قطار مكة والغاضبون

لا بد من الاعتراف بأن بعض الغاضبين أجبرونا على مناقشة قضية القطار بشكل خاطئ، وأخذونا لأسئلة لا تفيد المواطن، وإن كانت تحقق بطولات للكتاب الذين رصدوا انفعال القراء فنقلوه في مقالاتهم على أنه رأيهم العميق، مع أنه لا يوجد هنا رأي، يوجد انفعال، فما الذي يستفيده المواطن إذ تأخذه لمسارات لا قيمة لها سوى أن «تكرس الانفعال»؟

إن ما نحتاجه دائما هو أن نمتلك ثقافة الأسئلة، فالأسئلة الفاسدة لن تحضر لنا إلا إجابات خاطئة، من حقي كمواطن أن أسأل.. هل أخذ بأقل عرض دون الإخلال بالجودة وليس الشكل؟

دعونا نفصل أكثر بمثال على المستوى الشخصي، إذا أراد شخص شراء «تلفزيون» وليس هناك إلا أربع محال تبيع هذه السلعة، وكانت الأسعار بين 12 مليارا 6 مليارات، فأنت ليس لديك خيار إلا أن تشتري الأرخص طالما يحمل نفس الجودة أو لن تشتري، فالعروض هكذا من شركات تعمل في هذا المجال طويلا.

والوزارة وافقت على أقل عرض، وما يهم المواطن هنا في هذه القضية ما الفائدة لي كمواطن يسكن مكة؟
هل هذا القطار سيخلق لسكان مكة فرص عمل؟

هل محطات القطار تبدأ من مشارف مكة ــ جدة وتنتهي على بوابة الطائف مكة، مخترقة المدينة بأكملها؟

هل وضعت مواقف كبيرة وآمنة على مشارف مكة جدة ومكة الطائف، ليجد زائر مكة أن الأفضل له هربا من الزحام أن يوقف سيارته في المواقف ويركب القطار للحج أو العمرة؟

وهنا أنا كساكن مكة سأتنقل بسهولة بعد أن فك القطار الاختناقات المرورية الدائمة بسبب القادمين للحج والعمرة، ويعني هذا أقل سيارات، أقل أول أكسيد الكربون، وبيئة صحية أفضل لسكان مكة.

يهمني أن أسأل الوزارة من سيعمل على القطار طوال الأعوام المقبلة، وهل وضعت استراتيجية لإحلال المواطن بدل المشغل الذي وضعته الشركة في البداية، لأنه لا يوجد لدينا خبرات وطنية في إدارة مثل هذه المنشآت؟

إن فكرة أن يصدق البعض أن القطار سيعمل لمدة ثلاثة أيام الحج ثم يتوقف طوال العام فكرة تثير الضحك، وأن يناقش البعض أشكال القطارات وأيهما أجمل ولا يناقش جودتها، تثير الدهشة، وأن يتبنى البعض هذا الجدل على الصحف، بدلا من نشر ثقافة الأسئلة التي تفيد المواطن وتحقق مصالحه، يثير الحزن.

عكاظ 4/7/1431هـ