المقامات الأربع بالمسجد الحرام



إن المقامات (المقصورات): هي عبارة عن أربع مقامات –يضاف لها مقام خامس وهو مقام الزيدية. وقد أزيل في سنة 726هـ/ 1325م-. داخل حدود المطاف القديم من جهاته الأربع التي تتميز بأرضيتها المفروشة بالحجر الصوان، وكل مقام عبارة عن مصلى لأتباع كل مذهب من المذاهب الأربعة.

وعن توفيرها للظل فقد كان لكل مقام مظلة خاصة. مما وفر مساحات من الظل للمصلي وكذا وقتهم من المطر، وأتاحت لهم أفضل سماع للأعداد الغفيرة لصوت الإمام –نظرا لعدم توفر مكبرات للصوت في ذلك الزمن. وقد اختُلِف في تاريخ إنشاء هذه المقامات، فقيل كان في حوالي منتصف القرن الخامس الهجري وقيل كان في خلال القرن الرابع والخامس الهجريين، وقيل كان أقدم ذكر للمقام الحنبلي في سنة 529هـ/1134م. وكان قد سبقه في الإنشاء المقام المالكي. وكان المقام الحنبلي موجودًا في عشر الأربعين وخمسمائة هجرية. وأما موقعها في المسجد الحرام فهي في القسم الثاني من صحن المطاف. ولكل مقام موقع خاص به.

المقام الشافعي في جهة الشرق من المسجد الحرام. أمام الكعبة وخلف مقام إبراهيم عليه السلام وباب بني شيبة.

وهو على مرتفع في أعلى قبة زمزم يصعد إليه بدرج عددها (11) درجة من جهة المقام الحنبلي، ويشغل مساحة 4أمتار عرضها &artshow-86-125290.htm#215; 6 أمتار طولاً من مساحة سطح قبة بئر زمزم. ويستوعب عددًا أقل من خمسين مصليا. ويبعد عن الكعبة بحوالي (15)م. كان يرفع من فوقه الأذان من قبل رئيس المؤذنين.

المقام المالكي في جهة الغرب من المسجد الحرام مما يلي دبر الكعبة (أي من ناحية باب العمرة حالياً) بين الركنين الغربي واليماني كان على مستوى سطح المطاف ومن دور واحد. مقام على أربعة أعمدة وحوله محاط بالحصى.

المقام الحنفي في جهة شمال الكعبة والمسجد الحرام (أي من ناحية باب الزيادة). أمام حِجر إسماعيل عليه السلام وميزاب الكعبة بين الركنين الشامي والعراقي مما يلي الحطيم مقارب لحد صحن المطاف القديم من خلف الحطيم. ويتميز المقام الحنفي بكبر المساحة التي يشغلها عن المقام الشافعي، وبكبر مظلته الخارجة عن الدور الأول عن بقية المقامات وبأنه من دورين. وفوق الدور الأول مظلة للمبلغين يصعد إليها بدرج، وكان المقام يشغل مساحة أكثر من 4 أمتار عرضاً بحيث تستوعب حوالي (50) مصليا.

ومن أعلاه يتم إبلاغ حركات الإمام للمصلين، ويقف عليها المنشدون (المؤذنون).

المقام الحنبلي: في جهة الجنوب من المسجد الحرام (هو في ناحية المكبرية جهة باب الملك عبد العزيز آل سعود –رحمه الله- حالياً ما بين الركنين). مستقبلاً الحجر الأسود ومحاور لمبنى بئر زمزم لغاية سنة 1300هـ/1882م. فتم إزالته وإعادة بنائه من دور واحد مستنداً على أربعة أعمدة، وتم تعديل ناحيته بحيث يكون مقابلاً للحجر الأسود، وعلى مستوى سطح صحن المطاف، وملاصق لحد الصحن، وحوله مفروش بالحصى. أي أن موقعه حالياً بين الركنين، وكانت خلفه حصوة النساء.

الصلاة في المقامات: كان الناس فيما قبل إحداثها يؤدون الصلاة خلف إمام واحد هو إمام مقام إبراهيم عليه السلام.

فلما أُحدثت أصبحت الصلاة الواحدة تقام أربع مرات. وينتصب لكل إقامة إمام مذهب من المذاهب الأربعة، ويصلى أتباع كل مذهب على الأغلب وراء إمام مذهبهم. فيصلي الشافعي، ثم الحنفي، ثم المالكي، ثم الحنبلي في الصلوات ماعدا المغرب، يصلونه جميعاً في وقت واحد نظراً لضيق الوقت مما يؤدي إلى التداخل بين المصلين ولغاية سنة 811هـ/1408م حيث انفرد الشافعي بصلاة المغرب بالناس، واستمر هذا الأمر لغاية 6/12/816هـ -2/4/1413م.

فرجع الأمر كما كان سابقاً من صلاة المغرب للأئمة الثلاثة غير الشافعي المغرب. وكذلك كانت تجتمع الأئمة الثلاثة ما عدا الشافعي على صلاة العشاء في رمضان في وقت واحد، وبقي الوضع على حاله إلى أن قرر العلماء في سنة 1344هـ/ 1926م.

أن تكون الجامعة التي تقام بالمسجد الحرام جماعتين بإمامين في أوقات الصلوات الخمس ماعدا صلاة المغرب حتى إذا لم يدرك الناس الصلاة مع الإمام الأول أدركوها مع الإمام الثاني بغير تفريق بين الإمام المصلّي من أي مذهب كان. فيصلي إمام الحنابلة أول الوقت من كل صلاة، ويصلي بعده أئمة المذاهب الأخرى وسار الوضع مدة.

ولكن لوحظ أن بعضا من الناس يكون في المسجد الحرام والصلاة قائمة فلا يصلي مع إخوانه المصلين وحجته أنه ينتظر حتى يجيء الإمام الذي هو على نفس مذهبه، وبالتالي يصلي خلفه وقد ظل عدد المتخلفين يتكاثر، وأصبح ظاهرة ملفتة ومقلقة، فأمر الملك عبد العزيز آل سعود –رحمه الله- فأصدر توجيهاته بعقد اجتماع للعلماء، فقروا أن تكون الجماعة التي تقام في المسجد الحرام جماعة واحدة، وأن ينتخب من كل مذهب ثلاثة أئمة، ومن الحنابلة إمامان يصلون بالتناوب في أوقات الصلوات الخمس، ولا يصلي في الوقت إلا إمام واحد، ولا يتخلف عن الصلاة خلف أي إمام من هؤلاء الأئمة.

وبذلك انتهى في عام 1344هـ/ 1926م. وللأبد تعدد الجماعات في المسجد الحرام، وأصبحت جماعة واحدة لا فرق ولا تفريق.

لمزيد من التفاصيل راجع كتاب الصحن المحيط بالكعبة المشرفة دراسة تاريخية عن مكوناته، ومن درس من العلماء في حصواته تأليف أ.د. فوزي ساعاتي الكتاب تحت الطبع.

 

المصدر : موقع الاسلام اليوم   18/ محرم / 1431هـ