عبدالوهاب أبو سليمان في ذمة الله !
في الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك انتقل إلى رحمة الله تعالى العلامة الإسلامي الكبير وعضو هيئة كبار العلماء السابق الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان بعد صراع طويل مع المرض وعمر من العطاء العلمي والمساهمة الجادة في تطوير الفقه الإسلامي.
كان الراحل الكبير بلا منازع واحداً من أهم علماء الأصول الفقهية في عصره، وذلك على مستوى العالم الإسلامي. برع في تأصيل العديد من المسائل المهمة والمعقدة مثل توسعة المسعى والمعاملات المالية وغيرهما. درس وبشكل معمق المذهب المالكي والمذهب الشافعي على أيدي أهم علماء الحرم المكي الشريف من أمثال الشيخ حسن المشاط رحمه الله تعالى. كذلك كانت للشيخ الراحل عبدالوهاب أبو سليمان العديد من الإصدارات المهمة في الأماكن الأثرية المهمة في مكة المكرمة كباب السلام ومكتبة مكة وموقع ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم، واعتبرت هذه الإصدارات من أهم المراجع العلمية للمهتمين بتلك المواضيع.
عرف عن الراحل الكبير نبل أخلاقه وتواضعه الجم وزهده التام والبعد عن الأضواء وكان دائماً وبصدر رحب وصبر كبير يتلقى الأسئلة ويجيب عنها بأسلوبه المليء بالحكمة والعطف والأدب الجم.
كان الراحل الكبير نهماً في مسعاه الدؤوب للعلم والتعلم منذ نعومة أظافره في المراحل الدراسية الأولى وصولاً للمراحل الدراسية الجامعية في محطتي الماجستير والدكتوراه اللتين حصل عليهما من أهم الجامعات في المملكة المتحدة.
بدأ العالم يعرف قيمة الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان وقيمة علمه الاستثنائي فبدأت كبرى الجامعات تدعوه للتدريس أو إلقاء المحاضرات فيها، فالراحل الكبير عمل أستاذاً زائراً في جامعة هارفارد الأمريكية العريقة وجامعة ديوك الأمريكية وجامعة زايد بالإمارات العربية المتحدة والجامعة الإسلامية الدولية في ماليزيا وغيرها.
لن تجد الراحل الكبير على مواقع اليوتيوب في مشاهد تلفزيونية، ولكن ستجد علمه مدوناً في كتب قيمة تلقاها المئات من طلبة علمه حول العالم. كان مدرسة متحركة عكست سماحة أخلاقه وتواضعه فلقي القبول العريض والاحترام غير المحدود من الناس على مختلف خلفياتهم. قدم صورة جميلة وسمحة للعالم الديني بلا حدة ولا قسوة فدخل العقول وسكن القلوب.
رحم الله الراحل الكبير الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون. خالص العزاء لأهله ومحبيه وذويه، ونسأل الله لهم الصبر والسلوان في فقيدهم الغالي.
وجزاه الله خيراً على علمه وعمله اللذين سيبقيان شاهدين في الأرض عليه وصدقة جارية تحسب له بإذن الله تعالى.
حسين شبكشي / عكاظ الاثنين 24 أبريل 2023
0 تعليقات