الأماكن الاسلامية في مكة وعناية الملك عبد العزيز بها (3)

المواقع الإسلامية المأثورة لم يختلف حولها العلماء حتى القرن الثالث الهجري
 

أثارت مقولة إزالة بعض المواقع الإسلامية المأثورة وتغيير مسميات بعضها الآخر في مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة جدلا واسعا في المشهدين الفكري والإعلامي، وتقدم لتأييدها عدد من المشايخ والمفكرين والمثقفين بينما تصدى لها وناقض أطروحاتها فصيل آخر من هذه الشرائح، كما شارك في التجاذب الفكري حولها عدد من كتاب الرأي في وسائلنا الإعلامية. ولأهمية الموضوع وحاجته للبحث المتعمق المدعوم بالأدلة والأسانيد تنشر «عكاظ» على عدة حلقات مسلسلة دراسة أكاديمية قام بإعدادها الشيخ الدكتور عبدالوهاب إبراهيم أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء، تتناول هذا الموضوع وتضع النقاط على الحروف المدعومة بالأدلة والشواهد على التساؤلات الإشكالية المهمة التي أطلقها المؤيدون والمعارضون لهذا الموضوع.


بعد أن تناولنا أمس كتاب (أخبار مكة وما جاء فيها من آثار) نتناول اليوم أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه: للعلامة الإمام أبي عبد الله محمد بن إسحاق الفاكهي، المتوفى عام 245هـ، خصص بابا بعنوان: (المواضيع التي يستحب فيها الصلاة بمكة وآثار النبي صلى الله عليه وسلم فيها وتفسير ذلك) ذكر 19 موضعا، وافق في بعضها سلفه العلامة الأزرقي، وزاد عليه مواضع أخرى، جاء ذكر لهذه المواضع كالتالي:
1-البيت الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: في دار أبي يوسف، ولم يزل هذا البيت في الدار حتى قدمت الخيزران أم الخليفتين: موسى وهارون فجعلته مسجدا يصلى فيه، وأخرجته من الدار. وزعم بعض المكيين أن رجلا من أهل مكة يقال له: سليمان بن أبي مرحب كان يذكر: أن ناسا سكنوا هذا البيت، ثم انتقلوا منه، قالوا: والله ما أصابتنا فيه حاجة، ولا جائحة قط، فلما خرجنا منه اشتد علينا الزمان.
وهو من أصح الآثار عند أهل مكة، يحقق ذلك مشايخهم..

2-ومنها بيت النبي صلى الله عليه وسلم: وهو المنزل الذي كانت تنزله خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وفيه كان مسكن رسول الله صلى الله عليه وسلم معها، وفيه صلى الله عليه وسلم ابتنى بها، وولدت فيه خديجة رضي الله عنها أولادها جميعا، وفيه توفيت رضي الله عنها، فلم يزل رسول الله ساكنا فيه حتى خرج صلى الله عليه وسلم زمن الهجرة، فأخذه عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، في ما أخذه، فاشتراه معاوية رضي الله عنه، وهو خليفة، فاتخذه مسجدا يصلي فيه وبناه بناء جديدا.
وحدوده الحدود التي كانت لبيت خديجة -رضي الله عنها- لم تغير، غير أن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- لما بناه فتح فيه بابا من دار أبي سفيان بن حرب بن أمية، فهو قائم إلى اليوم، وهي الدار التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يوم الفتح: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن)، وهي اليوم تعرف برائطة بنت أبي العباس.

3- ومنها الموضع الذي بأجياد الصغير، وهو الذي يقال له (المتكا)..

4- ومنها: مسجد دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي، عند الصفا في الدار التي تعرف بالخيزران، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها مختفيا، وفيه أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فيها إلى الإسلام..

5- ومنها مسجد بعرفة عن يمين الإمام في الموقف، يقال له: مسجد إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وليس بمسجد عرفة.
حدثنا علي بن المنذر الكوفي قال: ثنا ابن فضيل، قال: ثنا يزيد بن أبي زياد، قال خرجنا مع مجاهد نسير حتى إذا خرجنا من الحرم نحو عرفات، قال: هل لكم في مسجد كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يستحب أن يصلي فيه؟ قال: قلنا: نعم، فصلينا فيه، ثم قال: لقد صلى فيه سبعون نبيا كلهم يوم الخيف.

