تعيينات الملك عبدالعزيز (رحمه الله) لأئمة وخطباء الحرم المكي من عام 1343هـ إلى عام 1373هـ

 

 

إنَّ من نعم الله على هذه البلاد المباركة (بلاد الحرمين الشريفين) ما امتن به عليها من عظيم مزايا الدين والدنيا، فهي مهبط الرسالة ومهد الإسلام وأرض الحرمين الشريفين، منها شع نور الإيمان وفيها حُكِمَت شريعة الرحمن، ومن نعمه سبحانه ما وفق إليه ولاة أمرها حفظهم الله، من خدمة الإسلام والمسلمين، والقيام على الحرمين الشريفين شيادةً وصيانةً ورقابةً وتنظيماً وأمناً.

وحول هذا العنوان فإن تعيينات الملك عبدالعزيز لأئمة وخطباء الحرم المكي جاءت على مرحلتين زمنيتين. هذا وممن ذكر الأئمة والخطباء جملة منذ عصر الإسلام إلى عصرنا هذا، الأستاذ يوسف الصبحي في كتابه الموسوم بوسام الكرم في تراجم أئمة وخطباء الحرم عبر العصور، ذكرهم حسب الترتيب الهجائي وحسبما توصل إليه منهم، وهنا تم استخلاص أسماء المشايخ الأئمة والخطباء الذين عينهم الملك عبدالعزيز وقسمت تعييناته إلى مرحلتين زمنيتين:

الأولى: من ضم الملك عبدالعزيز للحجاز عام1343هـ وتنتهي عام 1345هـ وذلك بأمر الملك عبدالعزيز بإلغاء المقامات الأربع (المذهبية) وتوحيد الصلاة جماعة واحدة خلف إمام واحد، وقد تعين في هذه الفترة كلٌّ من:

1- الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن حمد بن داود، ولد بالرياض عام1300هـ وتعين عام 1343هـ ت1355هـ ببلدة الخرمة. ابنه الأستاذ / إبراهيم الداود من كبار المسؤولين بوزارة الداخلية وفقه الله.

2- الشيخ محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ، ولد بالرياض عام 1282 وتعين عام 1343هـ ت1367هـ بالرياض. وهو جد سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ متعه الله بالصحة والعافية.

3- الشيخ عبدالله بن حسن بن حسين آل الشيخ، ولد بالرياض عام 1287هـ وصلى عام 1343هـ ثم عين عام 1344هـ ت 1378هـ بمكة. (رئيس القضاة في الحجاز).

4- الشيخ حمد بن محمد الخطيب، ولد بحائل عام 1266هـ وتعين عام 1345 ت1346هـ بمصر.

5- الشيخ عبدالظاهر بن محمد أبو السمح، ولد بمصر عام 1300هـ وتعين عام 1345هـ ت1370هـ بمصر.

والثانية: والتي تبدأ من إبطال المقامات وتوحيد الصلاة جماعة واحدة عام 1345هـ وتنتهي بوفاة الملك عبدالعزيز رحمة الله عام 1373هـ وقد تعين في هذه الفترة كلٌّ من:

1- الشيخ عبدالله بن عبدالغني خياط، ولد بمكة عام 1326هـ وصلى إماماً عام 1346هـ ثم عين إماماً وخطيباً عام 1373هـ واستمر حتى اعتذر عن الإمامة والخطابة عام 1405هـ ت 1415هـ بمكة.

2- الشيخ محمد عبدالرزاق حمزة، ولد بمصر عام 1308هـ تعين في هذه الفترة إماماً وخطيباًَ مساعداً ت1392هـ بمكة.

3- الشيخ عبدالله بن محمد الخليفي، ولد في البكيرية بمنطقة القصيم عام 1333هـ وصلى إمامً عام 1365هـ ثم عين إماماً وخطيباً عام 1373هـ واستمر حتى توفي عام 1414هـ بالطائف ودفن بمكة.

4- الشيخ عبدالمهيمن بن محمد أبو السمح، ولد بمصر عام 1307هـ وتعين عام 1369هـ واستمر قي الإمامة والخطابة حتى عام 1388هـ ت1399هـ بمكة. وهو أخو الشيخ عبدالظاهر أبو السمح.

5- الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن حسن بن حسين آل الشيخ، ولد في الرياض عام 1336هـ تعين عام 1370هـ ت1410هـ بالرياض. رحم الله الجميع واسكنهم فسيح جنانه.

