جبل السبع بنات

 

يقع البيت في منتصف طريق الصاعد إلى قمة جبل السبع البنات . ورث الطفلان البيت بمشاركة عدد من أقارب الزوج الذين وافقوا على ترك أميمة و أبنائها ليعيشوا فيه بمفردهم .

بني البيت من ثلاثة طوابق على سفح الجبل دون تمهيد مما جعل صخور الجبل تظهر في إحدى غرف الطابق الأرضي .

سكنوا في الطابق الأول و الثاني . أما الطابق الأرضي فمكون من غرفة واحدة مهجورة يسمونها المخزن و نادرا ما يخزنون فيها شيئَا لأن بابها خارج الجزء الذي يعيشون فيه ,و مباشرة على الزقاق . فلو خزنوا فيها شيئًا , فعليهم الخروج من البيت إلى الزقاق . ثم ينزلون ثمان درجات من درجات الزقاق للوصول إلى بابها ...

من يقرأ هذا الوصف للمنزل الذي عاش فيه أسعد مع أخته و ولديها في جبل السبع البنات , تعود به الذاكرة إلى كثير من بيوت مكة القديمة التي كانت تعانق الجبال وكأنها جزء منها و تكسب أهلها الصلابة و القوة على مقاومة شغف العيش و مشقة الحياة , و صاحبنا أسعد و هو بطل هذه الرواية هو خير دليل على هذا التشابه فالشبه كبير بينه و بين الجبل الذي كان يسكنه . إلا أن جبل السبع البنات كان يقف شامخا و تطوف حوله العوالم و تتبدل , أما أسعد فقد كان جبلاً صلبًا متحركًا طوَّف ما قدر الله عليه من التطواف بين مكة و جدة و أبها و جيزان وغيرها  , مثله كمثل الكثير من رجالات مكة المكرمة و سائر الحجاز الذي كانوا أصحاب خبرة و تجربة و أهلا للثقة في تولي زمام الأمور في عدة مناطق في تلك الحقبة التاريخية , فهم يأتون بالخير و يؤدون الواجب المناط بهم و يتحملون المسؤولية المكلفة بهم باقتدار و تميز .

أسعد بطل رواية الأستاذ محمد مشاط هل كان تاجرًا ؟ أو ضابطًا ؟ أو سبحيًا أو سجينًا خارجًا عن القانون ؟ أو رحالة يُطوِّف بين مدن الحجاز و مدن الجنوب ؟ .. هل كان فيه بعض من هذه الصفات أو كانت كلها مجتمعة فيه ؟

بطل روايتنا أسعد عانى في مدينته مكة من القريب و الغريب و عانى خارجها من الغربة و الفقد الكثير , لكنه في كل ما كان يعانيه يتحلى بالصبر و الثبات و الإيمان . ولم يكن ليظهر عليه انكسار أو ضعف , و ربما حسب من حوله أن بين جنبيه صخرًا لا ينبض و لا يرقُّ . لكنه كان أشبه بجبال مكة التي برغم مظهرها الصلد القاسي إلا أنها تحنُّ على أبنائها و تحيطهم بكل رعاية فهنيئًا لسكان مكة بهذا المقام و هذه الجبال القاسية الحانية .

من عناوين المحتوى :

قطعتان معدنيتان , في الحزن .. لا يعبأ الناس , شي من صنع يدك , العودة إلى الورشة , أزرار من ذهب , ليلة أرق , يوم الكأبة , حالمة في أحضان البحر , رجل بلا قلب , كان البنزهير رخيص , هؤلاء هم الزبانية , الدجيرة , حرز الجوشن , محبس الجن , جالك كلامي ؟ , رحلة العودة , عفشك و البنط , كبسولة تاريخية .

 

بقلم : إبراهيم المهدي | نشر على موقع قبلة الدنيا بتاريخ 1436/3/7هـ .