كتاب "العيش في مكة المكرمة" | عبدالرزّاق محمد حمزة

كتاب "العيش في مكة المكرمة"، عبدالرزّاق محمد حمزة، الناشر مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر، جدة، ١٤٢٦هـ .

يحتوي كتاب "العيش في مكة المكرمة" على مقالات مؤلّفه عبدالرزّاق محمد حمزة، المنشورة في جريدة عكاظ خلال الفترة من ١٤١٧/٨/٢١هـ إلى ١٤٢٥/١١/٧هـ ، والتي يبلغ عددها ١٠٠ مقالة، وصفها كاتب مقدمة الكتاب بـ "وعاء جامع فالقارئ يجد فيه وجبة ثقافية مع حلوياتها ومقبلاتها وخواتيمها ومشروباتها". ومن حسن الطالع أن يكون من ضمن محتويات الكتاب عدد عشرة مقالات تتعلّق بالحج والحجّاج مباشرة. ولا شك أنّه مجدياً ذكر عناوينها في البداية كاملة، ثم اختيار أحدها والكتابة عنه بالمختصر المفيد:
• الحج قبل ستين عاماً: الحجاز في عام ١٣٥٦هـ .
• جمعية خيرية لخدمة الحجّاج.
• محاذاة الميقات المكاني للحج.
• توسعة الجمرات.
• ذكريات عن الحج (٤ مقالات).
• حديث عن منى ومصلحة الحجّاج.
• بل مرحّباً بالعشرة ملايين معتمر سنويّاً.


يعتبر التطرّق للمقالات الأربع التي تحمل عنوان ذكريات عن الحج أكثر فائدة وأهميّة من غيرها، ليس فقط لجميع أرباب الطوائف وإنّما أيضاً لغيرهم سواء بسواء، علاوة على أنّها تعد واقعاً ماضياً من الواجب على الأجيال المعاصرة معرفته واستيعابه. يتحدّث الكاتب عن تبدّل الحال الكامل في مكة المكرمة خلال موسم الحج، فالمطوّفين والزمازمة وعوائلهم، كبيرهم وصغيرهم وكافة سكان المدينة المقدّسة دون استثناء ارتبطت حياتهم ودخولهم وسعادتهم بهذه الفترة الزمنية المحدودة.

يستمر الكاتب بعد وصف حال مكة المكرمة أيام الموسم إلى التفاصيل الدقيقة للحياة في منى وعرفات، متطرّقاً لبعض المفردات والجمل التي اندثرت مع مرور الزمن. فنصب الخيام يتطلّب وجود الدقماق وهو مطرقة خشبيّة كبيرة لدق الأوتاد (جمع وتد)، وهي مسامير مخروطة من جذوع الأشجار لتثبيت حبال الخيام في الأرض الرمليّة. وفي المناطق الصخريّة أو الصلبة يحل مكانها القزمة وهي المطرقة الحديديّة، والسِكّة وهي سيخ حديدي بعروة في إحدى طرفيه، ينتجه الحدّادة لذات الغرض الذي يؤديه الوتد. كما ذكر المثل المكي الذي يقول: إذا كنت دقماقاً فدق وإن كنت وتداً فتحمّل الدق.

وبما أنّ توفّر المأكولات الطازجة في المشاعر المقدّسة ما كان سهلاً أو حتى ممكناً في بعض المواقع، أصبح من المعتاد للأهالي وغيرهم استبدالها بغيرها، مبيّناً كيف أنّ النُقُل ويبيعها النُقَلي، والتي سميّت لاحقاً بالمكسّرات، تسيطر على أسواق منى. ويختم المؤلّف المتمكّن ذكرياته بالحفل الذي يقيمه أهالي مكة المكرمة لأطفالهم الذين يحجّون للمرة الأولى، ويسمّى الجوجو، توزّع خلاله الحلاوة الحمّصيّة وحلاوة البتاسا. كما يتطرّق للقِيس، الذي هو تجوال مجموعات إثر مجموعات من النسوة المرتديات ملابس رجالية كاملة وملثّمات، وينشدن بصوت عال أناشيد محدّدة للقِيس بشوارع مكة المكرمة وأزقتها ليلاً، بحثاً عن الرجال الذين تخلّفوا عن الحج وخدمة الحجّاج والتكسّب والاستفادة من الموسم.
 
بقلم : المطوف الدكتور عبد المجيد داغستاني