خدمات الحجاج في العهد السعودي
ان كانت أرفف المكتبات تحمل بدواخلها كتبا ومراجع تاريخية تحكي عبر صفحاتها تاريخ أم القرى منذ أن وطأت أقدام الخليل إبراهيم عليه السلام وزوجه هاجر والرضيع إسماعيل ترابها ليشكلوا البداية الأولى لسكان بواد غير ذي زرع عند البيت الحرام فان الفترات الزمنية التي مضت حملت الكثير من الأحداث التاريخية عن مكة المكرمة حيث يشكل الحج الركن الخامس من الإسلام بتجمع الحجيج وانطلاقتهم صوب المشاعر المقدسة اهتماما خاصا لدى حكام مكة المكرمة بدأ من قريش التي اعتبرت أن ( الرفادة ) من (الأمور العظيمة التي كان أهل مكة يقومون بها أثناء موسم الحج، فقد كانوا يجمعون من كل شخص من بينهم المال بقدر طاقته إلى أن يُجمع مال عظيم ، وبه كانوا يجهزون للحجاج الطعام والجزر (الإبل) والزبيب للنبيذ، فلا يزالون يطعمون الحجيج إلى أن ينتهي موسم الحج، وأول من قام بهذه الأمور هو هاشم بن عبدمناف).
وعلى مدى القرون الماضية والسنوات اللاحقة برز الاهتمام بالبقاع الطاهرة وقاصديها من معتمرين وحجاج وزوار غير أن ذلك الاهتمام وتلك العناية لم تكن بالصورة التي ترضي حجاج بيت الله الحرام خلال أزمنة مضت يوم كانت عمليات السلب والنهب وقطع الطرق تقف حائلا أمام الكثير من المسلمين الراغبين في أداء فريضتهم.
ومع توحيد أجزاء الجزيرة العربية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ رحمه الله ـ كانت الخطوة الحقيقية للقضاء على المعاناة التي عاشها حجاج بيت الله الحرام طوال سنوات مضت فكانت أولى التنظيمات متمثلة في الابقاء على مقدمي الخدمات للحجاج من مطوفين وزمازمة ووكلاء وادلاء إذ صدر المرسوم الملكي في ربيع الأول عام 1343هـ بالإبقاء على الطوافة كمهنة لأبناء مكة المكرمة وأوضحت ذلك المادة الرابعة من المرسوم الذي نشر بجريدة أم القرى بعددها الأول الصادر يوم الجمعة الموافق 15 جمادى الأولى 1343هـ تحت عنوان (هذا بلاغ) وأشارت المادة الرابعة من المرسوم الملكي على ما يلي: «كل من كان من العلماء في هذه الديار أو موظفي الحرم الشريف أو المطوفين ذو راتب معين فهو له على ماكان عليه من قبل إن لم نزده فلا ننقصه شيئا إلا رجلا أقام الناس عليه الحجة انه لا يصلح لما هو قائم عليه. فذلك ممنوع مما كان له من قبل وكذلك كل من كان له حق ثابت سابق في بيت مال المسلمين أعطيناه منه ولم ننقصه منه شيئا».
وصدر في العشرين من ربيع الأول عام 1345هـ نظام إدارة الحج كأول تنظيم خاص بالحجاج حيث حدد مهام وواجبات المطوفين والزمازمة والمخرجين والمقومين ووكلاء المطوفين بجدة ونقباء جدة ووكلاء المدينة المنورة إضافة إلى تحديد وظائف إدارة الصحة العامة وواجبات الحجاج.
مراسيم وقرارات
وتوالت عقب ذلك صدور العديد من التنظيمات فجاء المرسوم الملكي رقم 54/1/39 وتاريخ 23/2/1355هـ بتنظيم أعمال المطوفين وتحديد مهامهم ومسئولياتهم أعقبه في عام 1365 هـ صدور المرسوم الملكي رقم 14518 وتاريخ 21/10/1365هـ بالموافقة على نظام وكلاء المطوفين ومشايخ الجاوا لتكون خدمات الحجاج المقدمة من المطوفين أكثر تنظيما بعد أن تم إنشاء المديرية العامة للحج في هذا العام واعتمدت لها ميزانية خاصة بلغت (387570) ريالاً وقامت بإنشاء مخيمات لاستراحة الحجاج في المدينة المنورة .
