هاني فيروزي.. أشياء مبعثرة بين الفن والتاريخ والمقاولات
الراحل هاني ماجد فيروزي ذاك الحريص على تضمين اسم والده في اسمه إعلاميا، كان واحدا من أهم الأسماء التي وثقت لفنوننا وثقافتنا وتراثنا، وأهم من ذلك كثيرا كان عمله الدؤوب في تسجيل الحياة الاجتماعية لمكة المكرمة التي صدر له بشأنها كتاب عنها بعنوان «قصة مكة المكرمة».
فيروزي من شخصيات الوسط الثقافي والإعلامي الناشطة في كل ما له علاقة بالإعلام، فهو المستشار الإعلامي والمؤرخ والإذاعي، الذي قدم الكثير من الأعمال والبرامج والبحوث للإذاعة والتلفزيون، والباحث والناشر، وواحد من أقدم وأبرز العاملين في الصحافة المحلية، وهو الشاعر الذي كتب بعضا من الأغنيات المحلية والأهازيج واللوحات الوطنية والوصفية والمشاهد، كما أنه رجل الإعلام والإعلان الذي افتتح دار «المهرجان» للنشاط الإعلاني والسياحي، حيث كان الراحل هاني فيروزي أول من قدم من خلالها دليلا سياحيا تجاريا متكاملا، وكانت له مساهماته البارزة في تدعيم خطى الكثير من الأسماء المتواجدة في الساحة اليوم.
شخصيا كان دخولي استوديو الإذاعة لأول مرة مع الراحل هاني فيروزي الذي قدمني يومها للمخرج عبد الرزاق نوري، إلى جانب الممثل حمدي حافظ كصحافي من الممكن أن يكون من نقاد الغد، وكان البرنامج من تقديم هاني وإعداده، اسم هاني الذي توفاه الله في 4/1/1430 كان قد ملأ المملكة نشاطا، والكثير من الجهات الثقافية في العالم العربي، وهو واحد من أسماء مكة المكرمة التي عاصرت ثقافة وفنون اليوم، مثل الخفاجي وجميل محمود وعبدالرحمن حجازي وياسين سمكري وغيرهم.
من هو
هاني ماجد عمر محمد علي فيروزي من مواليد مكة المكرمة في 1367هـ (1948)، تلقى تعليمه الابتدائي حتى الثانوي بها، ثم درس التاريخ في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية.
هاني واحد من 11 أخا وأختا هم: «شقيقة كبرى متوفاة، يحيى «توفي صغيرا»، هاني، طلعت «كان مديرا لإدارة التعليم الأهلي في إدارة تعليم جدة سابقا تقاعد الأسبوع الماضي»، شقيقتان، فهد «رجل أعمال»، شقيقة، عمر «مهندس ويعمل في إدارة الصيانة في مطار الملك فهد في المنطقة الشرقية»، شقيقة، عدنان «الدكتور المحامي والمستشار القانوني». ولهاني فيروزي من زيجتين ابنه ماجد، وبنات ثلاث: عبير، رؤى، وريم.
مشوار حافل
بدأت مشاركاته الصحافية عام 1383هـ (1963)، وكتب في العديد من الصحف والمجلات، أعد للإذاعة والتلفزيون أكثر من 25 برنامجا، مثل جمعية الثقافة والفنون في هيئة تحرير (فنون عربية) الصادرة عن الاتحاد العام للفنانين العرب، شغل عدة مناصب إدارية وثقافية في فرع جمعية الثقافة والفنون في جدة آخرها عمله كرئيس للجنة الثقافية، عمل ضمن هيئة تحرير الإصدار الخاص لمجلة الجيل في جائزة الدولة التقديرية على مدى سنتين 1403هـ، 1404هـ، أعد الفقرات الخاصة بمكة المكرمة ضمن مشاركتها في الجنادرية 1، 2 وعدد من الأسابيع الثقافية السعودية في الخارج، كما شارك في إعداد البرامج الأولى للأنشطة الثقافية السياحية في محافظة جدة.
شارك في بعض المهرجانات العربية والدولية، وفي اللجنة الإعلامية للمؤتمر الثاني للأدباء السعوديين الذي نظمته جامعة أم القرى في مكة المكرمة 1429هـ «1998»، كما شارك في بعض ملتقيات رجال الأعمال التي نظمتها الغرف التجارية في جدة ومكة المكرمة، عمل مستشارا «غير متفرغ» لتحرير مجلة العاصمة المقدسة «1417».
