المطوف ورجل الدولة الشيخ الراحل عبدالله كامل

ذاكرة المهنة كتاب وثائقي من إصدار الهيئة التنسيقية لمؤسسات ارباب الطوائف قدم له معالي وزير الحج الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي الذي عده الأول من نوعه في هذا المجال.وفي مقدمة الكتاب وعن الرعيل الاول قال المطوف فائق بن محمد بياري رئيس الهيئة التنسيقية ان مهن ارباب الطوائف تزخر بكثير من القامات السامقة من الرجال الذين قاموا على خدمتها على مدى عقود طويلة وواكبوا تطوراتها وشهدوا تحولاتها.


ويضم الكتاب التوثيقي الفخم بين دفتيه لقاءات مع الرواد الاوائل نشرت في نشرة الهيئة الفصلية الرفادة من عام 1427هـ الى 1430هـ.

احتوى الكتاب ايضا على تمهيد عن مؤسسات ارباب الطوائف، حيث تحدث الاستاذ محمد بن حسين قاضي الامين العام للهيئة عن منظومة المؤسسات ومراحل الطوافة في العهد السعودي الزاخر والواجبات والمهام وغير ذلك مما يتعلق بأعمالها ولجانها.

في الفصل الأول كان هذا اللقاء مع الشيخ الراحل عبدالله بن محمد كامل.
يعد الشيخ الراحل عبدالله بن محمد عبدالسلام كامل - يرحمه الله - أنموذجاً رائعاً للعصامية وبناء الذات، عاش حياة الفقر، والتعب والكفاح، وحفر الصخر بأظافره وشق طريقه وسط الصعاب متمسكاً بتعاليم دينه، وقيم مجتمعه ومثله وخصاله الحميدة وأخلاقياته العالية، ليحقق النجاح تلو الآخر في ميادين العمل العام والتجارة والطوافة وليصبح من أبرز المطوفين ورجال الاعمال بمكة المكرمة وفي مقدمة الذين كانت لهم إسهامات كثيرة ومشاركات عديدة من أوجه فعل الخير ومد يد العون والمساعدة للمحتاجين والضعفاء، فقد كان رجلاً سباقاً في فعل الخير لا يألو جهداً في المسارعة والمساهمة في فعل الخيرات كما يعتبر - طيب الله ثراه - من أبرز المتطوعين الذين عاصروا الطوافة منذ القدم، وساهموا في خدمة حجاج بيت الله الحرام ردحاً من الزمن بل يعد مدرسة في مجال الطوافة استفاد منها العديد من رجالات الطوافة الحاليين.

مسيرة حافلة
انتقل الشيخ عبدالله كامل الى رحمة الله تعالى في غرة شهر ربيع الآخر 1428هـ الموافق 18 ابريل 2007م عن عمر يناهز الـ(97) عاماً، بعد مسيرة حافلة بالعطاء في مجالات العمل العام، والتجارة والطوافة فقد كان من رجالات الدولة المخلصين، المعروفين بالاستقامة والتدين، وخدمة الانسانية.. كما ان عصاميته - يرحمه الله - كانت نبراساً لابنائه من بعده، ليتخذوه قدوة ويسيروا على الطريق نفسه الذي رسمه لهم ليحققوا النجاح واحداً تلو الآخر، وليسهموا في خدمة بلدهم ومجتمعهم، ولتعبر اعمالهم الخيرة الحدود لتصل الى كثير من دول العالم، بدأ الفقيد حياته العملية "صبياً" وعمره (15) عاما، كعامل في دكان ابن خال والده القماش عيسى بوقري، في عام 1347هـ، تاركاً الدراسة في مدرسة الفلاح بمكة المكرمة، بعد أن عجز والده عن دفع مبلغ (جنيه ذهبي واحد) اي ما يعادل (40) ريالاً، عبارة عن قيمة كتب السنة السابعة، وعاش حياة الكفاف والكفاح حتى وصل الى مرتبة عليا في الدولة، وبعد ذلك التحق الراحل - طيب الله ثراه - بوظيفة "كاتب" بالنيابة العامة في مكة المكرمة عام 1349هـ وتدرج حتى وصل الى وظيفة "المدير العام لديوان مجلس الوزراء" الذي قضى فيه (35) خمسة وثلاثين عاماً، حتى تقاعد عام 1393هـ.