وبعد مضي عامين صدر المرسوم الملكي رقم 7267 وتاريخ 3/11/1367هـ المصادق على نظام المطوفين العام معتبرا الطوافة «عبارة عن وظائف معينة يؤديها كل مطوف ثبتت معلمانيته بمقتضى تعليماتها المخصوصة وهو دليل الحاج في مناسكه وجميع ما يتعلق بالحج وهو المسئول عنه ضمن اختصاصه بموجب هذا النظام».
وأعطيت الطوافة صفة المهنة في طلبات السفر إلى الخارج عام 1368هـ وشهد عام 1371هـ صدور المرسوم الملكي بإلغاء الرسوم التي تؤخذ على الحجاج باسم رسوم الحج والإبقاء على عوائد أرباب الطوائف (المطوفين - الوكلاء - الادلاء - الزمازمة).
وفي غرة صفر من عام 1372هـ صدر الأمر السامي الكريم رقم 150 متضمنا المزيد من التنظيم والتطوير للمديرية العامة للحج .
وفي عام 1375هـ وبتأييد من الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - وكان وليا للعهد نالت المديرية العامة للحج المزيد من الدعم والتنظيم فجاءت الإدارة العامة للحج ومقرها الرئيسي بجدة.
وشهد عام 1383هـ صدور قرار مجلس الوزراء رقم 54 وتاريخ 27/12/1385هـ بإصلاح وتطوير هيئات الطوائف وخدمات الحجاج.
فيما شهد عام 1385هـ صدور المرسوم الملكي رقم 12/م وتاريخ 9/5/1385هـ بحل التقارير وإلغاء هيئات المطوفين الثلاث ومنح الحاج الحرية في السؤال عن المطوف الذي يريده وأحقية المطوف في خدمة الحجاج الذين يسالون عنه فظهر على اثر ذلك ما عرف بنظام السؤال.
أعقبه صدر قرار مجلس الوزراء رقم 347 وتاريخ 26/6/1385هـ والقرار الوزاري رقم 30/ق وتاريخ 27/10/1385هـ بتحديد اختصاصات مكاتب الطوائف وهيئاتها من خلال إنشاء الهيئة العليا للطوائف والهيئات الابتدائية للمطوفين والوكلاء والزمازمة والادلاء.
وفي عام 1395هـ الغي نظام السؤال وأبدل بنظام التوزيع حيث صنف المطوفون إلى ست فئات هي:
- مطوفو الدول العربية
- مطوفو تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا
- مطوفو الهند والباكستان
- مطوفو إيران
- مطوفو إفريقيا غير العربية
- مطوفو جنوب شرق آسيا
وطبق في عام 1398هـ نظام الجمع بين السؤال والتوزيع والذي منح الحاج حرية السؤال عن المطوف الذي يريده وحدد للمطوف خدمة عدد من الحجاج.
كما صدر في نفس العام المرسوم الملكي رقم م/13 وتاريخ 4/3/1398هـ المتضمن الترخيص لوزير الحج ( والأوقاف) بوضع اللوائح التنظيمية التي يتم بموجبها منح الرخص الجديدة متضمنة شروط قيام مؤسسات الطوافة الجديدة طبقا للأنظمة التجارية وفتح باب الانفصال.
وفي عام 1399هـ صدر المرسوم الملكي رقم 4/ص/13162 وتاريخ 13/6/1399هـ بالموافقة على فكرة إقامة مؤسسات تجريبية لرفع مستوى مهنة الطوافة وخدمات الحجاج.
وتنفيذا للمرسوم الملكي رقم م/13 وتاريخ 4/3/1398هـ صدر القرار الوزاري رقم 423/ق/م وتاريخ 3/11/1402هـ متضمنا اللائحة التنظيمية للانفصال بين الشركاء في الطوافة على أن ينطبق في طالب الانفصال ما تضمنه قرار مجلس الوزراء رقم 284 وتاريخ 27/2/1398هـ وكذا ما تضمنه المرسوم الملكي رقم م/13 وتاريخ 4/3/1398هـ .