الراحل عضو في العديد من الجمعيات والأندية منها: الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، نادي مكة الثقافي الأدبي، نادي الوحدة الرياضي (وكان عضوا في مجلس الإدارة 1408 ـ 1409هـ)، اتحاد المؤرخين العرب، اتحاد الصحافيين العرب، رابطة الأدب الحديث «وكان سكرتيرا لمجلة الحضارة الصادرة عن الرابطة»، وسبق له أن شغل عضوية المركز السعودي للفنون التشكيلية، المسرح الشعبي في الكويت.
بابا عارف
له العديد من المؤلفات منها: حكايات بابا عارف، قصة مكة المكرمة، قصة أصحاب الفيل، أفكار وآراء عدد من الأدباء والعلماء، جدة المال والجمال، ملامح من تاريخ مكة المكرمة، وكتاب عن محمد سرور الصبان رحمه الله، أيضا تابع شقيقه عدنان طباعة أحدث كتبه بعنوان «انشقاق القمر» الصادر الأسبوع الماضي.
كان لهاني فيروزي الكثير من البرامج منها البرنامج الإذاعي بعنوان «كلمة ولحن»، قدم وكتب العديد من الأوبريتات الغنائية والأناشيد الشعرية للأطفال.
نال العديد من الجوائز وشهادات التقدير منها: ميدالية ذهبية وشهادة تقدير من الأمير فيصل بن فهد عن مشاركاته في السنة الدولية للشباب 1407هـ «1987»، كما حصل على 56 درعا وشهادة تقديرا عن مشاركاته في مناسبات ثقافية مختلفة محليا وعربيا. كرمته جمعية الثقافة والفنون باعتباره من رواد الصحافة الفنية في المملكة، ومنحته شهادة تكريم عام 1407هـ «1987». عين مديرا تنفيذيا لمطابع رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في رجب 1420هـ «أكتوبر 1999». كرمته جمعية الثقافة والفنون في جدة في 3 / 1426هـ.
شاعر وإنسان
هاني صاحب شخصية إنسانية عظيمة، فحالته الاجتماعية وخلافه مع زوجته الأولى ارتقى به إلى مصاف شعراء الأغنية، فهو هنا يذكرنا بالفنان اليمني الراحل محمد سعد عبدالله الذي كان يخاصم زوجته بأغنية يكتبها ويلحنها ويصالحها بأخرى، كتب هاني العديد من الأغنيات كان أبرزها أول أغنية يغنيها محمد عمر في مسرح الإذاعة عند قدومه من جازان في العام 1974 «تسامحنا» من ألحان طاهر حسين. وعن حالة مماثلة كتب أيضا لعلاقته بزوجته الأولى «سامحيني» من ألحان وغناء يحيى لبان.
في عيونهم
يتذكر أصدقاء الراحل ومشوار دربه الكثير من المحطات المضيئة، ومنها ما ذكره صديق عمره وزميل مشوار الفن والإعلام الطويل الكاتب المسرحي محمود عمر عاشور، الذي قال: «من أهم ما تحمله ذاكرتي من أيام الصبا، عندما كان الراحل يحاول إقناع طلال مداح للنزول إلى جدة ليسجل لأول مرة في مسرح الإذاعة عام 1961 /1381 أغنيته «وردك يا زارع الورد»، حيث تردد كثيرا طلال، وكان الفضل لهاني في الإصرار على نزوله لجدة. وهذا ما حصل حيث أخذنا سيارة والده «ماجد فيروزي»، وكان يومها مديرا عاما للعين العزيزية في الطائف ومكة المكرمة، واتجهنا إلى جدة ملبين دعوة الأستاذ بدر كريم الذي كان قد سمع طلال في حفلات الملك سعود في الطائف «حفلات نجمة»، وفي حفلات طلال في الحواري ودعاه للغناء في الإذاعة.. كان يومها العمل على الهواء مباشرة، حيث لم يكن التسجيل قد بدأ، وكان ما كان وكتبت ولادة طلال مداح الفنان لأول مرة.. ومن ذكريات ذلك اليوم أن طلال مداح تسلم مكافأة الأغنية 75 ريالا، وذهبنا إلى سوق الخاسكية حيث تغدينا «سمك»، وعدنا إلى الطائف».
ويواصل عاشور حديث الذكريات: «ومن ذكرياتي معه أنه في سبيل خدمة الناس لاسيما الداخلين على الأوساط الثقافية والفنية، ففي إحدى المرات كنا مدعوين لمناسبة فرح صديق مشترك، وكان مريضا بشكل كبير، إلا أنه أصر على الذهاب رغم مرضه الشديد».
