الكراسي في المسجد الحرام
إن وجود هذه الكراسي الزهيدة الثمن، والتي يمكن ان تطبق، والتي يستعملها المرضى ممن ابُتلوا بآلام تمنعهم من بعض الحركة، فلا يستطيعون القيام أو الركوع او السجود، ووجودها أو وجود كراسٍ من انواع مختلفة في المساجد كادت أن تكون أن ضرورة، فتغير نمط الحياة جلب معه بعض ما يؤثر على صحة الناس، فالتبريد الصناعي عبر المكيفات يزيد مرضى العضلات والروماتيزم حدة ألم، وقد نختلف على حكم الصلاة على كراسي، وقد يرى البعض أن لها ضوابط، أو قيوداً، وقد يظن احد أن من يصلون عليها لا يحسنون معرفة الحكم الشرعي لما يصنعون، أو انهم لا سمح الله يستطيعون الركوع والسجود ببعض المشقة، ولكنهم يستهلون الصلاة على الكرسي، وقد يبالغ أحد فيتهم المصلين على الكراسي أنهم يرفضون السجود لله كبراً، كما يصرح بمثل هذا بعض قصاصنا (الوعاظ غير المؤهلين)، والذين دوماً يشعلون الحرائق، ليطفئ نارها العلماء الحقيقيون الذين يخشون اله، وحالات المرضى يفتي فيها الطبيب الثقة، ثم يستفتي فيها المريض نفسه وإن أفتاه الناس وافتوه، فهو الذي يتألم وهو من يعرف مقدار هذا الألم، وقدر ما يحتمل منه، وما الذي يمنعه منه من هذه الحركة أو تلك، ومن اسوأ حالات سوء الظن بالمؤمنين أن يظن بهم أنهم يدعون المرض ليتخلصوا من بعض صور العبادة أو حركاتها وفي الصلات بالذات، وأظن ان إعانة هؤلاء المرضى في جميع المساجد من باب البر، الذي يثاب عليه المسلم، حيث نجد فيها من الكراسي ما يفي بحاجة المرضى، وفي المسجد النبوي الشريف أعداد كثيرة منها، صنع لها من الخشب حاوية تحفظها، وهي قريبة من أبواب المسجد وبين الصفوف ليتمكن المرضى من استمالها بسهولة، أما في الحرم المكي الشريف فنجد الوضع مختلفاً، فكلما تبرع محسن بعدد من هذه الكراسي واحضرها الى المسجد، اختفت بسرعة، ويقال ان عمال النظافة يجمعونها ليغيبوها في المخازن، وكأن هذا مصادرة لهذه الكراسي، لأن احداً لا يحبذ وجودها في الحرم المكي الشريف، وقد كتب في صحفنا عن هذا مراراً، وتوجه الناس بنداءات متكررة لادارة الحرم منبهة الى ذلك، وراجية أن تبقى هذه الكراسي بالحرم لاستعمالات المرضى، وقد كتب الى بعض الفضلاء مراراً محسنين الظن بي وطلبوا مني مناشدة إدارة الحرم المكي ان تسمح بوجود هذه الكراسي خدمة للمرضى من زوار المسجد الحرام والمتعبدين فيه، والالتفات إلى ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين إذا اعتمروا لقوا شيئاً من المشقة في عدم السماح لهم بدخول المطاف والمسعى في الدور الاول، خاصة في الأوقات التي ليس فيها مما يضاعف عليهم الزمن اللازم لاداء العمرة، وبقاء المتألم منهم في الكرسي مدة اطول، مما يضاعف آلامه، ولا أظنهم يحرمون من العمرة لمثل هذا، والرفق بهؤلاء لا شك انه من وجوه البر الذي يثاب عليه المؤمن، فالله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم، وأولى الناس بهذه المهمة من أوكل اليهم الاشراف على إدارة هذا الحرم الشريف، والذي ولا شك ان زيارته واداء الطواف والعمرة والصلاة فيه من اعظم الطاعات، ولعلها لمن يتألم من المرضى أمنية لديه أثيره فهو يرجو أن يشفيه الله وخير أمكنه قبول الدعاء في هذا الموطن الشريف، فباسم هؤلاء المرضى اتوجه الى إدارة الحرم المكي الشريف بالرجاء وأنا واثق من استجابتهم لمطالب هؤلاء المرضى، خاصة المحتاجين الى كرسي يصلون عليه، ولا اظن ان وجود هذه الكراسي في الحرم فيه ضرر أو محذور، ولن تضيف هذه الكراسي أي لون من العبء على هذه الإدارة، كما أن وجودها ينفع المرضى، وأما اذا كانت لها وجهة نظر أخرى لا نعرفها، وهي مقتنعة بها، ترى بها أ، محظوراً يقع اذا وجدت هذه الكراسي في الحرم المكي الشريف، فلتشرح ذلك للناس فإذا اقتنعوا بوجهة نظرها كفوا عن هذه المطالبة المستمرة منذ زمن ليس باليسير، فهل نحظى من هذه الادارة بإجابة حاسمة هو ما نرجو والله ولي التوفيق.
المدينة 1432/7/25هـ