كما صدر القرار الوزاري رقم 19/ق/م وتاريخ 13/2/1403هـ بإجازة انفصال الأنثى الشريكة في الطوافة عن شركائها إذا توافرت فيها الشروط المطلوبة في طالب الانفصال وبشرط أن يكون لها ولد أو زوج قادر على العمل ومتمرس على شؤون الحجاج وبتوكيل شرعي معتمد.
وان كان المرسوم الملكي رقم م/13 وتاريخ 4/3/3/1398هـ المبني على قرار مجلس الوزراء رقم 284 وتاريخ 27/2/1398هـ قد أشار إلى قيام مؤسسات للطوافة فان فكرة بروز المؤسسات استهدفت الانتقال من العمل الفردي الذي ألفه المطوفون إلى عمل جماعي منظم يستخدم الأسلوب العلمي وهذا ما سعت إليه وزارة الحج والأوقاف منذ بروز مؤسسة مسلمي أوروبا وأمريكا عام 1399هـ كأول مؤسسة للطوافة غير انه لم يكتب لها النجاح لعدة أسباب لعل أبرزها أن عدد مطوفيها لايتجاوز الخمسة مطوفين كما وان مجموع حجاجها لا يزيد عن خمسة آلاف حاج.
ولتدعيم فكرة المؤسسات عمليا عملت وزارة الحج إلى إدخال مطوفي حجاج تركيا في نطاق المؤسسة فصدر القرار الوزاري رقم 444/ق/م وتاريخ 18/11/1402هـ بإنشاء المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا تلا ذلك صدور موافقة معالي الوزير على إضافة اسم قارة (استراليا) لاسمها لتصبح المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا واستراليا.
وشكلت هذه المؤسسة خطوة مشجعة للسير في تطبيق نظام المؤسسات فظهرت في عام 1403هـ المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج إيران والمؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج جنوب آسيا.
وفي عام 1404هـ برزت مؤسستان الأولى المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج الدول الإفريقية غير العربية والثانية المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج جنوب شرق آسيا.
واكتمل عقد إنشاء مؤسسات الطوافة بإنشاء المؤسسة الأهلية لمطوفي حجاج الدول العربية عام 1405هـ لتدخل بذلك خدمات الحجاج داخل منظومة العمل المؤسساتي.
وان كانت الطوافة قد شهدت تنظيمات في عهد الدولة السعودية فان الادلاء بالمدينة المنورة لم يكونوا ببعيدين عن هذه التنظيمات فمنذ أن وضع الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ أسس بناء الدولة برز اهتمامه بخدمات زوار المسجد النبوي الشريف من خلال وضع النظم والإجراءات إذ صدر الأمر السامي الكريم رقم 54/145 وتاريخ 25/12/1356هـ باعتماد نظام هيئة الأدلاء بالمدينة المنورة .
وشهد عام 1399 هـ صدور الأمر السامي الكريم رقم 4/ص/3162 في 13/6/1399هـ بالموافقة على إنشاء مؤسسات الطوافة بمكة المكرمة لخدمة الحجاج بمكة المكرمة
فصدر القرار الوزاري رقم 324/ق/م وتاريخ 5/8/1405هـ بإنشاء المؤسسة الأهلية التجريبية للإدلاء لتتحول خدمة الحجاج بالمدينة المنورة من العمل الفردي إلى العـمل الجماعي بشكل يماثل نظم عمل مؤسسات الطوافة.