هذا وقد ذكرهم كما سبق صاحبُ كتاب وسام الكرم في تراجم أئمة وخطباء الحرم الأستاذ يوسف صبحي إلا أنه فيما يخص تعيين الشيخ عبدالله الخليفي ذَكرَ أنه تعين في عام1373هـ بينما صلى عام 1365هـ، الأمر الذي لم يذكره، وهذا ما حكاه ابن عم الشيخ، الشيخ إبراهيم الخليفي في حديثه عن سيرة الشيخ لقناة المجد الفضائية والذي عبر عنه بالتعيين. بينما وضّح المؤلف مثل ذلك عندما تحدث عن الشيخ عبدالله خياط، حيث ذَكر أنه صلى إماماً عام 1346هـ ثم عين إماماً وخطيباً عام 1373هـ. وهذا الأمر أظنه مما لا يخفى على المؤلف ولكن ما ذاك إلا للمنهج العلمي الذي التزمه في التأليف واعتمد عليه في التوثيق فقد تميز بتوثيق المعلومةِ منسوبةً إلى مصادرها.

وحول هذا الموضوع وقفة حول العمل الجليل الذي قام به الملك عبدالعزيز في الحرم عام1345هـ حيث أبطال المقامات المذهبية ووحد الصلاة جماعة واحدة خلف إمام واحد، فتوحدت بذلك جماعة المسلمين وانتظمت صفوفهم خلف إمام واحد, وهذا الفعل من جلالته، والذي سار عليه في تجسيد وحدة البناء، هو ما وافق رأي المحققين من أهل العلم السابقين والمعاصرين له؛ حيث انتقدت طريقة المقامات من قبل جملة من العلماء مما جعلهم يعدون ذلك من التعصب المذهبي المذموم الذي يسبب الفرقة بين المؤمنين، وفي هذا يقول الشيخ ابن بسام رحمه الله (من حسنات هذه الحكومة السعودية أن أبطلت ذلك وجمعت المسلمين خلف إمام واحد) علماء نجد خلال ثمانية قرون (2/154).

هذا وقد تميزت تعيينات الملك عبدالعزيز رحمه الله في المرحلة الأولى من تعييناته، بمعرفته الشخصية لمشايخ الذين تعينوا فيها، حيث عرفهم عن قرب بالعلم والصلاح والتقوى والورع والقوة على أداء الأمانة وتحمل المسؤولية، وقد شاركوا مع الملك عبدالعزيز في حين توحيد أرجاء البلاد بالنصح والتوجيه ونشر العقيدة السلفية. أما الشيخ أبو السمح فقد التقى بالملك عبدالعزيز بمكة عام 1343هـ.

وحول المؤلفات والدراسات الخاصة بذكر تراجم الأئمة والخطباء منذ عصر الإسلام والتي تفيد الباحثين فإن منها ما يلي:

1- كتاب نزهة ذوي الأحلام بأخبار الخطباء والأئمة وقضاة بلد الله الحرام لعزالدين بن فهد، ذكره معالي الشيخ د. صالح بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام والذي أفاد أنه لم يجده حتى تاريخه.

2- كتاب أئمة المسجد الحرام ومؤذنوه في العهد السعودي للمؤلف الأستاذ/ عبدالله الزهراني.

3- كتاب وسام الكرم في تراجم أئمة وخطباء الحرم عبر العصور للمؤلف للأستاذ/ يوسف الصبحي.

4- كتاب إتحاف البشر بتراجم أئمة المسجد الحرام من القرن الخامس الهجري وحتى القرن الخامس عشر للأستاذ/ أحمد الروقي وهو عبارة عن بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الدبلوم العالي في الإمامة والخطابة من المعهد العالي بجامعة طيبة.

5- كتاب تاريخ أمة في سير أئمة لمعالي الشيخ د. صالح بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، وهو موسوعة حول توثيق طبقات الأئمة والإمامة في الحرمين الشريفين منذ صدر الإسلام. وهو قريب الطبع من دراة الملك عبدالعزيز.

6- محاضرة لمعالي الشيخ د. صالح بن حميد، ألقاها في خميسية الشيخ حمد الجاسر حول كتابه تاريخ أمة في سير أئمة وهي موجودة لدى المركز على قرص CD.

وختاماً فإن الموضوع له وقفات وقراءات يطول المقام عن حصرها.. أسأل الله لي ولكم التوفيق في الدنيا والآخرة، وأن يحفظ على بلاد الحرمين الشريفين أمنها واستقرار، وأن يوفق ولاة أمرنا لما فيه صلاح العباد والبلاد، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، واشف مرضانا ومرضى المسلمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر : جريدة الجزيرة 8/12/1431هـ بقلم : أحمد بن عبدالله بن علي المسعود .