لقاء ومعاصرة
تشرف - رحمه الله - بلقاء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - ويقول عن أول لقاء له بجلالته، كان ذلك في منطقة الحوية بالطائف، حيث كنت أمام شخصية عظيمة، مثال للتواضع والحلم، يبتسم للجميع ويحاورهم، لا يرد من يريد أن يدنو منه ليتحدث إليه، تقدمت لكي أقبل يده، فسحبها وقال، لا يا ولدي، لا تسلم، صافح فقط، كما كان أحد الذين عاصروا جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - منذ ان كان نائباً في الحجاز، في عهد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - يرحمه الله - حيث عمل معه لمدة (44) سنة لم يفارقه فيها، وعاصر الفقيد انتقال الوزارة من العاصمة المقدسة الى جدة، خلال الفترة من 1353هـ الى 1356هـ، وانتقل من مكة المكرمة الى الرياض عام 1373هـ، وبقي فيها ستة عشر عاماً، وقد أحبه الذين عملوا معه، أو عمل معهم، وعرفوا فيه النزاهة والأمانة والشهامة والمروءة والرجولة، وقدروا فيه العطاء، والوفاء، فقد كان دائماً في مقدمة الساعين للخير والداعين له، كان الفقيد الراحل رجل أعمال معروفاً بمكة المكرمة، وكان من أكثر الناس تواضعاً.

صبي مطوف
عمل الفقيد الشيخ عبدالله كامل - يرحمه الله - مثل غيره من اهالي مكة المكرمة في مجال "الطوافة" خلال مواسم الحج، وامتهن هذه المهنة الشريفة التي بدأها كـ"صبي مطوف" وتنقل بين تطويف الحجاج الهنود والعرب والاتراك، حتى حصل على "المعلمانية" وقد نشرت مجلة "الرفادة" التي تصدرها الهيئة التنسيقية لمؤسسات أرباب الطوائف قصة مشواره في هذا المجال في عددها الثاني الصادر في الرابع من شهر ذي الحجة 1427هـ، نقلاً عن كتاب: "ضوء في آخر الطريق" الذي يروي قصة حياة الشيخ عبدالله كامل وابنه صالح والذي دفع به مؤلفه الكاتب والاعلامي المعروف الدكتور عبدالعزيز النهاري الى المكتبات في شهر شوال 1426هـ ويضم سلسلة حوارات، كان قد نشرها المؤلف في جريدة "عكاظ" على مدار (12) اثنتي عشرة حلقة، وعن هذا المشوار يقول الشيخ عبدالله كامل "والدي محمد ابراهيم كامل - يرحمه الله - كان نقيب علماء الحرم المكي الشريف، ولقد نشأت في اسرة متوسطة الحال، وعندما شعرت بأن المصاريف لا تكفي، كان لابد لي من عمل يساعدني ويساعد والدي، ففكرت في العمل في الطوافة كصبي مطوف، ووجدت الحل عند جارنا عبدالله همني.. وكان يعمل كـ(صبي) عند جمال الجاوي المطوف.. فطلبت منه أن أخدم معه فرحب بذلك، وأخذني الى الحرم الشريف وأصبحت كل يوم أقوم بتطويف الحجاج وأسعيهم في وقت العصر، فيعطوني (روبية) أفرح بها وأجري لوالدتي، وبذلك حفظت الطواف والسعي وأدعيتهما، لأقوم بتطويف غيرهم من الحجاج لأحصل على النقود من نساء الحجاج الهنود، اللاتي كن يفضلن ان يطوفهن من هو صغير في السن، ووقتها كنت صغيراً في العمر دون سن التكليف، وتطور عملي حينما وجدت شخصاً اسمه عبدالقادر اسكندر، عملت معه كـ(صبي رسمي) للطوافة مع عدد من الصبيان، أذكر منهم محمود طبطبي، وحامد أكبر، وعبيد سفياني، وقد كانت أجرتنا (500) روبية في الموسم مع ما يصلنا من (بقشيش) من الحجاج، وقد مكثت اعمل لديه لعدة سنوات، ووالدتي تنفق وتدخر ما تستطيع ادخاره".

