تطوير 66 حيا عشوائيا في مكة و %51 من الأراضي بيضاء «4-6»

كشف أمين العاصمة المقدسة في ملتقى «عكاظ» الإعلامي ــ الذي ناقش في جزئه الرابع مشكلة السكن في مكة والحلول المقدمة للتخفيف من ذلك، أن 51 في المائة من الأراضي المخططة داخل النطاق العمراني في مكة تعد أراضي بيضاء يسيطر عليها تجار عقار مما ضاعف من مشكلة الإسكان ودفع إلى ارتفاع جنوني في أسعار الأراضي. موضحا أن الأمانة لا تملك عصا سحرية لفك القيود الشخصية على تلك المساحات البيضاء؛ ولكنها رفعت الوضع غير المقبول إلى الجهات التنظيمية العليا لا سيما في ظل أزمة الإسكان التي تشهدها مكة، وهذا ما دفع بالأمانة أيضا إلى الرفع بتصورات كاملة إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية عن تعديل نظام الارتفاعات في مخططات مكة وسيرى النور قريبا بعد الاعتماد النهائي.

• «عكاظ» آن لمواطن مكة المكرمة أن يرتاح من المشاهدات المزعجة لبعض الأحياء العشوائية مثل قوز النكاسة وحوش بكر وغيرها، لكن هناك توجس من أن تبرز أحياء عشوائية خارج مكة في ظل انشغال الجهات المعنية بالإزالة في الداخل مع رصد نشوء عشوائي في الأطراف ما هي رؤية الأمانة حيال ذلك؟

ــ أجاب أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار قائلا: «الواقع أن لدينا تعليمات مشددة من ولاة الأمر، من أمير المنطقة ومن وزير الشؤون البلدية والقروية؛ أن التعديات على الأراضي العامة مسؤولية البلديات في داخل النطاق العمراني ولجان التعديات التابعة لإمارة المنطقة والمحافظات والمراكز هي المسؤولة عن تلك التعديات الحادثة خارج النطاق العمراني، واعتقد بصفتي أمينا لأمانة مكة أن البلديات الفرعية تؤدي دورها في الحد من التعديات وفي منع بروز أحياء وبؤر عشوائية جديدة، والحقيقة أن هناك أمرين أساسيين حدا من بروز عشوائيات جديدة وهما الأمر السامي الذي صدر في رمضان من عام 1428هـ، وينص على منع الاستحكامات داخل الحدود الشرعية للحرم المكي والمدني ثم الأمر السامي الذي صدر مطلع عام 1429 هــ، بمنع الاستحكامات في ضواحي المدن، وبهذين الأمرين أحكمت السيطرة على ما يسمى التعديات على الأراضي العامة وأصبح التعدي على أراضي الدولة جزء من الماضي نتيجة الأمرين الساميين.

• «عكاظ» لكن مع هذا فإن المواطن البسيط يدفع ضريبة ذلك؛ حيث ارتفعت العقارات بشكل كبير وتضخمت فيما لا تزال الأمانة بعيده عن ضبط الأمور من خلال بحث البدائل أو إيجاد الحلول لهذا الارتفاع الجنوني؟

ــ يقول أمين العاصمة المقدسة: إن البدائل موجودة ولكن هناك مشكلة لا بد أن يدركها الجميع وهي أن قضية الأراضي البيضاء تمثل ما نسبته 51 في المائة من النطاق العمراني في مكة وهي أراضٍ احتكرها تجار العقار فالمواطن البسيط يبحث عن الأراضي والتجار يكتنزون المخططات وليس لدينا نظام يدفعهم للمضي قدما في العمران والتعمير أو البيع فنحن لا نملك عصا سحرية لحل المشكلات التي يقف المواطن العائق الوحيد فيها فانعدام الحافز الذاتي للمواطن للمشاركة في التنمية العمرانية يمثل هاجسا لنا ومشكلة كبرى فكم أتأسف أن أجد مخططات مجمدة وبيضاء كمخطط الحمراء في مدخل مكة الغربي كونه متوقف منذ 12 عاما دون مبرر، ومعظم تجار العقار يخططون في أن يباع المتر الواحد من خمسة إلى ستة آلاف ريال. والحقيقة أن هناك جهات تنظيمية شرعت في بحث هذه القضية ومعالجتها وفق سن قوانين جديدة».

