مسجد شاهد عصر على بيعة العقبة

برز من المساجد التاريخية في مكة المكرمة «مسجد البيعة» الذي يقع شرق العقبة الكبرى في مشعر منى، وظل شامخا في مكانه على الرغم من كل التطورات والتوسعات التي شهدها المشعر على مر القرون.


ففي سنة 12 من النبوة 621 ميلادي كانت بيعة العقبة الأولى التي بايع فيها 12 شخصا من أعيان قبيلتي الأوس والخزرج من المدينة المنورة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما شهد نفس الموقع موسم حج الـ 13 من النبوة 622 ميلادي بيعة العقبة الثانية التي حضرها 73 رجلا وامرأتان من أهل المدينة.


وبنى الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور عام 144 هجرية مسجدا في نفس مكان البيعة، يقع شمال شرقي جمرة العقبة على بعد 300 متر، في أسفل جبل ثبير، ويلي منى في شعب عرفت بأسماء ثلاثة هي: شعب الأنصار، والبيعة، والعقبة، وتتصل مسمّياتها بمبايعة الأنصار لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ومؤازرته بالهجرة اليهم هو عليه الصلاة والسلام والمسلمين.


وبني المسجد بأمر الخليفة أبوجعفر المنصور إحياءً لذكرى هذه البيعة التي شهدها العباس بن عبدالمطلب جد الأسرة العباسية، ويتضمن نقشين كتابيين أحدهما مؤرخ بتاريخ 14هـ، ثبتا في الجدار الغربي للقبلة.


وأجريت لهذا المسجد عدة تجديدات بعد ذلك، من أهمها عمارة الخليفة العباسي المستنصر بالله له عام 625هـ، كما هو موضح في نقش كتابي كان ملقىً في ضمن المسجد زمن الفاسي، ثم ثبت في الجدار الجنوبي في آخر عمارة مسجد البيعة في العصر العثماني.


ويتكون المسجد حاليا من رواق قبلة تهدّم سقفه، وصحن مكشوف في مؤخرته بنهايته مصطبة ترتفع عن الأرض بمقدار متر واحد، أما الأبواب فقد أغلقت، ولم يتبق منها إلا بابًا واحدًا في الطرف الغربي من الجدار الشمالي.


وبالنسبة لمحراب المسجد فهو مجوف ومعقود بعقد مدبب وبه منبر وهي ظاهرة معمارية لم تشهد الا في مكة من المساجد بمكة المكرمة، كما دعم المسجد بأسفل الركنين الأماميين بسندات تروية لتساعد على امتصاص اندفاع السيول باتجاه المسجد في موسم الأمطار كما زين أعلى جدار القبلة بأربع عشرة شرفة مستطيلة الشكل رأس كل واحدة منها على شكل عقدة مكبر.


أما مادة البناء فتمثل في الحجر والآجر مع استخدام الجص في كسوة الجدران من الداخل والخارج.

المصدر : صحيفة البلاد 1435/11/12هـ