نقص القادرين على التمام !!
سبحان الله .. عندما خطوت أولى خطواتي إلى المسجد الحرام في أولى ليالي هذا الشهر المبارك شعرت و كأن رمضان الماضي لم يبارحنا إلا قبل فترة قصيرة جداً .. فتذكرت الأثر الذي يذكرنا بتسارع الزمان ، و أيقنت أنه مضى من عمري عام كامل ، و أنني اقتربت من أول منازل الآخرة عاما آخر. فسألت الله أن يجعل عمري في طاعته و أن يكون أفضله أواخره. اللهم آمين ..
و في المبتدأ واجب علي تحية قرائي الكرام تحية طيبة مباركة بعد انقطاعي عنهم لعدة أشهر ، و تهنئتهم بالشهر الكريم أعاده الله على الجميع باليمن و البركات.
ثم أما بعد: يقول أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه و هو الخليفة في المدينة المنورة على ساكنها أفضل صلاة و أزكى سلام : لو أن بغلة عثرت في أرض العراق لخشيت أن يسألني الله لمَ لمْ تمهّد لها الطريق يا عمر ؟!
تذكرت هذا الكلام و أنا أرى عثرة عربة إحدى كبيرات السن و هي على كرسي متحرك في طريقها للمسجد الحرام من الجهة الشامية ، وذلك بسبب حفرة ، و قد كادت أن تسقط على الأرض لولا لطف الله !!
هذا هو العام الخامس الذي أكتب فيه عن الأوضاع المزرية للجهة الشمالية للمسجد الحرام ، غبار و أتربة و مطبات و مخلفات و إضاءة عشوائية ، و هذا الواقع ينطبق على جميع مرافق هذه الجهة ، طرق السيارات ، ممرات المشاة ، و مواقف النقل العام ، في وضع لا يليق لا بقدسية المسجد الحرام ، و لا بقيمة زواره ، و لا بما تنفقه الدولة و ما توجهه من عناية تجاه خدمة الحرمين ، و ضيوف الرحمن.
لا أدري ما سبب هذا الإهمال لهذه المنطقة بهذا الشكل ؟ فتنفيذ مشروع التوسعة لا يبرر هذا الوضع ، فقد شاهدنا مشاريع كبرى في أماكن أخرى من العالم و في مناطق مأهولة و مشغولة بالحركة تتم دون إزعاج للناس. و القدرات و الإمكانات المتاحة للجهات المعنية ، سواء أمانة العاصمة أو الشركة المنفذة لمشاريع التوسعة تتيح لهم بكل يسر و سهولة أن يهيئوا المنطقة بطريقة لائقة بأكرم وفد.
و الشاعر يقول : ولم أر في عيوب الناس عيبا .. كنقص القادرين على التمام . و الجهات المعنية قادرة و الإمكانيات متاحة لتكون الشوارع و الممرات ممهدة و نظيفة و مضاءة ، و كذلك المواقف ، فلماذا الآن خمس سنوات و الأوضاع كما هي ؟؟
إنني أتوجه لسمو أمير المنطقة وقد قام في العام الماضي بجولة تفقدية على المنطقة الجنوبية للمسجد الحرام ، غطتها الصحافة في حينها ، و أدعوه إلى القيام بجولة غير معلنة للمنطقة لتفقد أوضاعها ، و إصدار توجيهاته بتصحيح الأوضاع بما يليق بوفد الرحمن ، و ينسجم مع رؤيته لمكة المكرمة كأجمل مدن العالم. و الله ولي التوفيق.
المدينة 1432/9/13هـ