مطوفو الحارة
وعن هذه المسيرة في مهنة الطوافة، أضاف الشيخ عبدالله كامل قائلاً: "لقد كان في حارتنا عدة مطوفين، ففي "الهجلة" وفي حوش الأغوات المطوف شفيق حريري مطوف أهل طرابلس الشام، وزمزميم حسن جندي، وأولاد الدوبي، وهم مطوفون لأهل فلسطين، وابناء الهوسا وهم لأهل بلخ، وآل محمد حسين، وقد كانوا مطوفين للهنود، وأهل السبهاني، وكانوا مطوفين لبورما والصين وأحمد سراج، مطوف المصريين، وآل مطر، مطوف الاتراك، والمغاربة، وكانوا جميعاً يستأجرون محلات كثيرة لإسكان حجاجهم الذين يمكثون أشهراً عديدة ثم يسافرون بعد الحج، فكانت والدتي تقوم بتأجير المجلس والصفة الخاصة بدارنا لمدة عشرين يوماً في موسم الحج، بايجار يعادل اجرة كامل السنة، وبذا اصبحت دار جدتي تؤجر بمعدل سنوي تقريباً، لنعيش في نصف البيت في تلك الفترة، مقابل أن نحصل على ما يساعدنا في حياتنا".ويضيف عن هذه المرحلة قائلاً: "وعندما فكرت في تنمية موارد الدخل فكرت في أن اطلب شهادة (مطوف) التي لم تكن تمنح إلا بعد الحصول على شهادة بقضاء فترة معينة في التطويف والتعامل مع الحجاج، وقد طلبتها من العم عبدالقادر اسكندر، الذي كنت أعمل عنده في تطويف الحجاج، وقد أعطاني إياها، كما أخذت شهادات أخرى من بعض أصحابي المطوفين، وقدمت طلبي إلى ديوان النيابة، وأحيل لرئيس المطوفين وقتها وهو صديقي الشيخ عبدالرحمن هرساني، الذي كان موظفاً في وزارة الخارجية.

نيل "المعلمانية"
ولقصة مشوار الشيخ عبدالله كامل في الطوافة بقية يرويها قائلاً: "بعد قيامي بهذه الإجراءات، أقرت هيئة المطوفين استحقاقي لـ(المعلمانية)، مع مطوف آخر اسمه عبدالرحمن مظهر، تم ترشيحه من قِبل الشيخ عبدالله دهلوي الذي كان من أعيان مكة المكرمة المعروفين، إلا أن واحداً من هيئة المطوفين اعترض على ترشيحي لنيل "المعلمانية" فأحيلت المعاملة الى هيئة التمييز التي كان رئيسها الشيخ محمد لبني، وأعضاؤها السيد هاشم شلي، والسيد أسعد حكيم، من مطوفي الهنود، وعلي نحاس، وأحمد قدس، من مطوفي الجاوة، وعبدالله سراج، وحسن حمزة، من مطوفي العرب، وعبدالستار دويري عن الزمازمة، فأقرت هذه الهيئة أحقيتي لـ(المعلمانية)، مع دفع الرسم المقرر للخزينة وهو (300) جنيه، دفعها بالتقسيط بواقع جنيه عن كل حاج يتبع لي، وتم تبليغ رئاسة مطوفي الهنود لأنني كنت (معلم هنود)، ولقلة الحجاج الهنود الذين كانوا يأتون باسمي لأنني كنت مطوفاً جديداً وغير معروف، تحوّلت الى تطويف الحجاج العرب، الذين كانوا يتبعون المطوفين آل شيخ جمل الليل، وقد كان ما وصلني من الحجاج يبلغ (20) حاجاً فقط، فأقاموا عليّ دعوة لدى رئيس المطوفين الشيخ الهرساني بطلب هؤلاء الحجاج، ولما لم تثبت عليّ أية شائبة بصورة رسمية أصبح الحجاج من نصيبي، ليتكاثر عددهم عاماً بعد عام، وأصبح لي بعد ذلك حجاج من كل بلد، إلى أن أصبحت شريكاً لأصحاب (التقارير)، وذلك بشراكتي لآل ثنيان أصحاب التقرير لبعض الدول العربية، كما أصبحت شريكاً لآل ميمش في تقريرهم".

