عبدالوهاب أبو سليمان.. فقيه أمة
فرق بين أن تعرف الإنسان عن بعد وأن تعرفه من قرب، والأكبر من ذلك في المفارقة أن تعرف تخصصه العلمي الدقيق وحاجة الأمة لتخصصه عن كونه يحمل شهادة أكاديمية فقط، فمعالي الأستاذ عبدالوهاب أبو سليمان عندما تعرفت عليه وقابلته أول مرة في اللقاءات الفقهية (مجمع الفقه الإسلامي) في كل من البحرين والكويت التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي التي أصبح اسمها الآن منظمة التعاون الإسلامي كنت أرى فيه أنه صاحب هيئة عصرية لا تمت للمشيخة التقليدية بشيء، يتحدث الانكليزية بطلاقة وعندما تناقشه في أي موضوع تتطرق اليه الصحافة المحلية أو العالمية تجده أعمق شخص في فهمه، ناهيك عن تخصصه الدقيق الذي جمع فيه بين أصالته من الناحية الشرعية والتخصصية من ناحية الدراسات الحديثة، شخصية اجتماعية تبرز معالمها من محادثته وعمق معرفته بمكة وأهل مكة وتاريخ مكة فهو «مكاوي» بمعنى الكلمة، يجذبك نحوه أدبه وأخلاقه وتعامله وقمة فهمه للحياة وحقًا استحق أن يكون من هيئة كبار العلماء لانه يحمل فقهًا في تخصصه يزن فقه أمة، وكانت الأمة محتاجة الى من هو فقيه في علم الفقه واصول الفقه المعاصر.
في الجانب الآخر حظي كل ما يخص مكة المكرمة باهتمامه (علماء مكة وتاريخ مكة الزماني والمكاني.....) وهو بالاضافة الى كل ذلك العلم والتخصص الدقيق في الفقه وأصول الفقه والدراسات الشرعية والتاريخية والاجتماعية يملك روحًا حلوة، جاد في عمله، لطيف في تعامله، متواضعًا، وعلى ماهو عليه من علم غزير ومكانة علمية ورسمية كعضو في هيئة كبار العلماء تجده يقترب منك كأنه من أقرب الناس اليك، وعندما شاركت ببعض المحاضرات في اللقاءات الفقهية كناحية من التوضيح العلمي عن الاستنساخ أو الخلايا الجذعية أو أي موضوع بيولوجي في مجال تخصصي أجده هو والدكتور الفاضل محمد علي البار والعلامة الشيخ عبدالله بن بيه من يشجعون ويعضدون.
كتبت على عجالة هذه المقالة عنه، لكن أدعو بصدق بجمع إرثه العلمي وإنتاجه البحثي وكذا الكتابة عن سيرته الذاتية التي ارشح للكتابة عنها صديق عمره الاستاذ الدكتور عباس طاشكندي عميد شؤون المكتبات المعروف بقدرته على ذلك فهو من أعرف الناس به وأحبهم الى قلبه.
رحم الله عالم الأمة المكي العلامة معالي الاستاذ الدكتور عبدالوهاب ابوسليمان عضو هيئة كبار العلماء سابقًا وجعله في مقعد صدق عند مليك مقتدر وجعل مقامه في عليين بين الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وعزاؤنا لأهله وأسرته وآل ابوسليمان ولأحبابه من أهل مكة وخارجها و»إنا لله وإنا إليه راجعون».
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم | منقول من جريدة المدينة 17 أبريل 2023
0 تعليقات