( حادثة اقتحام الحرم المكي .. صورة اجتماعية لأسرة مكيّة شاهدة على الحدث )

لم تكن لحادثة الفتنة واقتحام الحرم المكي الشريف في نهاية السبعينات الميلادية, أن تمر مرور الكرام _ بعد ذِكرها في مسلسل تلفزيوني _ على من عايشها في الواقع وكان شاهدًا عليها.

إذ سردت السيدة إنجي محمود صباغ المستشارة التربوية والأسرية على حسابها في تويتر مجموعة من التغريدات التي تحكي عن ذكريات طفولتها في مُعايشة الحدث, وموقف والدها النبيل رجل الأعمال السيد محمود صباغ رحمه الله آنذاك.

في موقفٍ غير مستغرب من رجل مكي أصيل ومُبادرته بتسخير فندق شبرا أجياد, ليكون مقرًا لتخطيط الأجهزة الأمنية لتطهير الحرم المكي من الفئة الباغية ومستقرًا للقادة في ذلك الحين لمتابعة الحدث عن قرب.

وفي معرض حديثها عن ذكرياتها تقول السيدة إنجي :
عشنا أياماً من العزلة في منزلنا الكائن في عمائر الأشراف في منطقة أجياد الطابق 6 حيث حُظر التجول الخارجي، وحُظر علينا حتى النظر من الشباك داخلياً أو الجلوس في الغرف المطلة على الحرم أو فتح الأنوار، كنّا نعيش خلال17 يوماً في عتمة إلا على ضوء النهار وبعض مصابيح الغرف الخلفية بمنزلنا.

كانت الشوارع خالية نظراً لحظر التجول وذلك من أجل حفظ أرواح البشر من القناصة الباغيين والقابعين باستمرار داخل منابر الحرم، بالإضافة إلى أصوات الإسعافات مع العلم بأنها كانت السيارات الوحيدة المسموح لها بأن تمشي في الشارع لنقل المصابين، وسيارات الجيش المصفّحة.

وتستكمل حديثها قائلة :
في آخر الأيام كنت أرى الدبابات الحربية تملأ الشوارع المطلة على الحرم، ولم أكن استوعب وقتها أنها بداية عملية تحرير الحرم وتطهيره من تلك الشرذمة الضالة.

في أحد الأيام والذي على ما أظن أنه كان اليوم السابع سمعت والدتي تنادي اخوتي الكبار أن رصاصة طائشة من أحد القناصين في منائر الحرم قد اخترقت زجاج غرفتها لتستقر في (البطانيات) التي اعتادت أمي أن تخزنها بجانب الشباك ورأيت الرصاصة ومسكتها بيدي.

وفي حينها حرّم والدي علينا الجلوس أو حتى النوم في الغرف المطلة على الحرم فكنّا جميعنا نجلس في الغرف الخلفية وكأننا في حالة حرب لا نعرف ما القادم !

وتتذكر السيدة إنجي كيف كانت تسترق النظر من الشباك المطل على الحرم كلما سنحت لها الفرصة وكيف كانت تستقبل الأخبار بحماسة رغم صغر سنها فيما يحدث.

وتتم حديثها :
وفِي اليوم 15 أو 16 وصلنا الخبر من أخي بأن كل شيء تحت السيطرة وأن الله قد منّ على قيادتنا بالتوفيق والسداد ولله الحمد وتأكد لنا الخبر حين صدور البيان الرسمي في التلفزيون.

وعن الأيام التي أُعلن فيها عن تطهير الحرم والقضاء على الفئة الضالة تقول :

لم نصدق وقتها أننا بأمان وأن كل شيء انتهى وأن بإمكاننا النظر من الشباك وممارسة الحياة العادية وأن بإمكاننا كذلك التنقل والخروج والذهاب مرة أخرى لأي مكان نريد, والنزول للحرم ! أذكر حين أذّن المؤذن في الحرم (صلاة المغرب) بكت والدتي وأخوتي الكبار من الفرحة بسماع أذان الحرم مرة أخرى بعد انقطاع دام 17 يوماً.

 

أعدته للنشر : ضحى الحرازي | عضو إدارة محتوى قبلة الدنيا
بالتنسيق مع المستشارة التربوية والأسرية السيدة إنجي محمود صباغ في نقل النص من حسابها
على تويتر.

21 رمضان 1440 هـ