لحظة الفقد
ويقول الكاتب فوزي عبد الوهاب خياط: إن هاني لم يكن إلا الراحل الذي أحب العمل... وعشق النجاحات ومنها:
في لحظة الفقد للحبيب الراحل «هاني ماجد فيروزي» لم أملك شيئا سوى الذهول.. لقد كان الفقيد ملء السمع والبصر.. أخا.. وصديقا.. وزميلا.. وحبيبا.. امتدت معرفتي به لسنوات طويلة جدا بدأت من خلال أيام الدراسة في المرحلة المتوسطة في المدرسة الرحمانية التي كانت تشهد نشاطا مثيرا في مجال الصحافة المدرسية وتنافسا كبيرا بين عدد كبير من الطلاب، أذكر منهم الراحل الغالي نبيل محمد سعيد قطب والدكتور ابراهيم الدعيلج.. والراحل الحبيب هاني فيروزي، وعددا آخر قد تخونني الذاكرة في تدوين أسمائهم منذ ذلك الزمن البعيد. ومنذ أيام الدراسة التي لا تنسى كان الزميل هاني فيروزي -رحمه الله- يتمتع بعلاقات واسعة مع زملائه، وظل كذلك أبدا فهاني كانت روحه المرحة.. وشغفه بالصداقات.. وحرصه على إقامة علاقات واسعة مع الناس هي التي تعزز مكانته بينهم.. ففي الوقت الذي كان للزملاء علاقات شلة تلتقي دائما.. كان للفيروزي -رحمه الله- عشرات «البشك» ومئات الأصدقاء.. خصيصة واحدة كانت ملفتة للانتباه عند الفيروزي وهي عشقه للعمل.. وعشقه للنجاح.. ولعل سيرة حياته بعد الدراسة ودخوله ساحات العمل المختلفة تؤكد بأنه كان رجل عمل يعشق المحاولة.. ويحب المغامرة.. ولا يعرف اليأس أو الخوف على الإطلاق.
جرب العديد من الساحات، وتعاطى الكثير من الاهتمامات، إلا أن شيئا واحدا ظل هو اهتمامه الدائم وحرصه على الحضور من خلاله لأنه يمثل هوايته الأساسية وهي الصحافة والأدب.. ففي كل مراحل حياته ظل صحفيا نشطا، وهماما، ونزل ساحة الأدب وهو يلوح براية الإبداع من خلال الشعر، فله قصائد كثيرة معظمها مغناه، وهذا يفسر التصاقه بالساحة الفنية من مطربين وملحنين وشعراء أغنية. كان هاني -رحمه الله- مرهف الحس، وانعكس ذلك على شعره الغنائي الذي كان يحرص على رأي الآخرين فيه كلما جادت القريحة بالجديد.
بعد مرحلة الدراسة عادت الحياة لتجمعني به عندما تسلم الإشراف على الصفحة الفنية في صحيفة الندوة في عهد رئاسة التحرير التي كان يتقلدها الراحل يوسف دمنهوري، وساهمت علاقاته، ومشاركاته، وصداقاته إلى جانب حبه للصحافة وعطاءاته في تقديم صفحة فنية ناجحة.. لكن مشاغله الكثيرة وارتباطاته حالت دون استمراره.. وهكذا كان.. لا يقبل الارتباط الكلي.. أو الدائم..
التدوين التاريخي
ويشير خياط إلى ولع الراحل بالتنقل والتجربة والمحاولة، «فاتجه أخيرا إلى التدوين التاريخي، وحقق الكثير من النجاح والتفوق وله العديد من المؤلفات التي تشهد بذلك».
ويزيد خياط: «مات رحمه الله وهو في قمة نشاطه.. وحيويته.. وعمله الدؤوب الذي كان يميزه ويجعل منه واحدا من مشاعل العطاء.
عطاء لا محدود
الشاعر إبراهيم خفاجي يقول: «هاني -رحمه الله- من أبناء مكة الدؤوبين في العمل لأجلها، ودليل ذلك عطاؤه اللا محدود في الجوانب الثقافية والفنية والتوثيق وما إلى ذلك.. وأذكر له تكريمي بتقديم كتاب عن حياتي ومشواري مع الكلمة».
أستاذ جيل
ويعتبر الصحافي والشاعر خالد خوندنة «هاني أستاذ الجيل الذي انتمي له، لقد خدمنا كثيرا وقدم لنا ما يساعدنا في المواصلة إعلاميا.. -رحمه الله- وأعرف عنه جانبه الأسري العظيم واهتمامه بأبنائه رغم انشغاله بشكل كبير وأعرف عنه أيضا إبداعه في المطبخ والأكلات المكاوية».
