أنين خندمة ينهي مسار جيش فتح مكة

فيما تواصل «بلدوزرات» أكل صخور جبل خندمة الذي كان حضنا لشعاب بني هاشم حيث كانت بيوت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وآله وأصحابه السابقين في الإسلام، انطلقت رحلة علمية قبل أيام، متتبعة المسار الجغرافي والتاريخي لجيش الفتح الذي قاده الرسول لفتح مكة سنة 8 للهجرة، في محاولة لتثبيته على الخرائط الرسمية لمكة المكرمة ومخططها الشامل.

ففي يوم مكي خالص، سابق الجميع عين الشمس منذ الصباح الباكر وحتى أرخت أستارها الذهبية، في اتجاه جبال مكة، وتولى الدكتور معراج مرزا، أحد أشهر مراجع الذاكرة المكية، قيادة فريق الجولة، بدءا من مسجد الفتح في الجموم، مرورا بمواقع كثيرة على طريق الهجرة القديم وجبل خندمة، وانتهاء بوادي طوى.

وفي خندمة يعجز الناظر عن وصف نشاط وحركة الحفر والهدم اللذين أزالا وإلى الأبد الجزء الذي كانت فيه أول معالم ومرابع طفولة وصبا وحياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة لأكثر من 53 عاما قبل هجرته إلى المدينة المنورة، إذ عجز عن الصمود على الرغم من صلادة حجارته الجرانيتية.

وكذلك كان صدر الأفق ضائقا بألسنة حديدية متشابكة للروافع والونشات التي تعمل ليل نهار في إعلاء أبراج وناطحات لتوفير مطل على الكعبة المشرفة، في حين لا تزال بضعة بيوت قديمة مأهولة بعمالة إلا أنها آيلة للسقوط، وعين برج الساعة تراقب كل حركة تجري تحتها في بطاح مكة.

 

-----------------------------------------------------------------------

 

في يوم مكيّ خالص؛ سابق فيه الجميع عين الشمس منذ الصباح الباكر وحتى أرخت أستارها الذهبية، في اتجاه جبال مكة، متتبعين المسار الجغرافي والتاريخي لجيش الفتح الذي قاده الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لفتح مكة سنة 8 للهجرة.

وتولى الدكتور معراج مرزا أحد أشهر مراجع الذاكرة المكيّة، قيادة فريق الجولة الذي توجه إلى ضاحية الجموم ومنها انعطف في اتجاه القادم من المدينة المنورة إلى طريق الهجرة القديم، حيث نقطة التقاء الفريق وانطلاقته لتتبع خطى النبي مع 10 آلاف صحابي جاؤوا لفتح مكة قبل 1427 عاما.

وجاءت مشاركة "مكة" في الجولة التي كانت حافلة بالرصد والحنين والأمل في حفظ ما تبقى، بدعوة من رئيس وأعضاء مبادرة "معاد لتعزيز الهويّة المكيّة" وهي جمعية أهلية تطوعية (تحت التأسيس) نظمت هذه الجولة العلمية والاستكشافية بهدف رصد إحداثيات مسار فتح مكة والمواقع التاريخية في محاولة تثبيتها على الخرائط الجغرافية الرسمية لمكة المكرمة ومخططها الشامل، وذلك بعد تنسيق مسبق مع إمارة منطقة مكة المكرمة، والهيئة العامة للسياحة والآثار الوطنية، ومعهد أبحاث الحج في جامعة أم القرى، والهيئة العليا لتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وأمانة العاصمة المقدسة.

وتولى فريق مختص رصد ورفع إحداثيات كل مواقع مسار فتح مكة وما ثبت فيه من معالم ومساجد تاريخية ورد ذكرها في أصح كتب التاريخ والسيرة النبوية.

وبعد أن سار الفريق في اتجاه مكة، انتهى به المطاف عند قمة جبل خندمة حيث كانت "بلدوزرات" تأكل في نهم واضح جسم صخوره. وكان أنين الجبل وتوجعه حسيا لا تفهمه قوارض الحفارات ولا عمال الإزالة. ويعجز الناظر عن وصف نشاط وحركة الحفر والهدم الذي أزال وإلى الأبد الجزء الذي كانت فيه أول معالم ومرابع طفولة وصبا وحياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة لأكثر من 53 عاما قبل هجرته إلى المدينة المنورة.

لم تعد هناك شعاب بني هاشم حيث كانت بيوت النبي وآله وأصحابه السابقين في الإسلام. ولم يستطع خندمة بكل صلادة حجارته الجرانيتية الصمود أمام حفارات تنخر بأسنانها الفولاذية ذاكرة وذكرى المكان الذي تعطرّ بسيرة ومسار مكة النبوية. وتحول شعب بني هاشم إلى فجوة صخرية عميقة لتربض في جوفه كسارة ومصنع لتجهيز وجبات الاسمنت الخرساني بحصوات جبل بدا مستسلما لقدره المحتوم.

كانت عين الشمس تبدو غاضبة في كبد السماء، وبدا كل شيء بلا ظل حتى نادى مؤذن البيت العتيق إلى صلاة الظهر. توقفت سحب عوادم الحفارات وتلاشى سواد فعلها وسط رياح خفيفة. وانتظم بعض العمال والمشرفين في صفوف متناثرة للصلاة صوب الكعبة المشرفة تحت ظلال بلدوزراتهم!

كان صدر الأفق ضائقا بألسنة حديدية متشابكة للروافع والونشات تعمل ليل نهار في إعلاء أبراج وناطحات لتوفير مطل على الكعبة المشرفة. وبدا واضحا في بطن وادي إبراهيم تفاصيل توسعة الحرم المكي الجديدة وهي تتمدد في اتجاه فضاء تمت تهيئته في جسم خندمة شمال شرق وادي إبراهيم الخليل.

لا تزال بضع بيوتات قديمة وآيلة للسقوط مأهولة بعمالة باكستانية، هي وطرقاتها غارقة بأكوام من المخلفات والعيون المتسائلة عن سبب وجود هذه الوجوه الغريبة عن المكان!

وكذلك كانت عين برج الساعة تراقب كل حركة وسكنة تجري تحتها في بطاح مكة

المصدر : جريدة مكة / عمر المضواحي