المختار في لوح الاقدار
يا أحمدً يا سرَّا أسرار الوجود يا شـــــــــــاكراً يا حامداً لله يا محمــودْ
هذا الوجـــود بـأســـره وبما حـــواه مسخــرلنبينا ورســولنا المـــــــــــــــوعــــودْ
هـذا الوجــــود ومــــا حــــواه يـا ابن آدم منحــــةٌ مــن ربنـــا الـــمـعبــــــــــــــودْ
لك يــأبن آدم حــيث أنت خـــــــليــــفةٌ فــــــي الأرض تحـــــكم أمـــــرها وتشــــيدْ
أنــت اُستُخِرْتَ خــليـــفةٌ لــلإرض تـســكنهــا وتــعــمـــرهــــــــــا عـــلى التــــأبيدْ
فحملت ما مـتـنـعت عنــه الجــبال ومــــــــا عــلاها وتـــحتــها خــوف الـــــوعيــدْ
أُعطِيت عقلاً تهتدي بضيائـهِ لتــؤدي ما اسْتُخلِفْتَ فيـــه كمــا يــريـــدْ
ونبينا هــادي الأنــامِ محــمدٌ مــن خـصـــــــه مـــولاه بــالتـــــــأيــيــدْ
منذُ الأزل والكون في تكوينه ومحمدٌ هـــــــــومـن يشارُعليه بالتحديدْ
وكـــأن هـــــذا الـكـــــــــــــون لــم يبدعه خــالقـــهُ إلا لأجــل حــبيبه المـنـشـــــودْ
ليســــود هــذا الكــــون تــلـك مشـــــيئة الــرحمــن يــفــعـل ما يـــــرى ويريــــــدْ
ونوالهً الشرفَ العظيمَ فأحمدٌ مــن ربـــــهِ بنـــوالـــهِ مــــــوعـــــــودْ
جعلَ الملائكة الكرامَ تحـيطُهُ بـالحفظِ تــدفـعُ شــرَّ كـــــلِّ حــقــــــودْ
الكونُ يعرفه ويسعى لأجـلهِ هــــذا يــظــلله وذاك عنــــــــه يــــزودْ
حتى الجمادَ له لسان ناطـقٌ يلقي التحية وهـــو مــن جلمــــــــــــودْ
والجزع حنَّ وما براهُ سوى مــــسّ النــبي الجـــانب المــــفــــــؤودْ
هذا نبي الله مــن يــرجـــــو شـــفاعتـــهُ كـــل المــلى فـي يومهــــــا المشـــــــهودْ
هذا الذي تُرجَى شفاعته يوم التنادي وهــذا الشــــافــــــــــع المـــقصـــــــودْ
عَرَفُتهُ قبـــــل مــجيئــه سير الــورى مــــن بينــــها الانـجيــل والتــــلمـــــودْ
لا تعجبوا إن قلتُ أن محمداً قد كــان معـــروفاً ولــــــم يــك بعـــد بالمــــــــــــــولودْ
فالخلقُ منذُ البدءِ سيرتهم في اللوحِ قد ذكرت وجميعهم بصفاتـــــه مـــــــــوجــودْ
أولم يقولوا (بلى) خلال سؤالهمْ أولم يكونوا (الذرَّ) في صلب الجــــدودْ
فــالــخـــلق عـنـــد الله أوجـــــدهم بـ (كُـــنْ)لا للمــــكانَ ولا الزمـــــــانِ حــــــدودْ
وتـقـلبــك مــا بين أصـــــلاب الــرجــــــال ومــن هـمــو يا أحمــدٌ أهل السـجـــــودْ
وتمــر أطــــوار الــزمـــانِ وإنـــهُ لمــَّا يـــزل فــي الغيبِ تتبعه العنـاية لا تحـــــيدْ
حــتى إذا جـــاءت بــشـــــائرُ مــــن هنا وهنـــاك معـــلنةً إشــراقةً الفـجــر الجديدْ
حمـــلت بــه الأم الـــــرؤوم فحمــــلها سهـــــــلاٌ وميســـور فلا كرب ولا تسهـيدْ
وخـــلال مـــدة حمـــلها كــانت ترى حلـــو البشائر والرؤى عن حمـلها المـودودْ
وضعتهُ لم تعرف خلال مخاضهاْ شكوى الحوامل حين الوضع للمولـــودْ
حــتى إذا آن الأوان ضــــج الكــــونُ ترحيبـاً بخـــير الناس أكرمــــهم بـلا تحــديدْ
وتُنُوقِلَت أخبارُ مـولد أحمـــــد وجـــــرى اللســان بهـــا كترتيل النشيدْ
وتزاحمت كل الخــلائق تبتغي فـــي أن تكـــون بصحبة العــلم الفـريـدْ
هــذا هـــــو المــــولــــــود مـــن وعـــدت بــه الدنيـا ليقود دفتها لعالمها الجـــديدْ
هــذا الــــذي سيقيم مـــــيزان العــــــــدالةِ حُكْمُــهُ عـــدلٌ خــلا من سيّد ومســــودْ
هذا الذي تستقبلُ الافاق دعوتهُ ويعمها نور الهــــدى ورسالة التـوحيدْ
بـــدأت حياةُ محــمدٍ طفــــلاً غــــلاماً يافعـــاً رجــــلاً تــحيط بهِ عنايــات المــــجيدْ
