الحج بين الأمانة والصحة!
تزدان الديار المقدسة هذه الأيام بحلول مؤتمر الحج الأعظم، ووفود الملايين من حجاج وقاصدي البيت الحرام والمشاعر المقدسة لتتجلى أرواحهم إيمانا ونقاء وغيوما تغسل القلوب بماء المغفرة.
تستنفر كل الطاقات الفردية والجهود الجماعية لخدمة هؤلاء الضيوف، وتبقى الخدمات الجبارة والمشاريع العملاقة التي تقوم بها الدولة بمختلف قطاعاتها وجهاتها ومرافقها شاهدة على تفاني ومسؤولية هذه الجهات الحكومية والخاصة.
ولكن تظل هناك ملاحظات قد تشوب هذه اللوحة البهيجة، وهي ما نستقيها من بعض القراء أو المواطنين المقيمين بهذه العاصمة المقدسة.
أولا: منع الحافلات الصغيرة التي تحمل 20 راكبا فأقل، أدى إلى تكدس العشرات من الحجاج في الشوارع المحيطة بالحرم المكي بعد الانتهاء من أداء الصلوات، وذلك بسبب تأخر أو عدم التزام الحافلات لبعض شركات النقل الملزمة بتقديم خدمات التنقل لهذه الجاليات، فلو تم السماح لهذه الحافلات الصغيرة التي يعمل عليها كبار في السن هم في أمس الحاجة للعمل وللقمة النظيفة إلى أن يحمى الوطيس، ويكتمل وصول الحجاج داخليا وخارجيا، ثم تمنع من الدخول أو العمل من ناحية تنظيمية إلى داخل نطاق المدينة والمشاعر المقدسة.
وثانيا: وجود محلات تجارية مستحدثة تقوم بتأجيرها أمانة العاصمة بالإضافة إلى وقوف الحافلات الكبيرة في الساحات الشمالية للمسجد الحرام أدى إلى تضييق المساحات المخصصة لدخول وخروج الحجاج والمواطنيني والمقيمين، فهل الاستثمار التجاري أهم من راحة وخدمة ضيوف الرحمن والتي تسعى الدولة جاهدة لتوفير سبل الراحة والاطمئنان لهم في مثل هذه المواسم؟!
ثالثا: شكا لي أحد الأصدقاء بأن أحد المستشفيات الحكومية أبلغه بضرورة إخراج والده الذي يرقد في العناية المركزة بسبب أوامر من قبل وزارة الصحة وتحويلهم إلى الطائف أو بحرة أو الجموم، وذلك استعدادا لموسم الحج، هل يعقل أن نخرج مرضانا الذين يتأرجحون بين الحياة والموت، من أجل حالات طارئة قد تغطيها أي مرافق صحية أخرى في مكة المكرمة؟! ويكفي.
عكاظ 2/12/1431هـ