مرجعية وتوثيق
ويقول المخرج فيصل العتيبي: أعتبر الفيروزي مرجعية تاريخية للتوثيق والتسجيل لتراث وفنون عشقه الأول مكة المكرمة، وسعدت كثيرا بالعمل المشترك معه.
أشياء مبعثرة
أما صديق الراحل وزميل مشواره الطويل مع الحياة والإبداع خالد محمد الحسيني، فيقول: هاني فيروزي أشياء كثيرة مبعثرة بين الفن والتاريخ والمقاولات وغادر الدنيا يسبقه حلمه في رؤية متحف مكي وصالون للأصدقاء. كنا نلتقي بشكل شبه يومي بداية من التعاون المشترك الذي نفذنا خلاله العديد من المناسبات واللقاءات والأمسيات والندوات وحفلات الأجهزة الحكومية لأسابيع التوعية المروريةـ الصحة ـ الغرفة التجارية في المركز الإعلامي في مكة المكرمة في عصره الذهبي بإدارة الإعلامي فيصل عراقي ـ رحمه الله ـ ظهرت في تلك الفترة مواهب عديدة فنانين ـ مذيعين ـ ممثلين ـ وشاركنا المونولوجست الكبير سعيد بصيري ـ رحمه الله ـ وكان معنا الفنان عبد الله راشد أحد قدامى الفنانين الكبار في مكة المكرمة والفنان محمد أمان -شافاه الله- والتقينا في جدة تلك الفترة مع الدكتور الرضوي وجلال أبو زيد ـ رحمهما الله ـ وأقيمت مناسبات في قاعة «القفص الذهبي» كان الراحل نشطا كما قنديل، وكان هاني أكبر المنظمين للحفلات التي كان يقيمها رجل الأعمال محمد المكوار، التي كانت في معظمها للتكريم. وأذكر أن عددا من الفنانين كانت بدايتهم من المركز الإعلامي في مكة المكرمة مثل ضياء جميل وطلال هزاع وعمر حلواني وعائلة سيف الفنية مثل ماجد وممدوح سيف وغيرهما. كان هاني يبذل الكثير من الوقت والجهد والمال لانضمام المجموعة، ونبقى لساعات متأخرة لحضور «البروفات» والتجهيز للقاءات في اليوم التالي والأسابيع المقبلة.. تطوعنا للوطن ولمكة المكرمة من العاملين وما أكثرهم استمر هذا الأمر نحو عشر سنوات ثم انتهى الأمر في المركز الإعلامي الذي استضاف العديد من المسؤولين تلك الفترة وفي مقدمتهم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز الذي زار المركز للاطلاع على الحياة المكية القديمة وأمير المنطقة آنذاك الأمير ماجد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ وعدد من الوزراء، وانتقل النشاط إلى جدة بعد ذلك كان هاني يجهز لافتتاح مكتب جمعية الثقافة والفنون في العاصمة المقدسة واستأجر على حسابه مقرا في حي «العمرة» إلى جوار صحيفة الندوة ووقفت العديد من الإجراءات أمام المشروع، ولأن هاني يحتاج لأن يعيش، فقد اتجه إلى افتتاح دار «المهرجان» واستمر لسنوات ولم يوفق فيها لعدم وجود الدعم المادي لديه، وحاول العودة للمقاولات التي بدأ بها وفشل فيها، لكنه لم يجد الطريق فيها للنجاح ثم أدار مصنعا للملابس تعود ملكيته لإحدى الأسر المكية، وبقي سنوات ثم اضطر للتوجه لرابطة العالم الإسلامي واختير مديرا لمطابعها. قدم هاني للمطبعة تلك الفترة بدعم الأمين العام آنذاك كل جديد وتطوير وفي فترة إدارة هاني استطاعت مطبعة الرابطة أن توقع عقد طباعة صحيفتي «اليوم» و«الحياة» وجزءا من صحيفة الندوة والعديد من المطبوعات التجارية، وفجأة «فصلت» الرابطة هاني دون أسباب واضحة، وعاد لمنزله يستضيف أصدقائه بكرمه المعروف، ويقضي ساعات طويلة في «مكتبته» التي تضم مئات بل آلاف الأفلام والمطبوعات والصور لفنانين قدامى من الخليج ومصر والمملكة والعديد من الجلسات الفنية القديمة النادرة التي لا زالت حبيسة أدراج مكتبة داره إلى جانب تأليفه للعديد من