منى .. تمنى فيها الدماء وبها نزلت سورة المرسلات

سميت منى بهذا الاسم لما يمنى فيه من الدماء ، وقيل لاجتماع الناس بها، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس منى، وهي تقع ما بين مكة والمزدلفة على بعد 7 كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، وعن طريق النفق أربعة كيلومترات، وبها يبيت الحجاج ليالي : التاسع والحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة لمن يتعجل وليلة الثالث عشر لمن يتأخر.

وقد اطلق عليها حديثا مسمى “مدينة الخيام” وفيها العديد من الاماكن التاريخية والقدسية وكذلك العقبات الثلاث ومسجد البيعة وشعب الانصار.
وتؤكد بعض المصادر التاريخية ان مشعر منى المقدس داخل حدود الحرم وبه رمى ابراهيم عليه السلام الشيطان عندما حاول منعه من ذبح ابنه اسماعيل، وذلك أنه لما أمرالله سيدنا ابراهيم بذبح ولده وسعى لتنفيذ ذلك اعترضه الشيطان ووسوس له بأن لا يذبح ولده فرماه بسبع حصيات، ثم انطلق فاعترضه مرة أخرى فرماه بسبع، ثم انطلق فاعترضه ثالثة فرماه وأضجع ولده على جبينه وأجرى السكين على عنقه فلم تقطع، وناداه الله بقوله: “ونادينه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا”. أي امتثلت ما أمرك الله به وعصيت الشيطان فأصبح المكان هو رمي الجمار وذبح الخليل عليه السلام كبشا بدل إسماعيل عليه السلام، وقد اقتدى بذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم وذبح أثناء حجة الوداع، ويرمي المسلمون الجمار ويذبحون، وبها مسجد الخيف والجمرات الثلاث وبها تمت بيعة الانصار المعروفة ببيعة العقبة الاولى والثانية وانزلت سورة النصر أثناء حجة الوداع، وفيها بات النبي صلى الله عليه وسلم وصلى أيام التشريق ولياليها وبها نحر، وقال : نحرت ههنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم، وبها نزلت سورة المرسلات.

ويوجد بمشعر منى المقدس مسجد الخَيْف وهو مسجد معروف بمنى أسفل جبل الضباع من الناحية الشمالية، وفي موضع هذا المسجد نزل الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، ونزلت قبله في هذا الموضع الرسل والأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام ، وقيل إن عددهم كان سبعين نبياً، وفي موضعه أيضاً كان تجمع المتآمرين لغزوة الأحزاب.
يقول الدكتور فواز بن علي الدهاس المشرف على وحدة المتاحف بجامعة ام القرى أن هذه الشواخص موجودة منذ العقود الاسلامية القديمة فمع مرور الزمن و تكاثر الحجاج حيث يصعب الوصول الى الرحى موقع الرمي فكانت هذه الشواخص الثلاثة، مشيرا الى ان رمي الجمرات كان في السابق من جهة واحدة.

وأوضح د. الدهاس أنه كان لقبائل يثرب المبادرة والمباركة للاستجابة لدعوة محمد صلى الله عليه وسلم وذلك ناتجٌ من أنهم أعلم هذه القبائل بصدق دعوته بسبب مجاورتهم لليهود والذين كثيراً ما يتحدثون عن خروج نبي مما يجدونه لديهم في التوراة إضافةً إلى روح العداوة التي نشبت بين الأوس والخزرج ودور اليهود في إذكائها، وعند مقابلتهم له صلى الله عليه وسلم أبدوا له رغبتهم في ما جاء به، وكانت القبيلتان تتنافسان على ذلك ولكنهما فضلا مشاورة قبيلتهم وفي العام المقبل قدم وفد من الخزرج ممن أراد الله بهم خيراً فجلسوا إلى رسول الله فتحدث لهم عن الإسلام فأبدوا رغبةً في ذلك، ونتيجةً لهذا اللقاء الذي حدث في العام الحادي عشر من البعثة تحدث الناس عن الإسلام وعن محمد فقدم وفد منهم في العام الذي يليه مكون من اثني عشر رجلاً تواعدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد شعاب منى عرف فيما بعد بشعب الأنصار ويقع إلى يسار الذاهب إلى منى وراء جمرة العقبة، وهو شعبٌ يقع في السفح الشرقي لجبل ثُبير يميناً أو مايعرف عند العامة بجبل الرخم .. والحكمة من تواعدهم في هذا الشعب لأنه مكان منزوي عن الأنظار.

المصدر / جريدة المدينة 22/9/1430هـ - حامد القرشي