التجارة بماء زمزم

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام طعم، وشفاء سقم”.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “:إن آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم”

كان ظهور زمزم في سنة 2572 قبل ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم. والجميع يعرف كيف ظهرت هذه العين المباركة ومنذ تلك السنين وعبر تعاقب العصور لم نسمع أو نقرأ في التاريخ أن ماء زمزم استخدمت للاتجار بها كما يحدث الآن في مكة المكرمة. فمنذ ظهور ماء زمزم بعد دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام لربه بأن يبعث من يحي هذا الوادي الذي أسكن به أهله وجاءت قبيلة جرهم لوادي إبراهيم بمكة وسمحت لهم السيدة هاجر بالنزول في الوادي وكانت تمنحهم الماء دون مقابل من ماء زمزم وجاءت قبيلة خزاعة واستطاعت أن تسيطر على مكة بعد قبيلة جرهم وعاشت في مكة. كان ماء زمزم لجميع من يسكن الوادي دون مقابل ودون قتال لوفرته، وحفر عبدالمطلب بئر زمزم بعد هجرها لفترة طويلة من الزمان وضايقته قريش وهو يحاول حفرها إلى أن استطاع أن يحفرها ويبني عليها حوضاً ومن ذلك الحين بدأ الاهتمام ببئر زمزم وتمديد قنوات لها وبناء القبة عليها، ومع كل عصر وحضارة إسلامية كان هناك اهتمام بالمسجد الحرام وبئر زمزم.

كانت زمزم هي مقدمة العمران بمكة وأخذ العمران يزداد بعد كل حين على يد القبائل التي كانت تسكن مكة وتجاور البيت الحرام لم تنقطع زمزم يوماً عن أهل مكة وساكنيها. ولم يشكك في ماءها وكيف يشكك فيه وهي ضربة جبريل عليه السلام في الأرض، وقد قال عليه الصلاة والسلام فيها” طعام طعم، وشفاء سقم” بل أن زمزم كانت تنقل عبر صهاريج الماء من مكة المكرمة لتصل إلى الشام وغيرها من الدول التي استقرت بها خلافة المسلمين، ولم يحدث عبر التاريخ أن تمت المتاجرة بماء زمزم كما هو اليوم، لقد أصبح الحصول على ماء زمزم لأهل مكة هذه السنوات من أصعب الأمور والسبب هو القصور الواضح في عملية التنظيم المتبعة الآن لتعبئة ماء زمزم للعامة لقد أصبح الرجال المكلفون بتنظيم حركة دخول الأفراد لتعبئة جوالين ماء زمزم من كدي يساومون على دخول الراغبين في تعبئة جوالين الماء بل أنهم يتطاولون على السائقين بالضرب بالعصي عندما يحاولون الدخول بين الناس لتعبئة ماء زمزم ومن يستمتع ويتاجر بتعبئة الجوالين التي وصل سعرها إلى ثلاثين ريالاً هم من يسيطرون على صنابير الماء في محطة كدي. تخيلوا ماء وهبه الله لعباده في الأرض لايشبه أي ماء فهو منحة الله لأهل مكة وساكنيها وزائريها يتحول إلى تجارة لا يعرف عدد المستفيدين منها لكن ما يمكن تأكيده أن الاتجار بها ليس بسيطاً وصعوبة السيطرة على هذه العملية يعني أن الاستفادة تجاوزت المعقول فأصبحت العملية طمعاً وجشعاً، ومحفزة لضعاف النفوس لاستغلال هذا الوضع.

ورغم ذلك فعملية تنظيم الحصول على ماء زمزم سهلة وبسيـــــطة إذا تم تـــــوزيع محطات مثـــل(البازانات زمان) حول الحرم ومنعت الحراسة عليه التي تنصب هذا المكلف بالحراسة على ابتداع الحيل لتشويه صورة العمل الذي يقوم به بالاتجار بماء زمزم عن طريق سماسرة بيع الجوالين، وتركت لمن يرغب في التعبئة كل بطريقته عن طريق السائقين أو الأفراد أنفسهم أو عن طريق” السقاية “ الذين يستأجرونهم لذلك كما كان يتم في السابق بذلك يترك للراغب في شرب زمزم اختيار الطريقة المناسبة للحصول عليه دون سيطرة أي جهة على المحطة. ومعروف أن الممنوع مرغوب والمتاح لا خلاف عليه وقد شاهدت في دولة التشيك الدولة التي حباها الله بالمياه المعدنية أن في منطقة الاستجمام فيها تم تمرير قنوات الماء وتوزيع صنابير في محطات صغيرة دون حراسة للراغبين في استخدام المياه المعدنية ولكم أن تتخيلوا الكم الهائل من العرب وغيرهم الذين يسافرون للعلاج بهذه المياه لكن رغم ذلك لم أرَ ما آراه حول ماء زمزم، لذا دائماً نقول إن سوء التخطيط ملازم لنا وبالتالي ينعكس ذلك على آلية التطبيق ولانعدام الرقابة يستشري الفساد لدى ضعاف النفوس ويتأثر المجتمع ويغضب للسلوكيات الغريبة التي تمارس عليه فهو المتضرر المباشر من هذه الممارسات

الندوة 12/9/1431هـ