الكتب عن مكة التي عشقها وهام فيها في مجال التراث والتاريخ والمواقع القديمة وإبراز تاريخها، كما ألف أول كتاب عن صديقه الفنان الكبير إبراهيم خفاجي، ونظم العديد من الأمسيات في الطائف بحضور عبدالله مرشدي ومحمد طلعت -رحمهما الله- وطارق عبد الحكيم، وكتب العديد من الأزجال وبرامج الإذاعة وحلقات للأطفال تلفزيونيا كل ذلك لم يكن ليرضي هاني الذي كان يتطلع لإنشاء متحف مكي وصالون للأصدقاء عودة لما كانت عليه مكة المكرمة. وقد ارتبط هاني بعلاقات كبيرة مع مختلف الطبقات بأدبه وخلقه واتزانه وحسن تعامله، وظهر ذلك بعد وفاته في محرم قبل عامين بعد أن عاد من استراليا مرافقا لابنته وكأنه علم بدنو الأجل وأراد ان يضمه ثرى حبيبته مكة التي عاش لها ومات يسبقه حبها وعشقها.. مات هاني الذي كان كغيره لم يكرم في حياته كما يكرم اليوم من ملتقى الأحبة في مكة باهتمام من صاحبه عبد الحميد كاتب، لكن هاني لم يجد من يقدر عمله ومؤلفاته وجهوده وما قدمه واختتم بأمر كنت مرافقا له فيه، وهو حرصه في جنادرية 3 على أن يصطحب فرقة من مكة المكرمة بلغت أكثر من 40 فنانا إلى الرياض لتقديم لوحة «زفة العريس» أمام ملك البلاد، وتحمل هاني تكلفة حمل التجهيزات اللازمة والملابس من مكة إلى الرياض جوا وبرا، وعاد فرحا بما قدمه مسرورا.
هاني يستحق الكثير من التقدير لجهوده الوطنية الكبيرة من رعاية الشباب وجمعية الثقافة وإمارة المنطقة ومن الجميع.. وهو الذي غادر الدنيا كبيرا محبا للجميع يرحمك الله.
المؤرخ الصحافي
صديق الطفولة الفنان عبد الله راشد استهل كلامه عن الراحل قائلا:
«هاني المثقف الأديب الشاعر المؤرخ الصحافي الإعلامي الشامل صفات حميدة يسعد بعضها من اتصف بها لكني أضعها في كفة ميزان، وفي الكفة المقابلة هاني الإنسان الذي امتلأ وجدانه بحب الوطن عامة ومدينته البلد الأمين على وجه الخصوص».
لم أشعر يوما أن في قلبه حقدا ضد أحد، أو كرها لأحد، حتى الذين اختلف معهم كان سريعا ما يتناسى أسباب الخلاف، ولا يذكرهم في غيابهم إلا بخير، فكان أن حباه الله تعالى بالقبول الحسن بين أهله وأصدقائه وعند كل من عرفه وفي أي مجلس يحل به.
كانت سعادته في مساعدة الآخرين في النشاط الإعلامي . أما في الأسابيع الثقافية التي كان ينظمها المركز الإعلامي في مكة المكرمة وقت أن كان يشرف عليه الراحل فيصل محمد عراقي كان شاهدا على مقدار ما قدمه فيروزي من جهود وافرة مشكورة في خدمة الفنانين والفنون في مكة المكرمة.
وكانت معظم الصفحات الفنية أثناء عمل الفيروزي فيها منارات مضيئة تخدم الفن يوم كان الراحل جلال أبو زيد في صحيفة «المدينة»، وأنمار مطاوع في «الندوة»، وهشام عرب في «البلاد»، وعابد هاشم في «عكاظ»، وعبد الرحمن بحير في «الرياض»، جميعهم بذلوا جهودهم المقدرة والمشكورة في خدمة الفن المكي والفنانين من أبناء البلد الأمين.
جمعنا مشوار الحياة عام 1403 يوم أن كلف المسؤولين في محطة تلفزيون جدة (هاني) بإعداد برنامج أطفال مكة، ويبدو أن أحدا رشحني عنده لمهمة الإشراف على الجانب الموسيقي للبرنامج.
كان من بين أمنياته التي لم تساعده الظروف على تحقيقها إنشاء فرع لجمعية الثقافة والفنون في مكة المكرمة، لكنه وجد ضالته عندما اقتنع المسؤولون في نادي الوحدة الرياضي أيام رئاسة فؤاد محمد عمر توفيق على تطوير الجانب الثقافي في النادي، ليشمل هواة الموسيقى.
المصدر : عكاظ 24/7/1431هـ لـ علي فقندش .
0 تعليقات