وفي جدة التي تشكل بوابة الحرمين الشريفين برز الوكلاء كأفراد يؤدون واجباتهم تجاه خدمة حجاج بيت الله الحرام فهم أول من يستقبل الحاج وآخر من يودعه ومهنة الوكلاء استمدت قيمتها في خدمة الحجاج أسوة بالمطوفين والإدلاء والزمازمة
ويرجع تاريخ الوكلاء إلى بداية وجود المهن المتخصصة في خدمة حجاج بيت الله الحرام وقد احترفها عدد من أهالي جدة ويؤدي الوكلاء وظائفهم وفقا لما يتضمنه نظامهم والذي شهد في عهد الدولة السعودية العديد من التنظيمات والتطورات وبرز دورهم الواضح في المادة الخامسة من الأمر السامي الكريم رقم 14518 بتاريخ 21/10/1365هـ
ويتولى الوكلاء استلام رسوم الخدمات المقدرة لأرباب الطوائف من مطوفين ووكلاء وادلاء وزمازمة وفقا للمرسوم الملكي الكريم رقم 12/2/7 /726 في 10/5/1367هـ الذي متضمن تعرفة الأجور المستحقة لسائر أفراد الطوائف.
واعتقد البعض أن الرباط الذي يربط الوكيل بالمطوف هو رباط التبعية غير أن الدولة أكدت على بقاء الأصول العامة لخدمة الحجاج كما ورد في خطاب النائب العام لجلالة الملك المؤرخ 25/7/1368هـ إلى رئيس مشايخ الجاوة حفاظا على المصلحة العامة في خدمة حجاج بيت الله الحرام. وبذلك وضعت النظم والتعليمات الخاصة بكل من المطوف والوكيل والشروط التي يشترط توفرها فيهما ليكتسبا صنعتهما وأصبحت الحكومة هي المرجع لكل من الطرفين ضبطاً للحقوق وفقا لخطاب الديوان العالي رقم 13/4/1550 في 29/6/1368هـ. ثم قرار مجلس الوزراء رقم 139 بتاريخ 2/11/1377هـ الصادر بشأنه الموافقة السامية رقم 10405 في 4/11/1377هـ. ومن هذه القرارات يتضح حدود النطاق المكاني من الناحية العملية لكل من المطوف والوكيل كما يتضح أيضاً حدود التخصص لكل منهما وفضلاً عن ذلك مدى التزام كل منهما تجاه الآخر.
ومن المطوفين والوكلاء إلى الزمازمة الذين برز دورهم الواضح في خدمة حجاج بيت الله الحرام منذ أمد بعيد .
ودور الزمازمة مرتبط تاريخيا منذ عهد عبدالمطلب بن هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم وورثت هذه المهنة لخدمة حجاج البيت الحرام جيلاً بعد جيل حتى ظهر انفصال السـقاية عن الرفادة فأصبحت السقاية لطائفة الزمازمة والرفادة لطائفة المطوفين وكان الزمازمة يعملون بالتقارير وهي ( عبارة عن وثائق من حاكم المنطقة تخص كل عائلة مــن عوائل الزمازمة بخدمة حجاج بلد معين أو جهة معينه ) حتى عهد المغفور له بإذن الله الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سـعود ـ رحمه الله ـ وفي عـام 1384هـ صدر نظـام المطوفين العام والذي شكل خطوة نحو خلق باب التنافس الشريف فدخل الزمازمة هذا النظام بإلغاء التقارير.
ومع إنشاء مؤسسات الطوافة أنشى مكتب الزمازمة الموحد عام 1403هـ بالقرار الوزاري رقم 367/ق/م وتاريخ 21/9/1403هـ المبني على الأمر السامي الكريم رقم 954 وتاريخ 16/1/1402هـ وأصبح عمل الزمازمة جماعي بدلاً من العمل الفردي تحكمه لوائح مالية وإدارية
ويقوم المكتب بتقديم خدماته لجميع الحجاج القادمين للمملكة اعتباراً من العاشر من شهر ذي القعدة وحتى نهاية اليوم الخامس من شهر محرم وذلك بتقديم ماء زمزم لهم في كل موقع يتواجدون به منذ وصولهم إلى الأراضي المقدسة وحتى مغادرتهم لها المكرمة بواقع لتر واحد من ماء زمزم يومياً يتم إيصاله لهم
كما يتم توزيع عبوة بلاستيكية سعة (300) ملل معبأة بماء زمزم المبرد في مراكز التوجيه أثناء مغادرة الحجاج لمكة المكرمة يتم تعبئتها في أحد المصانع الوطنية والحائز علي شهادة (ISO 9002) .
