المكيون يعلنون السحور بالقناديل وأهل الشام ومصر بالطبول

“أصحى يا نايم .. وحد الدايم .. سحورك لا يفوتك” .. كلمات كانت تجوب ازقة وشوارع مكة القديمة قبيل آذان الفجر بساعة .. تتردد بالحان جميلة، وقبيل عدة عقود من الزمن لم يكن أهل مكة وماجاورها يستيقظون لسحورهم الا على صوت المسحراتي الذي يعرفه كل اهل الحي.

وتروي الحكايات ان اول من ابتدع مهنة المسحراتي هو وزير السلطان ابن قولون فقد بات ليلته ولم يوقظه احدا فشكى لوزيره عطش يومه، فامر وزير السلطان من الحرس بدق الطبول في القصر قبيل الفجر، ومن ثم تطور الامر حتى وصل الى الكثير من البلدان العربية.

ويقال ان المهنة “المسحراتي” جاءت لأن النلاس كانوا ينامون في أول الليل بعد صلاة العشاء ولا يسهرون حتى يتمكنوا من قيام الليل وصلاة الصبح والانتشار صباحا الى اعمالهم المعيشية، فمن كانت حياتهم على هذه الوتيرة والكيفية فهم بحاجة الى من يوقظهم من النوم للسحور في شهر رمضان. ولما لم يكن بتلك الازمنه مثل مدافع اليوم المدوية ولا الصافرات الصارخة كان أبسط شيء هو قيام المسحراتي بهذه المهمة.. واصبح لكل بلد طريقته الخاصة في ايقاظ النائمين، فأهل مكة يعلنون السحور بإشعال القناديل فوق المساجد ايذانا بدخول وقت السحر وأهل الشام ومصر والمغرب العربي بضربون الطبول.

والمسحراتي شخصية تتسم بالبساطة وحب الناس له بل ان البعض ادخل علي المهنة بعض الكلمات المنمقة والساخرة ويرددها امام كل بيت يعرف صاحبه مثل .. “سحورك قبل لايفل نورك .. وشيل العتله ازبط المرقة” .. وبعد توسع الاحياء في مكة اضطر عدد من المسحراتيه الى استخدام الدف ليضرب عليه بعيدان صغيرة فيكون صوته قوياً بين الازقة وفي الحارات، وكان يضربها ثلاث ضربات لطاف بوقع خاص ويقف تحت كل منزل وينادي أصحابه بأسمائهم الكبير والصغير، لان المسحراتي يكون عادة من سكان الحارة التى ينادي فيها.

و ذكرت بعض المصادر أن من أقوال المسحراتي : “أيها النائمون اصحوا اذكروا الله الذي سخر الرياح، ان جيش الليل قد انسحب وجيوش الصباح تشعشع، اسرعوا بالشرب فقد حان موعد الصباح” ، وقبل هذا كله كان ينادي ويردد الحديث الشريف عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
( تسحروا فإن في السحور بركة ).

هكذا يقول المسحراتي في دورانه . ثم بعد انقضاء شهر الصوم يدور بطبلته ليهنىء الناس بعيد الفطر فيهدون اليه شيئا من النقود او الحبوب وبعض الحلوى.

المصدر / جريدة المدينة 18/9/1430هـ - حامد القرشي