عودوا إلى رشدكم!

ظلت مئات العمائر والأبراج السكنية في العاصمة المقدسة خاصة في الأحياء القريبة من المشاعر المقدسة مثل حي العزيزية بأقسامه المختلفة والروضة والششة وبعض العمائر الموجودة في المخططات الواقعة جنوبي أم القرى، ظلت تلك الأبراج والعمائر رافعة لوحات تدعو بعثات الحج إلى استئجارها، ولكن الموسم فات دون أن يتقدم أحد لطلب يدها فبقيت خالية حتى رحيل آخر حاج من مكة المكرمة، وقد حصل هذا الكساد لبعض الأبراج والعمائر على الرغم من زيادة عدد الحجاج القادمين لأداء مناسك الحج عاما بعد عام لا سيما خلال السنوات الأخيرة وعلى الرغم من وجود هدميات وإزالات لآلاف العمائر في المنطقة المركزية وفي غيرها من المناطق لصالح العديد من المشاريع التنموية الجاري تنفيذها في العاصمة المقدسة.


وما حصل من كساد سيؤدي إلى مشاكل حقوقية سوف تشهدها المحكمة العامة وبقية الجهات، وقد تأملت في هذا الأمر فوجدت أنه قد يكون عائدا لعدد من الأسباب منها ما يلي:


أولا: وجود حركة نشيطة في العمران بالعاصمة المقدسة خلال السنوات الخمس الأخيرة، فما تمت إزالته من أبراج داخل المنطقة المركزية قام بدله آلاف الأبراج في أنحاء مختلفة من أم القرى وبطاقة استيعابية كبيرة، بل إن المنطقة المركزية نفسها لم تزل تشهد قيام أبراج جديدة خاصة جنوب المسجد الحرام وجنوبه الشرقي، وهي أبراج اكتملت وبدأت في استقبال عشرات الآلاف من الحجاج مشاركة بذلك في الكعكة الإجمالية لأعدادهم الواصلة في كل عام.


ثانيا: اندفاع الآلاف من أصحاب العمائر والأبراج السكنية بل والعمائر الصغيرة في بعض الأحياء والمخططات البعيدة نسبيا عن المسجد الحرام لتفريغها من سكانها المستأجرين لشققها، طمعا في الحصول على إيجار موسمي أفضل وأضمن بالنسبة لهم من إيجارها على مواطنين أو مقيمين هذا يدفع وهذا يماطل، إضافة إلى حاجة العمائر المؤجرة على هيئة شقق سكنية للصيانة المستمرة «وتعب القلب»، مما أدى إلى كثرة في العرض وقلة في الطلب لأنه من غير المعقول أن تفرغ آلاف العمائر من سكانها المستأجرين لشققها انتظارا لإيجار موسمي قد يأتي وقد لا يأتي، مع العلم أن معظم بعثات الحج تفضل المساكن الواقعة داخل المنطقة المركزية وما بعدها من مناطق على المساكن الموجودة في المخططات والبعيدة نسبيا عن المسجد الحرام وفي حالة انتهاء المشاريع السكنية الضخمة القائمة حاليا في المنطقة المركزية فقد لا يجد أصحاب الأبراج البعيدة عن الحرم من يسلم عليهم وقد بدأت البوادر هذا العام.. ومن حقهم علينا أن ننصحهم ونقول لهم: عودوا إلى رشدكم!!.

عكاظ 1433/1/8هـ