دور الأدلاء
وفي المدينة المنورة نجد أن الكثير من الأسر قد شاركت خدمة زوار مسجد الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم منذ أمد بعيد.
وفي عهد الدولة السعودية برز دور الادلاء بشكل وأضح فكان الأمر السامي الكريم رقم 54/145 وتاريخ 25/12/1356هـ باعتماد نظام هيئة الأدلاء بالمدينة المنورة خطوة أولى لتنظيم أعمال الادلاء أعقبه صدور الأمر السامي الكريم رقم 4/ص/3162 وتاريخ 13/6/1399هـ بالموافقة على إنشاء مؤسسات أرباب الطوائف بمكة المكرمة والمدينة المنورة فصدر القرار الوزاري رقم 324/ق/م وتاريخ 5/8/1405هـ بإنشاء المؤسسة الأهلية التجريبية للإدلاء والذي حول خدمة الحجاج من العمل الفردي إلى العـمل الجماعي
كما تم الاهتمام بوسائل النقل والقائمين عليها من “ المخرجين “ ـ متعهدي إحضار الجمال والجمالة و”المقومين “ ـ الذين يتولون تقدير حمولة الجمل سواء كانت متمثلة في عدد الحجاج أو عفشهم .
ورغم أن أول سيارة دخلت الحجاز عام 1340هـ وفقا لما أشارت إليه المراجع التاريخية إلا أنها لم تستخدم في نقل الحجاج فقد منع استعمالها ومع دخول الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ للحجاز بدأ ظهور نقل الحجاج بالسيارات فأسست في عام 1344 هـ أول شركة لنقل الحجاج بين جدة ومكة المكرمة وكان عدد أتوبيساتها لايتجاوز خمسة وعشرين سيارة .
وفي عام 1345 هـ صدر أول تنظيم لسيارات نقل الحجاج وتضمن إحدى وثلاثون مادة وصدر الأمر السامي بالمصادقة عليه في 18 جمادى الآخرة سنة 1346هـ
وبدعم من الملك عبدالعزيز تأسست الشركة السعودية الوطنية لسير السيارات بالحجاز برأسمال قدره خمسون ألف جنيها وارتفعت أعداد السيارات في الحجاز وبلغت في جمادى الآخرة 1346هـ 267 سيارة ثم ارتفع العدد ليصل إلى 541 سيارة في شهر شعبان من العام نفسه .
وحينما أسست النقابة العامة للسيارات عام 1372هـ للإشراف على شركات نقل الحجاج كان عدد شركات نقل الحجاج لايتجاوز الخمس شركات تمتلك نحو خمسة وثلاثين ألف مقعد .
وفي عام 1373 هـ أخذت عملية نقل الحجاج بواسطة السيارات تتزايد مما أدى لاختفاء نقل الحجاج بواسطة الجمال .
وارتفع عدد الحافلات الناقلة للحجاج ليصل خلال موسم حج عام 1430هـ إلى (19501) حافلة وفرت نحو (900543) مقعداً .
ولم يكن ارتفع عدد الحافلات الناقلة للحجاج هو الغاية التي تصبو اليها قيادة المملكة لراحة ضيوف الرحمن اذ دخل نظام النقل بالرحلات الترددية عام 1416 هـ لأول مرة بهدف نقل النقل بين المشاعر المقدسة في أقل فترة زمنية ممكنة وتقليص عدد الحافلات المشاركة في النقل وتوفير أجواء صحية فعبدت لهذا المشروع الطرق وأقيمت الجسور وخصصت المواقع لتظهر ثماره في كل موسم حج .
