(الساعة الكبيرة) قرب المسجد الحرام شاهد على حرص المؤسس على التنمية والتطوير

خطت عقارب الزمن خطوة إلى الأمام على يد مؤسس الوطن وباني نهضته؛ الملك عبدالعزيز آل سعود، حينما أصدر إرادته السنية بإنشاء الساعة التاريخية الشهيرة في مكة المكرمة عام 1352هـ (1933م)، على دار الحكومة والتي سميت حينها بـ (الساعة الكبيرة) أو (ساعة التوقيت)، وذلك بعد ملاحظته -رحمه الله- الحاجة إلى وجود ساعة كبيرة تُشاهد عقاربها من مسافة بعيدة، ويسمع صوت دقاتها المصلون في المسجد الحرام ومن حوله.

كانت تلك الساعة أكثر من مجرد عقارب تدور داخل ميناء زجاجي، إنها كانت رمزًا للزمن الجديد الذي أطل على المملكة العربية السعودية، وشاهدًا على التنمية والتطوير، كمراقب للوقت في أقدس البقاع على وجه الأرض.

أصدر الملك الأوامر إلى وزير ماليته بجلب الساعة من الخارج، وعهد إلى أمين العاصمة المقدسة عباس قطان بوضعها على دار الحكومة، حيث بني لها برج يبلغ ارتفاعه (15) مترًا عن سطحها، ومثله تقريبًا من مستوى الشارع إلى سطح الدار، أي أن تلك الساعة العظيمة ترتفع عن أرضية الشارع بما يزيد على (30) مترًا، وقد شيدت قاعدتها بالآجر والنورة والحديد بإحكام متقن.

صممت الساعة لتكون على وجهين، أحدهما مطل على المسجد الحرام وشارع المسعى، أما الوجه الآخر فيطل على محلة أجياد، ولها ميناء أبيض وعقارب باللون الأسود، مما يساعد على مشاهدتها من مسافة بعيدة، بحيث يضاء الميناء بالكهرباء في أثناء الليل.

وقد بوشر في بناء البرج الذي وضعت عليه الساعة في شهر رجب من عام 1352هـ (1933م)، وتم الانتهاء من بنائه في أواخر شهر شعبان، وتعد هذه الساعة أول ساعة بهذه الضخامة يجري تركيبها، وتميزت بدقة التوقيت، وبهاء المنظر، وأصبحت أداة التوقيت الرئيسة في المسجد الحرام، وهي محفوظة حاليًّا في معرض عمارة الحرمين الشريفين بأم الجود في مكة المكرمة.

ثمانون عامًا تقريبًا تفصل بين إنشاء ذلك الصرح الواعد وإنشاء برج الساعة في مكة المكرمة والذي يعد أكبر ساعة في العالم، ويبلغ ارتفاعه (607) أمتار، ليرتبط هذان المشروعان الرائدان في الرمزية التي يحملانها، فهما يمثلان تذكيرًا مستمرًّا بأن الزمن ليس مجرد تسلسل من الثواني والدقائق، بل هو رحلة تتخللها لحظات كبيرة من التنمية والتحول والإبداع.

المصدر : دارة الملك عبدالعزيز