قدم خير
ويواصل الشيخ عبدالله كامل حديثه عن تلك المرحلة قائلاً: "ولتعريف أصحاب التقارير، فهم أصحاب الامتياز، حيث كان لكل مطوف امتياز حجاج منطقة بعينها من بلد معين، وقد يشترك عدد من المطوفين في بلد واحد ولكن امتيازهم (تقريرهم) لمدن أو مناطق في ذاك البلد، حينما كانت التقارير موزعة وتورث لأبناء المطوفين أو بناتهم، وقد سعيت لطلب تقارير مرتين متتاليتين.. ولم استطع إلا في المرة الثالثة عندما رفعت الأمر إلى الأمير (الملك) فيصل بن عبدالعزيز - يرحمه الله - ووضحت له بأنني قد طلبت قبل ذلك طلبين ولم أحصل عليهما، فصدر الأمر بأن أحل محل أحد أصحاب التقارير المتوفين". ويضيف بقوله: "وقد حدث تحول كبير في ممارستي لمهنة الطوافة، بحصولي على (التقرير) من ناحية، ومن ناحية أخرى سمحت الحكومة التركية لحجاجها بالحج، بعد أن كانت قد منعتهم بعد الحرب لفترة طويلة، ووصف مطوفو الحجاج الأتراك حصولي على التقرير، ودخولي معهم، بأنه (قدم خير) عليهم جميعاً، بأن سمحت الحكومة للحجاج الأتراك بالحج في هذا العام، وطلبوا مني أن نتفق على تحديد الأجور من الحجاج، فلم أوافقهم، حيث قلت لهم: (سوف أطوف الحجاج وأسكنهم وأضيفهم وأحججهم.. ولن آخذ إلا ما يعطوني إياه عن طيب نفس منهم). فسافرت إلى الخارج بحثاً عن الرزق وتوسيع دائرة أعمالي في الطوافة، فكانت أولى سفرياتي إلى الخارج إلى مصر، ومكثت فيها ثلاثة أيام، ثم بيروت التي مكثت فيها ثلاثة أيام أيضاً، ثم مع بعض أصدقائي إلى استنابول، حيث قمت بزيارة المناطق الخاصة بي في تركيا، واجتمعت بمشايخهم الذين لقيت منهم كل ترحيب".

