عقد القران بالمسجد الحرام.. تراث حجازي يأبى النسيان

 

اعتاد الكثيرون من أهل منطقة الحجاز منذ قديم الأزل وحتى اليوم أن يقيموا عقود القران في البيت الحرام بمكة المكرمة، وهو مشهد درج الناس على مشاهدته باستمرار داخل الحرم، حيث يتجمع عدد كبير من كتاب عقود النكاح خاصة في نهايات الأسبوع، ليعقدوا قران من جاءهم لهذا الغرض من مختلف المناطق والجنسيات.

تقاليد قديمة
يقول صالح اليافعي أحد المتابعين لذاك التقليد القديم: أن توجه المكيين إلى الاحتفال بتلك المناسبة بهذه الطريقة تعود إلى تقاليد قديمة دأب عليها أهالي مكة عند إبرام عقود زواج أبنائهم أو أحد أقاربهم، وهو عرف تقليدي اعتادوا عليه منذ سنوات طويلة، كان أهم أسبابه في الماضي قلة التكاليف ومباركة الجميع في الاحتفال فضلا عن أنه لا يخرج عن البساطة في التعبير والاحتفال، وأن عقد القران كان لا يستغرق أكثر من نصف ساعة.

ويضيف: كان يجلس أكثر من كاتب نكاح حاملا حقيبته المحتوية على الدفتر الخاص بتسجيل العقود، حيث اعتاد العديد من الأهالي على القدوم مباشرة إلى الحرم من دون تنسيق مسبق لإبرام عقود زواج أبنائهم أو أحد أقاربهم كون الأمر لا يتطلب سوى حضور ولي أمر العروس وشاهدين إلى جانب إحضار بعض المستندات الرسمية، وفي نهاية عقد القران تقدم القهوة والتمور توزع الحلوى على أهل العروسين وأيضا بعض رواد المسجد الذين يتوقفون لمشاهدة مراسم عقد القران والمباركة للطرفين.

المدن الأخرى
ويشير جميل المولد من أهالي مكة المكرمة إلى أن عادة عقد القران بالحرم لم تعد مختصة بأهالي مكة فحسب، بل امتد الأمر إلى سكان بعض المدن المجاورة لمكة المكرمة مثل جدة والطائف، حيث بات أهالي هذه المدن يحرصون على إتمام عقود قرانهم داخل المسجد الحرام، حتى تظل المناسبة ذكرى جميلة للعروسين، وأن مراسم عقد القران يكتفى فيها “المملك” بالتثبت من موافقة العروس عن طريق ولي امرها الذي عادة ما يكون بجانبه شاهدان من أهله.

ويقول فيصل المقاطي أن حفل عقد القران داخل الحرم المكي الشريف يتميز بتوزيع التمر الذي يعد خصيصا لهذه المناسبة من حيث حشوه باللوز والفستق الى جانب تقديم القهوة العربية، فيما يفضل البعض تقديم الحلويات كالمعمول، ويحظى زوار المسجد الحرام الذين يحرصون على حضور مراسم توقيع عقد النكاح في أخذ نصيبهم من تلك الحلويات. وقال ان مثل هذه الاحتفالات تبدو جميلة ومشجعة لانها غير مكلفة ماديا.

مواسم الأنكحة
ويقول عبدالقادر طويرقي عن الوقت الذي يتم فيه عقد القران: أن الأوقات الدارجة لدى الكثير من أهالي العروسين الراغبين في إبرام عقود زواج أبنائهم أو أقاربهم في الحرم المكي الشريف هي فترة ما بعد صلاة المغرب حتى صلاة العشاء، مما يتيح فرصة لبعض الحضور لأداء فريضتي المغرب والعشاء داخل المسجد الحرام. وأوضح أن تفاوت نسبة عقود الأنكحة داخل الحرم المكي الشريف تتزايد في الإجازة الصيفية عن بقية أشهر السنة، إلا أن الزيادة الواضحة تحدث في فصل الصيف حيث يرتبط الكثيرون بمواعيد مسبقة أما في الأيام العادية فيكون الإقبال في نهاية الأسبوع، بينما يندر في وسط الأسبوع، وفقا لما تعارف عليه الناس.

المصدر / جريدة المدينة 20/10/1430هـ