متحف جامعة أم القرى.. أربعة أجنحة للتحليق في تاريخ المملكة

إن أقرب شعور ينتاب المرء حينما يزور أي متحف للآثار أنه مرتحل في التاريخ بأزمانه وعهوده المختلفة، لتبرز له منجزات وحياة الإنسان شاخصة فيما تركه من آثار، إن لم تعبّر كل التعبير عن حياته؛ فإنها على أقل تقدير تعطي لمحات من تلك الحياة، بما يحفّز الخيال لاستنطاق ورسم الصورة التي كان عليها من سلفنا من الشعوب والأمم.. وكلما كان المتحف حاويًا لتراث العديد من العصور المتباينة كل ما زاد ذلك من أهميته، وقدرته على أن يكون مرجعًا يستحق التأمل والزيارة والنظر ..

في حضرة التراث المكي
وبصحبة الدكتور فواز علي الدهاس المشرف العام على وحدة المتاحف بجامعة أم القرى كانت الكلمات أعلاه حاضرة بكل ما تشير إليه من معانٍ، وأنا استمع إليه وهو يقوم بالتعريف بهذا المتحف الثري.. أجنحة كثيرة داخل هذا المتحف؛ منها جناح للبيئة بتعريفاتها، وثانٍ للآثار بتخصصاتها وثالث للمخطوطات والمطبوعات، ورابع للموروثات الوطنية مركزًا على التراث المكي على وجه المخصوص والحجازي بصفة عامة.. وهناك جناح الحرم المكي الشريف الذي يشتمل على قاعة الصور محتشدة بصور قديمة لكل من المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة والمشاعر المقدسة وبعض المساجد التاريخية، وذلك قبل البدء في التوسعة السعودية الشاملة لهذه المواقع بالإضافة إلى بعض الصور القديمة لمدينة جدة والمدينة وينبع، كما حرصت هذه الوحدة على إعداد وتصميم مجسمات لأجزاء مهمة من الحرم المكي الشريف، ومن ذلك مجسم لبئر زمزم القديم، والعامود الخشبي الموجود داخل الكعبة المشرفة، وكذلك ميزاب الكعبة المشرفة، ومجسم آخر لمقام إبراهيم عليه السلام، إلى جانب صورة مكبرة له قديمة، كما تحتوي هذه الصالة على نموذج لكسوة الكعبة المشرفة، مع جزء حقيقي مبروز لها.

قاعة الحياة البيئية
والطريق سالك يقود إلى قاعة الحياة البيئية ويضم جناح الحياة الطبيعية وقد روعي عند تصميم هذه القاعة ان تصنف محتوياتها ضمن أقسام تخصصية تمثل بصورة تقريبية مراحل تكوين الأرض وظهور الحياة فيها والأقسام التخصصية فيها، إضافة إلى بعض الصور المأخوذة عن طريق الأقمار الصناعية للمناطق المختلفة بالمملكة توضح التوزيع الجيولوجي لصخور ومعادن المملكة في كافة المناطق. وهناك جناح الحياة الحيوانية ويضم أنوعاً من الحيوانات المحنطة التي تعيش أساساً في البيئة السعودية بجانب الحيوانات التي تهاجر إلى مختلف مناطق المملكة في اوقات معينة من السنة.

قسم التاريخ والتراث
أما قاعة التاريخ والتراث فتضم جناح النقوش والآثار ويندرج تحت هذا القسم ثلاثة تخصصات رئيسية هي النقوش الحجرية وتشتمل على شواهد قبور وقواعد تأسيسية لمنشآت المساجد وغيرها وترجع إلى عهود متقدمة من حيث المظهر والإخراج ونوع الخط الذي كتبت به اعتماداً على الفترة الزمنية التي وجدت خلالها ومن أمثلة هذه النقوش قطع حجرية كتبت بالخط غير المنقوط واخرى كتبت بالخط الكوفي او بالخط الديواني، وجناح العملات منذ العصور الإسلامية المتقدمة بجانب المسكوكات والتي تتكون من دنانير ودراهم وفلوس ذهبية و فضية ونحاسية وبرونزية وهي إيضاً تتبع عصوراً مختلفة إسلامية وغير إسلامية كذلك هناك قسم العملات السعودية ويتضمن عرضاً شبه كامل لجميع العملات السعودية الورقية والمعدنية بدءاً من عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ومروراً بأبنائه الملك سعود والملك فيصل والملك فهد (رحمهم الله) وإنتهاءً بعهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله.

ثالث الأجنحة في هذا القسم خصص للزجاج والخزف، منظورًا في قطع من اوانٍ مختلفة صنعت خلال عصور إسلامية متباينة ومن امثلتها اوان خزفية تابعة للعصر العباسي واخرى تابعة للعصر الفاطمي يجاوره جناح الأسلحة التقليدية وتشتمل على انواع متعددة من الأسلحة تابعة لعصور زمنية مختلفة ومن اهم الأسلحة التقليدية السيوف و أشهرها "سيف الجوهر " والبنادق وأشهرها بندقية ام أصبع وبندقية المقمع وبندقية أبو فتيل وبندقية أم خمس هذا بالإضافة إلى بعض الملابس الحربية والعسكرية وجناح المخطوطات ويضم هذا القسم مجموعة من المخطوطات القديمة النادرة منها مصاحف قديمة مكتوبة بخط اليد والبعض منها مذهبة في علامات نهايات الآيات والبرواز المحيط بالصفحة. وجناح المطبوعات القديمة ويشتمل على عدد من المطبوعات والمجلات القديمة والتي كانت تصدر غالبيتها في مكة المكرمة حيث يضم الجناح مجموعة من المطبوعات القديمة مثل مجلة الإذاعة التي صدرت عام 1375هـ ومجلة المنهل عام 1355هـ. أما القاعة الثانية في هذا المتحف فقد خصصت للتراث الشعبي، وهي أكبر القاعات لذا قسمت إلى قسمين رئيسيين أحدهما قسم يمثل التراث الشعبي البدوي وفيه تم تجهيز خيمة (بيت شعر) وضعت بداخله وامامه كافة المقتنيات التراثية التي تمثل البيئة البدوية اما القسم الثاني فهو عبارة عن دواليب عرض تحتوي على نماذج أخرى متنوعة من التراث الشعبي لمنطقة مكة المكرمة . إضافة إلى ذلك توجد هناك بعض المقتنيات التراثية وضعت ضمن هذا القسم داخل فترينات عرض ومن أمثلتها مجموعات مشتغله من سعف النخل و مجموعات مختلفة من مكاوي الفحم والأقفال القديمة والاواني الخشبية.

ويشتمل هذا القسم على عدة أجنحة منها جناح البيت الحجازي بأجزائها المختلفة التي تعرض الاجزاء المعمارية، والسقيفة، وجناح السوق والمقهى الشعبي، ومركاز العمدة، وجناح الملابس الشعبية الرجالية والنسائية على حد سواء، ومن أمثلة الملابس الرجالية التقليدية الثوب الفضفاض الذي تحتوي أكمامه على ثنية صغيرة تسمى "كرمة" والعمة (الجبة) والغبانة والكوفية البلدي ومداس أبو انتن والفوطة وفلينة أبو عسكري

جريدة المدينة / ملحق الاربعاء / الأربعاء, 10 يونيو 2009/ علي العميري