العمامة "المقصصة"
كما تحدث الشيخ عبدالله كامل عن أول فوج استقبله من الحجاج قائلاً: "عندما حان الموسم وصلني (70) حاجاً، فلبست (الجبة)، ووضعت (العمامة المقصصة)، وبخرتني عمتي (حماتي) أم زوجتي - رحمها الله - خوفاً عليّ من عيون الناس، وأخذت الحجاج وخرجت بهم من (زقاقنا) إلى الحرم أدعو وأهلل وأكبر، والناس ينظرون إليّ مستغربين، كيف أصبح هذا مطوف أتراك؟! وتزايد العدد حتى وصل بحمد الله إلى (800) حاج، وكنت أفرش لهم (حصيرة) في الزقاق، تمتد من بيت رفاعة، حتى بيت الحلواني بعد بيت عم بوقري، وقد اعتنيت بهم كثيراً، واستأجرت لهم بيتاً في (منى) لسكناهم، وكنت أنا والعاملون معي وأخي محمد سعيد نتعاقب على خدمتهم والعناية بهم".ويستطرد: "ولو سألتني عن حصيلة ذلك الجهد (الطوافي)، فلقد دفعت كل ما لدي لتسديد كل ما يتعلق بالحجاج، حتى جاء أول يوم من أيام التشريق، ولم يكن لدي قرش واحد، لكني كنت أضغط على نفسي وأؤجل بعض المدفوعات حتى ينتهي الموسم، وبعد الحج صنعت لي (حماتي) - والدة زوجتي - كيساً أشبه ببيت المخدة بربطة قيطان، ووضعته بجواري، وكل حاج حان وقت سفره يستلم جوازه مني، ثم يضع ما تيسر في الكيس، وهكذا حتى آخر حاج، ثم قمت بتنكيس الكيس وتفنيد كل شيء على حدة - الفضة والذهب والورق وأحصيت ما عليّ من أجور عمال وإيجارات مساكن وخيام، فكان الفائض الذي بقي لي (400) جنيه غير المصلحة التي لي عند بعض المطوفين، حيث كنت آخذ عن كل حاج داخل في (تقريري) خمسين ريالاً، وقد كانت المصلحة التي لي (700) جنيه، وليكون إجمالي حصيلة هذا الموسم (1100) جنيه".

إسهامات متواضعة
ويختتم الشيخ عبدالله كامل سرد رحلته الطويلة في عالم "الطوافة" فيقول: "ثم سارت حياتنا والحمد لله على خير، وتوسع الرزق، وضاق البيت علينا، فاستأجرت بيت عم عيسى بوقري الذي كنت أعمل لديه، كما لم أنس أهلي وأسرتي، فاستأجرت بيت عم عمر بوقري لأخي محمد سعيد، كما استأجرت بيت زينل في أجياد بجوار المطبعة، واستأجرت بيت البكر، وهو كبير وواسع - والحمد لله - كانت هذه هي المرحلة التي أنعم الله بها عليّ نعمه الواسعة - ظاهرة وباطنة - فأحمده سبحانه عليها". وفي ختام حديثه، تطرق الشيخ عبدالله كامل للحديث عن الطوافة في الوقت الحاضر قائلاً: "كما ذكرت لك.. الطوافة هي المهنة الأساسية لأفراد الأسرة، ولقد كانت لي إسهامات متواضعة فيها، أسأل الله سبحانه وتعالى لها القبول، واستمر مشواري فيها بعد ذلك، حيث ألقيت كلمة المطوفين في افتتاح الدورة التدريبية الأولى لرؤساء ونواب مجموعات الخدمات الميدانية لمؤسسات الطوافة، التي عقدت في شهر ذي القعدة من عام 1414هـ، وافتتحها معالي وزير الحج - آنذاك - معالي الدكتور محمود بن محمد سفر، نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز، أمير منطقة مكة المكرمة - يرحمه الله - واشتملت هذه الكلمة على تعريف بمهنة الطوافة، وايضاح جذورها، وحصر مجالات تطورها وتوسعها في كل مجالات الخدمات التي تتشرف بتقديمها لضيوف الرحمن، وقد واصلت - ولله الحمد - أسرتي العمل في هذه المهنة الشريفة، بعد التحولات الكبرى التي شهدتها في الفترة الأخيرة، وخير مثال على ذلك أن ابني صالح قد بدأ ممارستها وهو صبي، واستمر في أداء واجباتها وهو شاب، كما أصبح ابني المهندس عبدالعزيز كامل عضواً في مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج الدول الافريقية غير العربية".