• «عكاظ» معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج له قصب السبق في دراسة كل ما يخص مكة من مشروعات تطويرية وظواهر سلبية؛ لذا نود من المعهد أن يطلعنا على أبرز الدراسات التي سترى النور قريبا؟

ــ يبين عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج «الحقيقة أن المعهد عبارة عن هيئة استشارية تعد الدراسات وتسهم في إعطاء صورة كاملة للمسؤول قبل صناعة القرار واتخاذه، ولنا في المعهد تعاون مع كافة الجهات المعنية بالتطوير في مكة ودائما ما نستشرف المستقبل، وهناك دراسات عن كافة المناطق العشوائية ودراسات أخرى جارية وفي هذا الشهر نركز دراساتنا عن المنطقة المركزية والحرم الشريف، حيث نقيم الآن موسم العمرة إيجابياته وسلبياته من خلال فريق عمل بحثي متكامل لأننا نريد أن نبني معيارا ومقياسا عن نجاح الموسم من عدمه والدراسة تركز على كافة جوانب العمرة وخصائص المعتمرين حتى نحاول الارتقاء بالخدمات المقدمة لهم من خلال الخبرات الميدانية والدراسات البحثية التي يعدها الباحثون، كما أن المعهد نحى منحى جديدا من خلال الدراسات التي تستمر على مدى العام كاملا ليس فقط في موسمي الحج ورمضان كما كان سابقا، إنما نحاول جاهدين أن نضع المسؤول في مكة في قلب المعادلة ليتخذ القرار السليم المبني على الدراسة الميدانية والبحث العلمي الموثق».

• «عكاظ» تمثل الجاليات الأجنبية هاجسا أمام جهات التطوير في مكة نظرا لكثرة أعدادها وضرورة أن تطالهم يد التغيير كالجالية البرماوية في النكاسة وغيرها والجالية الإفريقية في المنصور وغيره، فهل هناك دراسات حيال مستقبلهم؟

ــ يجيب الدكتور نبيل كوشك قائلا «هناك دراسة تناولت القضية حيث ركزت وعلى نحو شامل على الخصائص السكانية للجالية البرماوية أعدادهم، أعمارهم وكل ما يتعلق بهم وبتطوير الإحياء التي يقطنونها وفي تقرير العشوائيات في مكة قدمت الدراسة الكاملة والوافية التي أبرزت الخصائص الديموغرافية لهذه الفئة، بحيث أنه وفي حالة تأمين مسكن لهم فتؤخذ في الحسبان ذلك والحقيقة أن للمعهد دور بارز في دراسة كافة أوضاع هذه الجاليات في مكة وله درو بارز مع الجهات الأمنية والخدمية حيالهم».

• هناك من يرى أن معظم الدراسات العلمية التي أجراها الباحثون في المعهد ظلت حبيسة الأدراج ولم تترجم على أرض الواقع، ما الآلية التي يمكن من خلالها ضمان أن تخرج الدراسات الفاعلة إلى الواقع؟

ــ يشير الدكتور ثامر الحربي إلى أن المعهد يمثل النواة لأي تطوير وأي دراسة يجريها الباحثون تجد صدى لدى الجهات الحكومية الأخرى والحقيقة أن المعهد له صوت مسموع في قضايا مكة؛ ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال تنفيذ كل ما يعد للدراسة والبحث».

من جهته يرى الدكتور نبيل كوشك أنه «لو طبق من هذه الأبحاث 10 في المائة فقط فهذا يكفي للتطوير؛ لأن البحث العلمي القائم على المعلومة الدقيقة والأرقام الصحيحة يسهم في اتخاذ قرار سليم وبناء خطوة جديدة. ونحن في مركز التميز في جامعة أم القرى استحدثنا جهة جديدة للتسويق والأبحاث بحيث يكون لك بحث علمي عميل سواء من القطاع الحكومي أو الخاص. ولدينا في المركز الآن دراسة ضخمة تعنى بتقييم تجربة نقل الحجاج في قطار المشاعر، حيث كلف المركز بشكل رسمي بدراسة المرحلة الأولى من تشغيل القطار ورصد كافة الإيجابيات والسلبيات ونواحي القصور وشكل فريق علمي من الكفاءات المؤهلة لتنفيذ الدراسة وتمت الاستعانة بخبرات عالمية في دول متقدمة في القطارات للوصول إلى معايير تقييم مناسبة لهذه التجربة الحديثة».

