حاجٌّ حديث بمكة

كان الرائد آرثر جون بينغ ويفِل (1882-1916) ضابطاً عسكرياً بريطانياً ومستعرِباً وعضواً بالجمعية الجغرافية الملكية. وُلد ويفِل في لندن، وتلقى تعليمه بكلية وينتشستر وساندهيرست. وانضم عام 1900 للكتيبة الويلزية التابعة للجيش البريطاني وأبحر إلى جنوب إفريقيا البريطاني، حيث قاتل في حرب البوير.

وتلا هذا تكليف وزارة الحربية له بمهمة رسم خرائط للممتلكات البريطانية غير المعروفة بالمنطقة وتقديم تقارير عنها، وأثناء ذلك قام برحلة عَبَر فيها صحراء كالاهاري وصولاً إلى شلالات فيكتوريا. ترك ويفِل الخدمة العسكرية عام 1906، ثم ذهب بعد ذلك إلى شرق إفريقيا البريطاني، حيث اشترى أرضاً في نيالي، وهي إحدى الضواحي الحالية لمدينة مومباسا، كينيا.

ومن ذلك المكان، بدأ في إقامة مزرعة لزراعة نبات السيزال وتعلَّم اللغة العربية، و"بدأ يفكر في زيارة مدينة مكة المحمدية المحرّم دخولها على غير المسلمين، في تخَفٍّ." يروي كتاب حاجٌّ حديث بمكة رحلة حج ويفِل عام 1908-1909 إلى الأماكن الإسلامية المقدسة في المملكة العربية السعودية الحالية. سافر ويفِل بجواز سفر تركي وتخفّى في هيئة شخص زنجباري يُدعى علي بن محمد، حيث غادر لندن أولاً متجهاً إلى مرسيليا والتقى هناك برفيقيه المسلمَين، وهما زنجباري مقيم بمومباسا، وسوري مقيم ببرلين. وصعد الثلاثة على متن مركب من جنوة إلى الإسكندرية ثم إلى بيروت، ومن هناك استقلوا القطار المتجه إلى دمشق، حيث بقوا هناك شهراً قبل أن يأخذوا قطار الحجاز إلى المدينة المنورة.

بعد ذلك أقلّتهم إحدى القوافل من المدينة إلى ميناء ينبُع الواقع على البحر الأحمر، وبعدها انتقلوا بحراً إلى جدة وبرَّاً إلى مكة. يبدأ الكتاب بافتتاحية حول ويفِل، كتبها الرائد ليونارد داروين الذي كان رئيساً للجمعية الجغرافية الملكية، ويتبعها تمهيد ومقدمة طويلة كلاهما لويفِل، عن تاريخ الإسلام وشبه الجزيرة العربية وجغرافيتها. باقي الكتاب مقسم إلى أجزاء تتناول كل شوط من أشواط الرحلة، بما في ذلك أوصاف للمدن التي زارها والأشخاص الذين صادفهم.

ويُختتم الكتاب بوصف لشعائر الحج ولمدينة مكة المكرمة. تنقَّل ويفِل كثيراً في أنحاء الشرق الأوسط عقب رحلة الحج تلك. وأنشأ عام 1914 قوةً في مومباسا تتألف من حوالي 150 فرداً من أصول عربية من سَقّائي الشوارع عُرِفوا بالبنادق العربية أو "عرب ويفِل"، وذلك لحماية المدينة من هجمات الألمان. وعلى الرغم من أن الفضل يُنسب له في حماية المدينة من السقوط في أيدي العدو، إلا أنه أُصيب بجروح خطيرة في المعركة. هُوجم ويفِل وقُتل في كمينٍ بعد عامين من ذلك بالقرب من حامية مويلي في إحدى المناوشات مع الألمان حينما كان هو ورجاله يحرسون سكة حديد أوغندا. الطبعة الظاهرة هنا هي الثانية من كتاب ويفِل، وقد نُشِرت عام 1918 بعد وفاته.