قصة حج إلى الحجاز
كانت سلطان جهان بيغم (1858-1930)، المعروفة أيضاً بسلطان كايخُسرو جهان بيغم، هي السيدة الأخيرة من أربع حاكمات نساء حَكمْن ولاية بوبال الأميرية خلال فترة الحكم الاستعماري البريطاني للهند.
كانت بوبال، التي أُسست أول مرة عام 1724 في وسط الهند، ولاية مستقلة قبل أن تخضع للحماية البريطانية عام 1818. وانضمت الولاية للهند المستقلة عام 1949 وهي الآن جزء من ولاية ماديا براديش. بدأ حكم البيغُمات، كما عُرفت بذلك فترة الحاكمات النساء ببوبال، بقدسية بيغم عام 1819 وشهِد فترة من السلام والتعايش بين المسلمين والسيخ.
كانت سلطان جهان بيغم حاكمة إصلاحية عُرفت بعملها على تحسين الصحة العامة وتعليم المرأة. وقد كانت مسلمة وَرِعة وسافرت في موسم 1903-1904 لأداء شعائر الحج وزيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة في الحجاز، وهي منطقة تقع في غرب شبه الجزيرة العربية كانت خاضعةً للحكم العثماني آنذاك. يسرد كتاب قصة حج إلى الحجاز أحداث تلك الرحلة، حيث بدأتها البيغم وحاشيتها بالسفر براً إلى بومباي (مومباي الحالية)، قبل أن يصعدوا على متن سفينة بخارية أقلتهم عبر عدن وجدة وصولاً إلى ميناء ينبُع الواقع على البحر الأحمر.
ومن هناك، ارتحل الوفد على الجمال تحت حماية الجيش التركي إلى المدينة المنورة ثم بعد ذلك إلى مكة المكرمة. وعلى الرغم من أن سلطان جهان المعروفة بزهدها لم تكن أول من أدّى فريضة الحج من بين بيغُمات الأسرة المالكة ببوبال (كانت جدتها سِكَندر جهان بيغم أول من قام بذلك)، إلا أنها عادت لبلادتها وسط احتفالات صاخبة في عاصمتها، حيث عُرضت التذكارات التي أحضرتها معها من المدينتين الشريفتين للعامة ليروها، وزُيِّنت المآذن وأُضيئت على شرفها.
وتنقسم مُذكِّراتها التي كتبتها بأسلوب مباشر إلى "كتابين." يحتوي الكتاب الأول على أوصاف جغرافية لشبه الجزيرة العربية، إلى جانب تفاصيل تصِف بناء المسجد الحرام والمسجد النبوي، بينما يتناول الكتاب الثاني المراسلات الرسمية والأحداث والوقائع المتعلقة بالرحلة. احتفظت سلطان جهان بيغم بسجل مفصَّل بأسماء الأشخاص الذين قابلتهم وقيم العملات التي استعملتها والأضرحة والمعالم التاريخية الأخرى التي زارتها في موطن ظهور الإسلام، مما أضفى قيمةً تاريخيةً لكتابها. فالعديد من الآثار التي ذكرتها قد فُقِدت الآن نتيجةً للتوسعات التي حدثت بالمسجدين الشريفين ولسياسة الدولة المعارِضة لتعظيم الأضرحة.
المصدر : المكتبة الرقمية العالمية
0 تعليقات