• «عكاظ» نعلم أن لشركة البلد الأمين مشاريع وخططا مستقبلية وهي الذراع التنفيذي للأمانة .. فما هي المشاريع التي تعنى بها .. وأي مشاريع لها في الوقت الراهن؟

ــ أبان أمين العاصمة المقدسة حول ذلك قائلا «الأساس في قيام الشركة هو لائحة تطوير ومعالجة المناطق العشوائية. لائحة تطوير المناطق العشوائية تعنى بأربعة جوانب هي تطوير العشوائيات وهذه من الأشياء التي ستبدأ قريبا وفي مكة المكرمة هناك 66 حيا عشوائيا؛ ولكن الأولوية التي تم إقرارها من اللجنة التنفيذية واللجنة العليا هي خمسة أحياء، قوز النكاسة، الكدوة، الزهور ومنطقة جبل الشراشف بجزأيه الجزء المحصور ما قبل الدائري الثاني والجزء المحصور بين الدائري الثاني و الثالث، وهي منطقة شارع إبراهيم الخليل. هذه المنطقة من المناطق الاستثمارية ذات القيمة المضافة وهي من أسوأ المناطق العشوائية في العاصمة المقدسة ومن أقدمها؛ ولذلك ستكون البداية منها. هذا هو المحور الأول الذي ستبدأ منه شركة البلد الأمين. المحور الثاني هو التطوير داخل المدينة وداخل المنطقة المركزية مما سيجعل هناك طلبا على أماكن بديلة؛ لذلك ستعنى الشركة بتطوير الضواحي التي ستخفف عن وسط المدينة، وستكون ضواحي متكاملة من كافة النواحي. الأولوية لشركة البلد الأمين هي الناحية الغربية وما يسمى بمنطقة البوابة. المحور الثالث هو المحاور الإشعاعية التي تأخذ من المسجد الحرام والطرق الرابطة سواء طريق مكة المكرمة ــ جدة السريع أو طريق مكة المكرمة ــ المدينة المنورة السريع أو طريق الليث أو طريق الطائف السيل أو الطائف الهدا. لدينا خمسة مشاريع رئيسة ستكون لها محاور. العمل بدأ في طريق الملك عبد العزيز الموازي والذي ترعاه الهيئة ولكن سترعى شركة البلد الأمين محور الشمال وهو المحور الذي يربط مسجد السيدة عائشة إلى منطقة البيبان وهذا المحور سيطور كامل المنطقة من التنعيم وسيكون مرافقا للناحية الشمالية للمسجد الحرام. المحور الأخير من محاور العمل وهو ما يسمى بالإسكان البديل.

• «عكاظ» وما هي أبرز ملامح الإسكان البديل والإسكان الميسر أيضا؟

ــ الإسكان البديل هو عبارة عن أحياء إسكانية. إذا كنا سنطور قوز النكاسة مثلا يفترض أن عدد الأسر الموجودة فيه خمسة آلاف أسرة فكيف نستطيع أن ننقلها إلى مناطق إسكان يليق بالإنسان ويحتوي على بدائل التموين ومن هذه البدائل أن صاحب الدار إذا كان يملك الدار أرضا وبناء فسيكون تعويضه مجزيا ويمكنه في هذه الحالة أن يشتري عمارة، ولن يكون بحاجة إلى إسكان بديل. أما إذا كان يملك البناء فقط ولا يملك الأرض فيمكنه أن يشتري بالتعويض شقّة واسعة في الإسكان البديل وهناك صندوق ينبغي أن تساهم فيه الشركة المطورة إضافة إلى شركة البلد الأمين، وذلك حتى يمكن المساهمة في حل مشكلات السكان في هذه الأحياء بحيث يجبر المبلغ الذي سيتقاضاه المواطن إضافة إلى المبالغ التي سيتقاضاه من هذا الصندوق لتهيئة إسكان بديل.

أما الإسكان الميسر فيتولى مسؤولياته القطاع الحكومي وهو سكن متاح لكل المواطنين والمقيمين وسوف تكون هناك شروط بالنسبة له ربما يستفيد منها المواطنين الذين أزيلت منازلهم لصالح مشاريع حكومية.