طبيبة من مكة المكرمة

 

 

يقول أحمد إبراهيم الغزاوي ( شاعر الملك عبد العزيز بالحجاز ) أو  ( حسان الملك ) في إحدى مقالاته بمجلة المنهل الأدبية :

لم أجد في كل ما كتب من تاريخ مكة الحديث ، وما قرأته خلال حياتي حتى الآن من أثبت هذه الحقيقة .. ! لقد شهدتُ قبل ستين سنة بشوارع مكة وبيوتها الكبيرة هذه الدكتورة والطبيبة أ, الحكيمة ، وهي تمتطي حماراً كبيراً مدندشاً ، زينته بأجمل الزينات ، وزركشته بكل ما كان يتنافس فيه الناس .. من الجلاجل واللجام والركائب والحلي التي تناط إلى رقبته وأطرافه ، وهي متوشحة بالقناع التقليدي القديم من الملاءة والبرقع ، في تحجّب سميك .. ما عدا الخف والبابوج ، فإنها تستعمل بدلاً منهما (الجزمة) ، ويسير على يمينها خادمٌ يحمل لها (الشنطة) التي لابد أنها تحتوي على لوازم العلاج الأولية ، وميزان الحرارة وما إلى ذلك .

وكانت ذات أرستقراطية مترفعة ، فلا تستجيب لكل من دعاها لمريض أو مريضة ، وإنما هي خاصة بأهل الجاه والثروة والمناصب ، فقد ظلت على ذلك مدة العصر التركي وربما بعض الوقت من أوائل العهد الهاشمي ، ثم اختفت ! وهي في نحو الخمسين .

أما كيف صارت (دكتورة) ؟! وفي أي عهد درست ؟ وبأي شهادة ظفرت ؟ فذلك مالا أدريه ! وأحسب أنها تلقت دراساتها بالتجارب من جهة ، وبالانتساب إلى أب كان صاحب صلة بالطب والتطبيب ، وأرى من حقها أن لا نهضم حقها في الذكرى ، فهي أول امرأة زاولت المهنة بين سمع الدولة وبصرها ، خلال سنوات طويلة تمتد من عام 1325هـ وتنتهي ربما في عام 1337هـ .. رحمها الله تعالى ولا أتذكر غيرها فيمن عاصرتُ ولا مثلها قبلها من ذوات الحجال .

 

المرجع : كتاب شذرات الذهب (مجموع مقالات أحمد إبراهيم الغزاوي) - من إصدارات مجلة المنهل .