كان هذا حصيلة ما نشرته "الرفادة" عن هذه الشخصية الفريدة، قبل نحو (4) أربعة أشهر فقط من انتقاله - يرحمه الله - للدار الآخرة، في محاولة متواضعة منها لإبراز جوانبه المتعددة - الوظيفية والتجارية - ورصد مسيرته الحافلة في مجال مهنة "الطوافة". ويأمل القائمون على هذه النشرة أن يكونوا قد أوفوها حقها. وفي الختام لا يملكون سوى الدعاء: (رحم الله رجل المروءات والتقوى.. رحم الله الوالد.. والعم.. والمعلم.. والصديق.. الشيخ عبدالله محمد كامل.. رحم الله هذا الرجل، الذي عرف بين الناس بالتقوى.. والصلاح.. والمروءة.. والعون والنجدة لكل: من يعلم، ومن لا يعلم..ولكل من يعرف، ومن لا يعرف.. فقد كان يؤمن بأن المسلم للمسلم كالبنيان، يشد بعضه بعضاً.. كما كان وفياً.. كريماً.. سخياً وصاحب فضل.. أحب الناس.. فأحبوه.. واحترمهم فاحترموه.. ووقف بجوارهم فشكروا له ذلك الصنيع. فقد انتقل إلى جوار ربه، وبقيت - والحمد لله - سيرته العطرة التي تلهج بها كل الألسن وبقي أثره الطيب في أولاده وأحفاده.. سائلين الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته، وأن يجعل ثواب هذه الأعمال، في موازين حسناته يوم القيامة.

هذه المادة من كتاب ذاكرة المهنة الصادر عن الهيئة التنسيقية لمؤسسات ارباب الطوائف

السيرة الذاتية:-

 

المعلومات الشخصية
الاسم: عبدالله محمد إبراهيم عبدالسلام كامل.
تاريخ الميلاد: عام 1331هـ، الموافق 1910م.
مكان الميلاد: مكة المكرمة، حارة "الهجلة".
المراحل الدراسية
درس بالمدرسة الفخرية بمكة المكرمة أولاً، ثم مدارس الفلاح الشهيرة حتى الصف السادس.
الحياة العملية
. بدأ حياته "قمّاشاً" في محل ابن خال والده، في عام 1347هـ.
* التحق بوظيفة "كاتب" بالنيابة العامة في مكة المكرمة عام 1349هـ.
. التحق بوظيفة كتابية بوزارة الخارجية، وتدرّج في السلّم الوظيفي حتى وصل إلى درجة (المدير العام لديوان رئاسة مجلس الوزراء).
. لازم جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - على مدى (44) عاماً - منذ أن كان - طيب الله ثراه - نائباً على الحجاز، متنقلاً معه بين مكة المكرمة، وجدة، والرياض، والطائف.
. عاصر انتقال ديوان رئاسة مجلس الوزراء من العاصمة المقدسة إلى جدة، خلال الفترة من عام 1353هـ إلى 1356هـ.
. انتقل من مكة المكرمة إلى الرياض عام 1373هـ، وبقي فيها (16) ستة عشر عاماً.
. تقاعد من العمل في ديوان رئاسة مجلس الوزراء عام 1393هـ، بعد أن قضى فيه (35) خمسة وثلاثين عاماً.
. عمل في مجال الطوافة خلال مواسم الحج.
. لم يبتعد عن مهنة "الطوافة" خلال فترة عمله بوزارة الخارجية، وكانت أول رحلة قام بها خارج المملكة - بعد حصوله على الترخيص كمطوف معتمد - في غرة رمضان 1369هـ، زار خلالها القاهرة وبيروت، واسطنبول، للتعاقد مع حجاج من هذه العواصم الثلاث.
. ألقى كلمة المطوفين في افتتاح الدورة التدريبية الأولى، لرؤساء ونواب مجموعات الخدمات الميدانية لمؤسسات الطوافة، والتي عقدت في شهر ذي القعدة عام 1414هـ.

المصدر : جريدة البلاد 1432/11/14هـ