء اليقظة أو النوم.
لقد كانت لكم صداقات كثيرة.. ماذا بقي منها؟
- أولاً هناك فارق بين المعارف والأصدقاء. المعارف كثيرون بحكم العمل والحياة، ولكن الأصدقاء الحقيقيين فهم قليلون، وهم عدد ثابت يزيد ولا يقل مع التجربة والزمن.
ما الذي دعاك لقول ذلك؟
- في الحقيقة إذا نظرت إلى الماضي القريب منذ أقل من أربعين عاماً، سوف تجد التزاور سمة أساسية في المجتمع، ولكن اليوم الفضائيات ووسائل الاتصال الحديثة، لا تترك للناس الوقت للتزاور.
كيف تلقيت خبر استدعائك من قبل لجنة تقصي الحقائق، بعد كارثة سيول جدة بصفتك أميناً سابقاً لها؟
- لقد وجدت من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة وأعضاء لجنة تقصي الحقائق في فاجعة جدة، كل التقدير والاحترام، مما يؤكد على أن الدولة حريصة على معاملة رجالها الذين قدموا للوطن خبراتهم وجهدهم المعاملة التي تليق بهم. واستدعائي من قبل اللجنة، كان لإبداء الرأي والاستعانة بما لديَّ من معلومات، قد تساعدها في سير تحقيقاتها.
كيف كان شعورك، عندما تنامى لأسماعك خبر حدوث كارثة جدة؟
- لقد آلمتني الكارثة كما آلمت الجميع وحزنت على عروس البحر الأحمر التي توشحت برداء السواد يوم الأربعاء، ومع ذلك ستسترد جدة عافيتها وسيعود لها وجهها الصبوح الذي عرفه المواطن والزائر على السواء.
عشق الاتحاد
ماذا عن عشقك لنادي الاتحاد؟
- بالرغم من كوني ابن مكة المكرمة، ولدت وترعرعت فيها، إلا أنني عشقت نادي الاتحاد عند انتقالي إلى مدينة عروس البحر الأحمر جدة، وأصبحت علاقتي به، علاقة العاشق والمعشوق.
ما الذكريات التي ما زالت في الذاكرة عن هذا العشق؟
- من الذكريات الجميلة والتي يصعب نسيانها، موقف صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل - رحمه الله- عندما كان رئيساً للنادي الأهلي، حين أهدى ابني هاني سيفاً مذهباً في صغره، وحينها أعلن ابني حبه لنادي الاتحاد في إحدى المقابلات الصحفية التي أجريت معه آنذاك، لدرجة أنه صبغ غرفته بالأسود والأصفر، فما كان مني إلا أن قلت له: «أحرجتني مع الأمير عبدالله الفيصل»، فرد عليَّ قائلاً: «هذا عشقي يا أبي».
متى كانت آخر زيارة قمت بها لنادي الاتحاد؟
- آخر زيارة كانت لي لمقر نادي الاتحاد قبل أربعة أعوام تقريباً، حيث استقبلني رئيس مجلس إدارة النادي المهندس إبراهيم علوان، وأعضاء مجلس الإدارة، يتقدمهم: طارق الشامخ، وإبراهيم بترجي، والمهندس عبدالرزاق خميس، والدكتور تميم ساعاتي، وخالد باريان، وهو من منسوبي العلاقات العامة. وللمعلومية، أنا أول رئيس لهيئة أعضاء شرف النادي.
ما الذي تخللته هذه الزيارة؟
- تحدثت فيها عن نادي الاتحاد، وأنه أساس الكرة في المملكة العربية السعودية، لأن الكرة بدأت في جدة، ثم بعد ذلك انتقلت إلى مكة المكرمة ولنادي الوحدة تحديداً. كما تحدثت عن سر انتصارات الاتحاد، وحماسة لاعبيه، وعشق جماهيره، مرجعاً إياها لتنامي مشاعر الحب والإخلاص بين الجماهير ومنسوبي النادي، لاعبين وإداريين، وهذه المشاعر المخلصة هي ما تحتاجه الأندية من قبل الجماهير.
مذكرات.. وذكريات
ألم يدر بخلدك تدوين تجاربك في الحياة؟
- ما زال لديَّ الكثير، وأنا بصدد إعداد كتاب عن تجربتي في جدة بحول الله تعالى.
ما الذي يتضمنه هذا الكتاب؟
- أجمع فيه شتات ذاكرتي بالحديث عن بعض تجاربي المهنية والشخصية، والتي سبق لي نشرها في عمودي الأسبوعي في صحيفة (البلاد).. وسيتم نشرها في سلسلة مترابطة في هذا الإصدار، وهي عبارة عن حوار مع النفس، ليقرأها الآخرون.
ما الذي تهدف إليه من هذا الإصدار؟
- ما أهدف إليه أن تكون الفائدة فيه للأجيال الشابة التي لم تر كيف كانت المدن السعودية قبل أربعين عاماً فقط.. وكيف كانت في شباب الآباء عندما كنا نحن صغاراً، حلمنا الكبير هو السفر من أجل الدراسة، ومن ثم العودة للمساهمة بجهدنا المحدود في تطوير البلاد.
جدة مركز تجاري
هل تجد جدة الآن مهيأة لتكون سوقاً حرة؟
- كانت جدة منذ فجر التاريخ مركزاً للتجار ومحطة رئيسة على طريق القوافل القادمة من الجنوب متجهة إلى مكة المكرمة، وكذلك المرسى للسفن القادمة من الشمال محملة بالبضائع من الشام ومصر. وكانت بموقعها مؤهلة تماماً لكي تحتل المكانة الأولى على البحر الأحمر كمركز للمال والأعمال، وأيضاً للعلاج في مستشفياتها الرائعة. وجدة اليوم مهيأة تماماً لكي تصبح سوقاً حرة خاضعة لأنظمتنا وتقاليدنا.
ما الذي دفعك لتكتب مقالات غاضبة عن تدمير بعض حدائق جدة، إبان استكتابك بصحيفة البلاد؟
- حدث أن نشر في الصحف عن تحويل بعض الحدائق إلى ملكيات خاصة، وخلع ما بها من غرس أو شجر، وكنت حينها بالخارج، وعند عودتي زرت الموقع وفوجئت بأنها مستملكة من الدولة، وكذلك أراض أخرى لمواقف عامة تم تعويض أصحابها عنها بمئات الملايين من الريالات؛ لخدمة مرتادي الكورنيش الشمالي، وهذا لا يقره النظام إطلاقاً.
تغيب عن جدة كثيراً هذه الأيام.. لماذا؟
- أتنقل الآن بين لندن وجدة والإسكندرية، ومعظم وقتي في لندن، لأن ابني هاني أصبح مقيماً فيها.
ما العمل الذي تزاوله الآن؟
- منذ فترة بسيطة، كنت محاضراً بجامعة الإسكندرية في قسم الهندسة، والآن نتيجة المرض الذي أصاب القلب، لم أعد قادراً على الوقوف والتحدث طويلاً في المحاضرات، فآثرت الراحة.
مجلة اليمامة | إعداد: سامي صالح التتر | 2012/10/20
0 تعليقات