ومن وسائل النقل التقليدية المعتمدة على الحافلات ظهر خلال موسم حج العام الماضي قطار المشاعر المقدسة ليكون وسيلة نقل حديثة لخدمة ضيوف الرحمن ويهدف المشروع الذي يعد الأول من نوعه على مستوى العالم من حيث طاقته الاستيعابية المقدرة بـ (72) ألف راكب في الساعة الى حل الكثير من مشاكل النقل التي تواجه الحجاج بالمشاعر المقدسة
ويتضمن إضافة إلى الجسور الحاملة للقطار حوالي 20 كيلومتراً بمسارين بما في ذلك 10 جسور خاصة بفتحات وبحور (50-70متراً) وعدد (9) محطات للقطار (3) محطات في كل مشعر شاملة كل الخدمات والمنحدرات والمصاعد والسلالم وأنظمة السلامة بطول 340 متراً لكل محطة وعرض حوالي 45 متراً مرتفعة عن الأرض ومغطاة بقماش الخيام ومكيفة ومستودع القطار ومحطة التخزين وورش الصيانة الدورية والشاملة ويشمل العقد أيضا السكك الحديدية والأنظمة والإشارات.. وأبواب المحطات الأوتوماتيكية، بالإضافة إلى محطتي كهرباء بقدرة تزيد عن 268 ميجاوات وكذلك الصيانة والتشغيل والتدريب لثلاثة أعوام والتصميم والمخططات التنفيذية.
ويبلغ طول الخط حوالي عشرين كيلو متراً بمسارين مرتفعين عن الأرض، بحيث تُخلى الشوارع من المركبات للاستفادة منها لسيارات الطوارئ والخدمات، ويبدأ المسار من محطة الجمرات على طريق الملك عبدالعزيز عند المستوى الخامس لمنشأة الجمرات الحديثة ويمر وسط طريق الملك عبدالعزيز مرتفعاً عن الأرض بمشعر منى إلى مزدلفة ومنها إلى عرفات على الطريق رقم (3) لينتهي عند المحطة الثالثة بعرفات عند الدائري الشرقي لعرفات.
أما عدد المحطات فتشمل تسع محطات مرتفعة عن الأرض، وفي كل مشعر ثلاث محطات يبلغ طول المحطة 300 متر ويتم الوصول إليها عن طريق منحدرات للدخول والخروج منفصلة، بالإضافة إلى سلالم متحركة ومصاعد كهربائية، وفي كل محطة ساحتين لانتظار الحجاج تستوعب كل واحدة منها ثلاثة آلاف حاج، ومزودة بكل وسائل السلامة وتلطيف الجو، بالإضافة إلى ساحة انتظار أسفل المحطة يتم تفويج الحجاج إليها تباعاً، ويسهم هذا الخط في سحب حوالي 30.000 سيارة من شبكة الطرق داخل المشاعر
وتم تزويد جميع المحطات بكافة أنظمة السلامة والحماية بما في ذلك سلالم ومخارج الطوارئ حسب أعلى المواصفات والمعايير الهندسية العالمية، إضافة الى ذلك، فقد تم تغطية المحطات بأسقف من مادة التفلون غير القابلة للاحتراق، وهي نفس المادة المستخدمة في مشروع الخيام بمشعر منى، وستم العمل بنظام التفويج، والتحكم بالحشود على غرار ما تم في منشأة الجمرات الحديثة، وسوف يستخدم العد الالكتروني للداخلين والخارجين من المحطات، وتتم المراقبة بالكاميرات الحاسوبية الحرارية.
وبين ماض تاريخي لمهن توارثها الابناء عن الاباء والاجداد الى حاضر زاهر نرى أنه كلما حل موسم حج أو مضى تعقد الاجتماعات وتطرح الدراسات وتناقش تقارير الأداء للخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام منذ لحظة وصولهم لأراضي المملكة العربية السعودية وحتى مغادرتهم لها سالمين غانمين بعد أدائهم لفريضتهم .
تطوير المشاعر
ومن خلال تقارير مرفوعة ودراسات مطروحة تصدر توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ يحفظه الله ـ بالعمل على وضع التنظيمات وتنفيذ المشروعات بهدف توفير أجواء روحانية خاصة لضيوف الرحمن فهذا مشروع تصريف السيول بمشعر عرفات والذي يهدف إلى تنفيذ الصرف السطحي للسيول في عرفات لتوجيهها إلى قنوات التصريف التي تم تنفيذها بالمرحلة الأولى, ويتم ذلك من خلال عمل ممرات ومحددات للخيام مع ضبط مناسيب تلك الممرات بحيث تسمح بالتصريف السطحي لمياه الأمطار لتصب بعبارات تصريف السيول التي تم تنفيذها بالمرحلة الأولى داخل مربعات الخيام وحتى مصباتها النهائية بوادي عرفه.