6- ومنها مسجد الكبش الذي بمنى:
وإنما سمي مسجد الكبش؛ لأن الكبش الذي ذبح إبراهيم فداء إسماعيل صلوات الله على محمد وعليهما وسلم، نزل عليه في موضع المسجد..

7- ومنها مسجد بأعلى مكة عند الردم الأعلى: عند بئر جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل رضي الله عنه، ويقال لها: البئر العليا: يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه.
.. عن عبد الرحمن بن كيسان قال: حدثني أبي: قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر والعصر، متلبسا بثوب عند البئر العليا..
وقد بنى هذا المسجد عبد الله بن عبد الله بن العباس بن محمد، وبنى جنيبذا إلى جنبه، حوضا يسقى فيه الماء.
وسمعت بعض أهل مكة من الفقهاء يقول: كان الناس لا يجاوزون في السكن في قديم الدهر هذه البئر، إنما كان الناس فيما دونها إلى المسجد، وما فوق ذلك خال من الناس..

8- ومنها مسجد بأعلى مكة يقال له: مسجد الحرس، وهو الذي يعرف به اليوم، وإنما سمي مسجد الحرس؛ لأن صاحب الحرس بمكة كان يطوف فيجتمع إليه أعوانه من شعاب مكة، وأرباعها عند ذلك المسجد، فسمي مسجد الحرس, وهو في طرف الحجون, وهو مسجد الجن الذي خط فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه خطا.. أما الجن الذين لقوه صلى الله عليه وسلم بنخلة فجن نينوى, وأما الجن الذين لقوه صلى الله عليه بمكة فجن نُصيَبن.

9- ومنها مسجد البيعة: بيعة الأنصار ليلة العقبة, عقبة منى...

10- ومنها مسجد بذي طوى: عند مفترق الطريقين: طريق التنعيم, وطريق جدة، يقال له مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. (25)

11- ومنها مسجد يقال له: مسجد الشجرة بأعلى مكة في دبر دار منارة البيضاء, التي عند سفح الجبل مقابل الحجون بحذاء مسجد الحرس, كانت فيه شجرة, وأن النبي صلى الله عليه وسلم دعاها من موضعها جاءته..

12- ومنها مسجد يقال له السرٌّرَ: وهو الذي بناه عبدالصمد بن علي.
عن محمد بن عمران الأنصاري, عن أبيه، أنه قال عدل إلي عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- وأنا نازل تحت سرحة بطريق مكة فقال:
ما أتى بك تحت هذه الشجرة ؟ قلت: أردت ظلها. قال: فهل غير هذا؟ قلت: لا. ما أنزلني إلا ذلك.
قال عبد الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اذا كنت بين الأخشبين من منى – ونفح بيده نحو المشرق – فان هناك واديا يقال له: السرر, به سرحة نزل تحتها سبعون نبيا).

13- ومنها مسجد عند البرامين: الى الجدر الذي يلي دار عمر بن عبد العزيز, مقابل جدار ابي سفيان -رضي الله عنه- طريق إليه الى جنب دار ابي سفيان رضي الله عنه.

14- ومنها مسجد عند شعب علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يقال: انه دخل في دار الحارث بن عبد المطلب, وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فيه, ويجلس فيه, فالله أعلم كيف ذلك.
ومنها مسجد بذي طوى: عند ثنية المدنيين المشرفة على مقبرة مكة, وبين الثنية التي تهبط على الحصحاص, وذلك المسجد بنته زبيدة بأزج.

15- ومنها مسجد الشجرة: حدثني عبدالله بن أحمد قال، حدثني إبراهيم بن عمرو, قال أخبرني عبد المجيد بن أبي داود عن أبيه قال: زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد الشجرة, يعني, المسجد الذي دون يأجج. (26)

16- ومنها مسجد في جبل ثور: في طريق عرنة على يسارك, وهو الغار الذي ذكره الله عز وجل في كتابه يقول: (إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا)..