هـــو فـــي مـــــراحـــــله مثالاً للــنقـــا والطـهـر والإحســــانِ والـــرأي الــــرشيدْ
بــدأت تبـــاشيرُ النبــــوةْ في تحنســـهِ وعـــزلتهِ وصرف الفـــكرِ فــي أمــــر بعيدْ
لمـا أتم الأربـــعينَ أتـــاهُ أمــــر الله أن بلــغ رســــــالتنا ولا تصــــغي لأي وعيـــدْ
وبـــــدأت دعــــوتك العــظيـمـــة بين أهـــــلك ثـــــم قــومــك من دنـــا ثـــم البعيـدْ
وصـبرت فـــــي الـــــدعـــــوى ولــم تحـــفل بمــــا لاقيت من عنت ومن تهــــديـدْ
وتكــــالبت كــــل الهمــوم عليك لـــــم تجـــزع صـبرتَ وكنت فـــي جهــــــد جهيدْ
وفقـــــدت أغـــــلى النــاس مــــن كانت لك الســــند المـكين والــركـــن الشـــــديدْ
خـــير النساء خــــــديجةٌ حِــــب الرســــولِ مــعينـــه بالـــدعم والــــــرأي السـديدْ
وفقـــدت عمـــك مـــن أحبـــك مـــن رعـــاكَ ورد عنــك مـكيــدة الخصـــم الـعــنيدْ
ما كنتَ إلا ذو فؤاد ناله ما ناله لابــد مـن أمــرٍ يـــداوي قلبـك المفؤودْ
فحباك أمراً لا يجــول بخـــاطرِ ما ناله ملك ولا بشر وشيطان مـــــريدْ
فــي ليلةٍ جـــبت القفارَ فأنت فــي الأقصــى تصــــلي وخـــلفك الرســــل سجـــــودْ
واجـــتزت اطبـــــــاق السمــــاء السبع أنت بحضرة المولى العـظيمِ إلهنا المعبود ْ
شاهــــدت مـــا شهـــدت ممــا لا يجـــول بخـاطر حتى ولا حلمٌ يصـدقه الشـــــهودْ
في مـــوكبٍ فـيـــه الجــــلال والبهــاء تجليا نــوراً يُغَشّي كل شيء في الوجـــــودْ
ووقفت بين يـــدي الجـــــليل وكنت واعٍ مـــدركـــاٌ أن المقـامَ يفـوق كــل حـــدودْ
ورأيت كيف هو الجحيم وهوله وذهلت حــــين رأيــت جنــات الـخــلودْ
يا سدرة المنتهى يهناكِ رؤية من رُفِع الحجـــاب لــه ولاقـــــى ربــه المــعــــــبودْ
ورجعت مجبوراً وتصحبك الصلاةُ فريضةً فيها الإقـــامـــة والركـــوع والســجودْ
وقـــفلــت لازال الفــراش دافـــئاً والليـــــل لمَّا ينتهي والعـــالمـــــــــين هــجــــودْ
وخـــــرجت من أم القـــرى لا عــن قـــلىً فارقتـــها رغــماً وأنتَ ملاحقٌ وطـــريدْ
هاجرتَ نحو مناصريك من بايعتهم كيــمـــا تـــلاقـي النصــــر والتـــــأيـــد ْ
وشرعت تبني دولة الإسلام قائمة على أُسسٍ مــن الشـــرع الــحــنيف وطيـــــــد ْ
لم يمضى وقت والجزيرة كلهـــــــــا قد أصــبح الإســـــلام دينهــــم الوحــــــيدْ
ومضيت تغرس في النفوس فريضةً تدعــــى الجهـــــاد لنصـرة الدين الحمــيدْ
هزت بعوثك عرش كسرى وقيصـرٍ تدعوا إلى الإسلام دين الحــق عــن تأكيدْ
قدمت للإسلام أجمــــل صــــــــورةٍ ما يجعــل الإنســانَ يحيــــــا آمناً وســعيدْ
ياسيد الرســــــل الكــــرام جميعهم أيقظت أمتـــك التـي كــــــــانت رقــــــــودْ
وجعلت منها أمةً وسطية عظمـــى تجـــاوز نـــــــورهـا أقــــصى الحـــــــدودْ
أيقظت قومكَ من ثُباتهم فما لبثت خيولهمُ تـدك الارض فـــي أقــصـى الحــــــــدودْ
علمتها وتــــركت في يدها كتـاب الله إن لزمتــــــــــه عَّزّتْ لن تزلَّ ولــــن تبيـــدْ
لك يـا رسول الله في أعنـــاقنـا ديـنٌ وليـــــس لنــــا مـــن حـيـلةِ أو قــــدرةٍ فنعيدْ
ماعندنا إلا أتبــــــــاعكَ والصـــــــلاةعـليك فأقبل عــــذرنا إنـــا عـليـــــك وفــــودْ
يامسلمين اليوم لا يحصىَ لكم عـــددٌ لكـــنّ حـالتكم يرثى لها من فرقة وجمـودْ
إستيقظوا قد طال عمر رقادكـــــــــم واستلهموا التـاريخ وابنــوا مــن جـــــديدْ
وسؤالكم هل من سبيل نستعيد مكاننا المجد يرجعهُ عــــزم وقلب مـــــن حـــديدْ
كتبه / محمد صالح بندقجي
0 تعليقات