ويبرز مشروع الخيام المطورة بمشعر منى الذي شكل بديلا عن الخيام التقليدية عمل على زيادة الطاقة الاستيعابية لإسكان الحجاج بمنى فأصبحت المساحة الإجمالية للمشروع في مراحله الثلاث مليونين وخمسمائة ألف متر مربع، وقد روعي في اختيار المادة المستخدمة في تصنيع الخيام أن تكون مقاومتها عالية للاشتعال ولا تنبعث منها غازات سامة علاوة على اختيار شكل الخيام ليكون ملائما للطابع الإسلامي إلى جانب تقسيم كل قطعة أرض بمنى إلى عدة مخيمات تحدها أسوار ومرتبطة بواسطة ممرات متناسقة مرصوفة ومنارة ومزودة بإشارات تدل على مجموعات الخيام ومخارج الطوارئ، وفي وسط كل مخيم توجد مجموعة من دورات المياه والمواضئ وعند المدخل الرئيس خصصت خيمة لتكون مقرا للمطوف وتم بجانبها وضع تجهيزات توزيع الطاقة الكهربائية كما يوجد إلى جانبها المطبخ الذي يستخدم لتجهيز الطعام وتوزيعه وبجانبه موقع خاص لجمع النفايات ليسهل الوصول إليها من داخل المخيم وقد تمت إحاطة كل مخيم بأسوار معدنية تتخللها بوابات رئيسية وأخرى للطوارئ، وكذلك تم تزويد المخيمات بالمكيفات الصحراوية والإنارة الداخلية، بالإضافة إلى تزويد الخيمة بمأخذ للطاقة الكهربائية،وقد صممت الخيام بحيث لا تتسرب مياه الإمطار إلى داخلها ويتم تصريفها إلى مجاري المياه, كما زود المشروع بشبكة متكاملة لمياه إطفاء الحريق كما تحتوي كل خيمة على رشاشات للمياه تعمل بشكل تلقائي بمجرد استشعارها بالحرارة وعند خروجها من الرشاشات فإنه يتم اصدر صوت من جهاز الإنذار في خيمة المطوف ليتم تنبيهه إلى الخطر، وتشتمل كل خيمة من المخيمات على طفاية للحريق.
ومن خيام مطورة بمشعر منى الى جسر الجمرات الذي شهد العديد من المراحل التطويرية له بدأ من عام 1395هــ حيث تم اجراء عدة تعديلات عليه بهدف زيادة الطاقة الاستيعابية وتفادي الحوادث والازدحام عليه أثناء قيام الحجاج برمي الجمرات.
غير أن الزيادة في أعداد الحجاج وتسجيل بعض الحوادث استلزم العمل على وضع درسات استمرت أربع سنوات خلصت الى تنفيذ جسر متعدد الطوابق فصدرت الموافقة السامية على المشروع الذي بمقدوره توفير الخدمة لنحو أربعة إلى خمسة ملايين حاج في ظروف آمنة ومريحة تحقق لهم السلامة والراحة خلال أدائهم هذا النسك .
ويتكون جسر الجمرات الجديد من دور سفلي متصل بالنفقين الشمالي والجنوبي لعمليات الإنقاذ والطوارئ والإخلاء والدور الأرضي ويمكن الوصول إليه من عدة مداخل ، ويستعمل للرمي مع تعديل شكل الأحواض به لتكون بالشكل البيضاوي بطول (40) متراً وعرض يبلغ (14) متراً.
أما الدور الأول فإنه يمكن الدخول إليه من جهة منى عبر منحدرين شمالي وجنوبي مع إمكانية جيدة لرؤية الدور الأرضي والعبور إليه بينهما.