17- ومنها مسجد في جبل حراء: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيه ويعتكف فيه الأيام.. (27)

بالمقارنة بين قائمة الأماكن الإسلامية التاريخية عند الأزرقي والإمام الفاكهي، نجد أن بينهما اتفاقا على تسمية بعض الأماكن وصلتها بالنبي صلى الله عليه وسلم والتاريخ الإسلامي وهي:
1- البيت الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- بيت النبي صلى الله عليه وسلم: وهو المنزل الذي كانت تنزله أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، رضي الله عنها.
3- دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي رضي الله عنه.
4- مسجد بعرفة عن يمين الإمام في الموقف, يقال له مسجد إبراهيم صلى الله عليه وسلم وليس بمسجد نمرة.
5- مسجد الحرس (مسجد الجن) بأعلى مكة.
6- مسجد البيعة.
7- مسجد بذي طوى عند مفترق الطريقين: طريق التنعيم, وطريق جدة.
8- مسجد الشجرة بأعلى مكة.
9- مسجد السرر.
10- جبل ثور.
11- جبل حراء.

هذه مجموعة من الأماكن الإسلامية متفق على أنها إسلامية مأثورة، لم يحك فيها اختلاف بين العلماء حتى القرن الثالث الهجري, علما بأن من عادة المؤرخين رواية كل ما يذكر من خلاف بصرف النظر عن صحته.


واحتوت القائمة عند الإمام الفاكهي إضافات جديدة زيادة على ما هو موجود لدى الإمام الأزرقي فذكر عناوين لبعض الأماكن الإسلامية التي أصبحت مساجد لعلاقتها التاريخية بالنبي صلى الله عليه وسلم, وهي:
1- مسجد الشجرة عند يأجج.
2- مسجد عند شعب علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
3- مسجد البرامين.
4- مسجد بذي طوى عند ثنية المدنيين المشرفة على مقبرة مكة.
5- يقتضي البحث التاريخي بعد هذا استقراء هذه الأماكن الإسلامية المأثورة في مكة المكرمة عبر القرون التالية.
ثالثا: كتاب: (شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام): للعلامة الحافظ أبي الطيب تقي الدين محمد بن أحمد بن علي الفاسي المكي المالكي (775 – 832) خص: «الباب الـ21: في ذكر الأماكن المباركة التي ينبغي زيارتها, الكائنة بمكة المشرفة وحرمها وقربه» وقد صنفها أقساما: مساجد, ودور, وجبال, ومقابر.
ومما ينوه عنه في تحرير هذه الأماكن وتدوينها للإمام تقي الدين الفاسي رحمه الله، أنه جدد المعلومات عن هذه الأمكنة, ووصفها وصفا دقيقا على ما هي عليه حالها في زمنه, فقد جاء في ثنايا كتابته عن بعضها في أكثر من موضع هذه العبارة «وكان تحرير ما ذكرناه بحضوري».

ليس هذا فحسب، بل إنه يصحح الصحيح منها, ويؤكده بتحقيقه بالوسائل العلمية, والنقول المتوافرة لديه, ويضعف الضعيف منها بأسلوب علمي موضوعي, الأمر الذي يقوي الثقة في اعتماد كتاباته, والتسليم بها, وقد دوَّن تحت العنوان السابق الصفحات العديدة التي يصعب نقلها كاملة هنا, ولكن يتم الاقتباس لأجزاء منها بما يتفق وأهداف هذا البحث لتقديم صورة واضحة عن هذه الأماكن المأثورة, وقد جاء العرض على النحو التالي:
«هذه الأماكن مساجد, ودور, وجبال, ومقابر, والمساجد أكثر من غيرها, إلا أن بعضها مشتهر باسم المولد, وبعضها باسم الدار... والمقصود ذكره هنا ما اشتهر من ذلك بالمساجد... فمن ذلك:
1- مسجد بقرب المجزرة الكبيرة من أعلاها على يمين الهابط إلى مكة, ويسار الصاعد منها, يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه المغرب على ما وجدت بحجرين فيه:
أحدهما بخط عبدالرحمن بن أبي حرمي, وفيه: أنه عمر في رجب سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.

