دور مكتبات دار السلام
إذا كان باب السلام بمكة المكرمة هو منتدى الكتب التي يبتاعها طالب العلم والثقافة، فإننا نعيش اليوم في عصر تفجرت فيه المعلومات، وأصبحت المكتبة الواحدة بمساحتها أكبر من مساحة باب السلام عدة مرات، أما المحتويات فهي أضعاف مضاعفة وبالعشرات.. ومع ذلك فإن مما يؤسف له أن انخفاض عدد القراء بالقياس لارتفاع عدد السكان وازدياد عدد المثقفين.
علامة الحجاز فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالوهاب إبراهيم أبوسليمان أصدر مؤخراً مؤلفاً بعنوان: «باب السلام في المسجد الحرام ودور مكتباته في النهضة العلمية والأدبية الحديثة».
وقد تولى نشر الكتاب أبناء الشيخ عبدالشكور عبدالفتاح فدا، صاحب أشهر مكتبة بباب السلام، وقد جاء في كلمتهم التي جاءت في مستهل الكتاب: «باب السلام منطلق التوهج الاجتماعي والثقافي وملتقى المثقفين والعلماء، حوى تاريخاً عريقاً، وقد كان جزءاً من حياة تميزت بإنتاج ونشر وتوزيع الكتاب واقتناء النوادر والمراجع وأمهات الكتب ومدارسة العلماء وطلاب العلم والحوار الثقافي وتبادل المنافع، لكن كل ذلك لم يسطر في كتاب، ولم يؤرخ للأجيال. وكان هذا حلم الوالد الكتبي الراحل الشيخ عبدالشكور عبدالفتاح فدا رحمه الله، الذي أراد أن يوثق هذه المرحلة، فالتقت أحلامه وآماله بفكر العلامة الفاضل الأستاذ الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان حفظه الله وعملا معاً لجمع المعلومات ردحاً من الزمن لتوثيق تاريخ المكتبات في باب السلام. وعندما ترجل الشيخ عبدالشكور فدا إلى الدار الآخرة واصل المؤلف حفظه الله إنجاز هذا المشروع الذي يعتبر بحق إضافة علمية جديدة للمكتبات العربية والتراث المكي، وقد وفق الله الجهود لإخراجه بمناسبة إعلان مكة المكرمة عاصمة الثقافة الإسلامية. فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزي خيراً كل من عمل وأسهم في إنجاز هذا المشروع بشكل مباشر أو غير مباشر».
ويؤرخ فضيلة الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان لأصحاب المكتبات في باب السلام، ثم يتحدث عن الذين ساندوه في وضع وتوثيق هذا الكتاب الذي يؤرخ لمصدر التثقيف بباب السلام عند البيت الحرام، إذ يقول فضيلته في الفصل التاسع:
أتت كل هذه الفصول للكتاب بمقدمتها، وخاتمتها، في تغطية تاريخية طويلة، وعرضاً لمرفق حضاري مهم من حياتنا الثقافية والاجتماعية، فإن أصبت، ووفيت فبتوفيق من المولى جل وعلا، ثم بتعاون كل من أسهم بمعلومة، أو فكرة، كتابة أو محادثة، وما يكون من نقص أو خطأ فهو مني، ولكنه غير متعمد، وعذري أني بذلت أقصى الجهد في حدود إمكاناتي، والعذر عند كرام الناس مأمول.
جدير بالذكر أنني والشيخ عبدالشكور فدا، رحمه الله تعالى، حرصنا كل الحرص أن نعثر على صورة لمكتبات باب السلام المنتشرة على جنباته، أو أجزاء منه، على الرغم من اتصالنا بالأفراد أصحاب المجموعات الخاصة أمثال: الأخ الزميل الدكتور معراج نواب مرزا، وغيره، والمراكز العلمية، ومكتب الشيخ محمد بن لادن بجدة، والمكتبات في بلادنا، وبعض المراكز العلمية في البلاد الغربية، وسؤال كل من يتوخى لديه شيء منها، فلم يسعفنا الحظ بالحصول عليها، وبعد أن بلغ منا اليأس ذروته في الحصول على صورة لمكتبات باب السلام، لجأ الشيخ عبدالشكور فدا، رحمه الله تعالى، إلى أحد الرسامين ليقدم صورة تقريبية للجزء الأول منه: «مكتبات الساحة الرخامية» الموجودة في الكتاب.
تحية للعلامة الأستاذ الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان لما أثرى به المكتبة وشكراً على إهدائه الكريم.
* آيـــــة :
يقول الحق سبحانه وتعالى بسورة الأنعام: «أولئك الذين هدى الله فبهداهم أقتده، قل لا أسألكم عليه أجراً إن هو إلا ذكرى للعالمين».
* وحديـث :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أراد الله به خيراً يفقهه في الدين».
* شعر نابض :
تعلم فليس المرء يولد عالما
وليس أخو علم كمن هو جاهل
عكاظ/الإثنين 10/06/1428هـ