والدور الثاني: ويتم الدخول إليه من جهة مكة المكرمة عبر منحدرين : الأول شمالي جهة شارع الحج ، والثاني جنوبي جهة ريع صدقي ومحطتي حافلات لخدمة خط ترددي يدعم استعمال هذا الدور.
الدور الثالث: ويتم الوصول إليه من جهة منى عبر منحدر يبدأ من جهة طريق الملك فهد ومنحدر من جهة مجر الكبش وبواسطة خمس مباني تضم سلالم متحركة وسلالم عادية والخروج عن طريق ستة أبراج مماثلة.
الدور الرابع : ويتم الوصول إليه من جهة الجنوب عبر ممر للدخول وآخر لخروج من ربوة الحضارم على شارع الملك عبدالعزيز .
وتضم مباني الصعود (4) سلالم متحركة بكل مبنى أي ما مجموعه (16) سلماً متحركاً بعرض (1) متر لكل منها. وسلمان ثابتان بكل مبنى للصعود أي ما مجموعه ثمانية سلالم بعرض حوالي (2) متر لكل منها. و(4) سلالم ثابتة للطوارئ بكل مبنى بعرض (2) متر لكل منها أي ما مجموعه (16) سلماً. كما أن هناك اتصال بين الأدوار المختلفة عبر السلالم المتحركة والثابتة للموازنة ولاستعمالها في الحالات الطارئة بما في ذلك الدور الرابع.
بوابتان للسلالم المتحركة, وأربع بوابات للسلالم الثابتة لخدمة الدور الثالث اثنان في كل جهة بالإضافة لأربع بوابات لسلالم الطوارئ اثنان فيكل جهة, وبوابتان خلفيتان للصيانة والتشغيل (مساحة كل مبنى حوالي 1500 متر مربع).
ويوجد عند كل مستوى متوسط للسلالم المتحركة فسحة بمساحة (180) م2 تتيح حرية تحويل الحجاج مسارهم من سلم لآخر واستعمال سلالم الطوارئ عند الحاجة.
كما يوجد مخرج للطوائ عند كل مستوى متوسط للسلالم المتحركة وبين كل دورين متتاليين لجسر الجمرات. وتضم مباني سلالم الخروج (60) سلماً منها (4) سلالم متحركة بكل مبنى أي ما مجموعه (28) سلماً متحركاً بعرض (1) متر لكل منها. و(6) سلالم ثابتة لنزول ( عادي وطوارئ) بكل مبنى أي ما مجموعه (42) سلماً ثابتاً بعرض حوالي (2) متر لكل منها .
وهناك سلمان بكل مبنى أي ما مجموعه (14) سلماً بعرض حوالي (2) متر لكل منها للنزول من الدور الثالث ويكون مخرجها مجاوراً لمخرج السلالم المتحركة. وعدد (28) سلماً بعرض حوالي (2) متر لكل منها للخروج الطارئ من المستويات المختلفة .
ورغبة من الدولة في توفير خدمات جديدة وتطوير الخدمات الحالية فقد طرح المشروع التجريبي للبناء على سفوح الجبال وهو مشروع استثمار مرتبط بمؤسستي التأمينات الاجتماعية والتقاعد ووزارة الشؤون البلدية والقروية والهدف منه زيادة الطاقة الاستيعابية للحجاج بمشعر منى والعمل على حل مشكلة السكن وتقديم الراحة لحجاج بيت الله الحرام
تلك هي بعض من المشروعات التي تنفذها حكومتنا الرشيدة لراحة وطمأنينة ضيوف الرحمن وليؤدوا نسكهم بيسر وسهولة ويعودوا الى أوطانهم محملين بذكريات غالية لايام لاتنسى .
المصدر : الندوة 1432/9/23هـ
1 تعليقات
محمد حماد
2011/09/03 04:30 PMJeddah
معلومات قيمة ومفيدة ودقيقة بارك الله فيمن كتبها وسجلها ودونها كمصدر بيانات ومرجع للباحثين والقارئين والمستزيدين لكسب الخبرة والثقافة . جزاكم الله خيراً . محمد بن حماد