وفي الآخر أنه عمر في سنة سبع وأربعين وستمائة.. «ثم ذكر مساحة هذا المسجد, والمسافة بينه وبين جدار باب بني شيبة, ثم أردف ذلك بقوله: «وحدد ذلك بحضوري أيضا..», وفي تحقيق هذا الموقع يرد على من يقول انه الموقع الذي بايع النبي صلى الله عليه وسلم الناس عنده يوم الفتح فيقول: «ويوهم بعض الناس أن هذا المسجد هو المسجد الذي ذكر الأزرقي أن عنده قرن مسفلة عند موقف الغنم, وأن النبي صلى الله عليه وسلم بايع الناس عنده يوم فتح مكة على ما يقال, وسبب هذا التوهم أن المسجد الذي ذكرنا ذرعه, وشيئا من خبره يلحق بجبل, وعنده الآن سوق الغنم, وليس هذا التوهم صحيحا, لأن الجبل الذي عنده هذا المسجد هو المشرف على المروة, ويسمى جبل الديلمي على ما ذكره الأزرقي, وهو في شق معلَّى مكة الشامي, وقرن مسفلة الذي أشار إليه الأزرقي ذكره الأزرقي في شق معلَّى مكة اليماني.

2- ومن ذلك مسجد فوقه يقال له: مسجد الراية: وعرفه بذلك المحب الطبري في القرى, وهو من المساجد التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم على ما يقال, كما ذكر الأزرقي, وذكر أن عبدالله بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بناه، وفيه الآن لوحان مكتوبان:
أحدهما كوفي لا يعرف, والآخر فيه أن المستعصم العباسي أمر بعمله في شعبان سنة أربعين وستمائة, وعمره في أوائل سنة إحدى وثمانمائة الأمير قطلبك الحسامي المنجكي عمارته التي عليها الآن...», ثم ذكر مساحته ثم عددها إلى أن قال: «وكان تحرير ذلك بحضوري».(28)

3- ومن ذلك مسجد بسوق الليل قرب مولد النبي صلى الله عليه وسلم يقال له المختبا: يزوره الناس كثيرا في صبيحة اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل سنة, ولم أر من ذكره, ولا عرفت شيئا من خبره..

4- ومن ذلك مسجد بأسفل مكة ينسب لأبي بكر الصديق رضي الله عنه, ويقال إنه من التي هاجر منها الى المدينة, والله أعلم... وهو مكان مشهور بالموضع المشهور بالحجارية, براء مهملة, بأسفل مكة بالقرب من باب ماجن.

ومن ذلك مساجد خارج مكة من أعلاها منها:
5- المسجد الذي يقال له مسجد الإجابة على يسار الذاهب الى منى في شعب بقرب ثنية أذاخر, وهو مسجد مشهور, يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه, وقد ذكره الأزرقي, وذكر شيئا من خبر الشعب الذي هو به, لأنه قال فيما رويناه عنه بالسند المتقدم: شعب آل قنفذ بن زهير من بني أسد بن خزيمة، وهو الشعب الذي على يسارك وأنت ذاهب إلى منى من مكة فوق قنفذ بن زهير من بني أسد بن خزيمة, وهو الشعب الذي على يسارك, وأنت ذاهب إلى منى من مكة فوق حائط خرمان, وفيه اليوم دار الخليفتين من بني مخزوم, وفي هذا الشعب مسجد مبني يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه, وينزله اليوم في الموسم الحضارمة. انتهى.
وهذا المسجد الآن متخرب جدا, وجدرانه ساقطة إلا القبلي, وفيه حجر مكتوب فيه أنه مسجد الإجابة, وأن عبد الله بن محمد عمره في سنة عشرين وسبعمائة...» ثم ذكر مساحة المسجد, وأنه «حرر ذلك بحضوري». (29)

6- «ومن ذلك المسجد الذي يقال له مسجد البيعة: وهي البيعة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها الأنصار بحضرة عمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه... وهذا المسجد بقرب العقبة التي هي حد منى من جهة مكة, وهو وراء العقبة بيسير إلى مكة في شعب على يسار الداخل إلى منى...» ثم تحدث عن الحجارة المكتوبة, ووصفها وصفا دقيقا وذكر مساحته, وكرر عبارة «وكان تحرير ما ذكرناه بحضوري». (30)

7- ومن ذلك مسجد بمنى عند الدار المعروفة بدار المنحر بين الجمرة الأولى والوسطى على يمين الصاعد الى عرفة, وهذا المسجد ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم على ما يقال, لأن فيه حجرا مكتوبا فيه: (هذا مسجد سيد الأولين والآخرين صلى فيه الضحى, ونحر هديه...» وذكر مساحته ووصفه, وأنه كان «تحرير ذلك بحضوري». (31)

8- ومنها مسجد الكبش الذي يقال له مسجد الكبش بمنى على يسار الذاهب إلى عرفة: وهو مشهور بمنى, والكبش المشار إليه هو الذي فدى الله تعالى به نبيه إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام...
وهذا المنحر هو الدار المعروفة بدار المنحر بمنى بين الجمرتين: الأولى والوسطى بقرب المسجد الذي سبق ذكره قبل هذا, وهي مشهورة بذلك عند الناس, وعندها ينحر هدي صاحب اليمن,..» (32)، ثم تطرق الى وصفه, وذكر مساحته.

9- مسجد الخيف بمنى: وهو مسجد عظيم الفضل لأحاديث, وأخبار وردت في ذلك ... ومنها ما رويناه في معجم الطبراني الكبير من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا, منهم موسى..
وبه الى ابن جريج, عن اسماعيل بن أمية أن خالد بن مضرس أخبره أنه رأى أشياخا من الأنصار يتحرون مصلى النبي صلى الله عليه وسلم أمام المنارة قريبا منها, وبه الى الأزرقي قال: قال جدي: الأحجار التي بين يدي المنارة هو موضع مصلى النبي صلى الله عليه وسلم, ولم يزل الناس وأهل العلم يصلون هنالك». (33)
وقد أسهب العلامة الفاسي رحمه الله تعالى، في الحديث عن مسجد الخيف, واستحباب زيارته, والأحاديث الواردة في ذلك, ثم تطرق للحديث عنه من الناحية المعمارية, وامتداد مساحته, وتحديد مصلى النبي صلى الله عليه وسلم به, كما تكلم عن بعض المعالم الحضارية به: المنارة, والسقاية, والذين تولوا عمارته من الولاة والتجار, واقترح في نهاية عرضه بعض المقترحات المعمارية فيما يخص بابه. (34)

10- «ومن ذلك المسجد الذي اعتمرت منه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، بعد حجها في حجة الوداع: وهذا المسجد بالتنعيم...» (35)
تحدث العلامة الفاسي هنا عن من قام بتعميره من الخلفاء والملوك, والأعيان, كما حرر مساحته.

11- «ومنها مسجد يقال: مسجد الفتح بالقرب من الجموم من وادي مر الظهران, يقال: إنه من المساجد التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة, ذكره شيخنا القاضي زين الدين بن حسين المراغي المدني في تاريخه للمدينة المنورة في المساجد التي نقل إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها بين مكة والمدينة, ونص كلامه: ومسجد في المسيل الذي بوادي مر الظهران حين يهبط من الصفراوات عن يسار الطريق وأنت ذاهب الى مكة، ومر الظهران هو بطن مر, المعروف الآن بمسجد الفتح» (36)
أخيرا اختتم هذا الجزء من هذا الباب بقوله:
«فهذه الأماكن المباركة بمكة وحرمها, وقربه, المعروفة الآن بالمساجد, وقد ذكر الأزرقي مساجد أخرى لا يعرف موضعها الآن...» (37)
د. عبدالوهاب أبو سليمان

المصدر جريدة عكاظ الاثنين 22/1/1430هـ

 

انتقل إلى الجزء (4) من المقالة عبر الرابط التالي :

 http://www.makkawi.com/Articles/Show.aspx?ID=296