استغلال قطار المشاعر

 


حينما برزت فكرة تنفيذ قطار المشاعر المقدسة ليكون أول خط لسكة حديدية تربط بين مكة المكرمة والمشاعر المقدسة “ عرفات ، مزدلفة ، منى “ قيل حينها إن المشروع يصعب تنفيذه فهناك جملة من الصعوبات التي ستواجهه بدءاً من الصعوبات الطبيعية المتمثلة في محدودية مساحة المشاعر المقدسة وضيق مساحة مشعر منى والجبال الممتدة إضافة إلى الفترة الزمنية الطويلة والتكلفة العالية واعتبر البعض حينها أن تنفيذ مثل هذا المشروع يشكل تحديا قويا.

وفي عام 2009 م وقبل البدء في تنفيذه وبعد ترسيته بتكلفة بلغت 6.7 مليار ريال وقف الكثيرون في الداخل والخارج منبهرين لهذه الخطوة التي شكلت إصرار قيادة المملكة على تنفيذ أي مشروع يخدم حجاج بيت الله الحرام وييسر لهم سبل أداء فريضتهم دون النظر إلى أي عائد مادي.

وخلال موسم حج العام الماضي 1432 هـ وأثناء مرافقتي لأعضاء الوفد الإعلامي التركي لمشروع قطار المشاعر وخير من يذكر هذا المهندس / فهد أبو طربوش الذي لم يبخل حينها علينا بمعلومة أو طلب فأوصى بأن يرافقنا أحد الإخوة المهندسين في رحلة بدأت بمنى مرورا بمزدلفة فعرفات قبيل صعود الحجاج للمشاعر المقدسة حيث اعتبر الإعلاميون الأتراك أن مثل هذا المشروع غير مجد ماديا للحكومة لعدة أسباب منها ارتفاع تكلفته وانخفاض قيمة تذاكره ومحدودية فترة عمله المرتبطة بموسم الحج ولأيام معدودات .

وقال البعض منهم إن هناك حكومات لا تسعى لتنفذ أية مشاريع خدمية بتكلفة مرتفعة قبل إعداد دراسة جدوى اقتصادية عنها فان كانت هناك فوائد تجنى من المشروع نفذ وان لم توجد ألغي المشروع وفكرته.

وحينما أدرك الإخوة الإعلاميون الأتراك أن نظرة حكومة المملكة لأي مشروع متعلق بخدمة الحجاج لا ترتبط بالعوائد المادية بقدر ارتباطه بالنتائج التي ستيسر على الحجاج أداء نسكهم قالوا : “ لقد أبهرتنا حكومة المملكة بما تقدمه لضيوف الرحمن “ ولم يكن الإعلاميون الأتراك وحدهم من أعجبوا بالمشروع فهناك الكثيرون منهم.

ولعل أكثر ما شد انتباهي قبل عدة أيام مضت وأعادني لأيام وشهور سابقة هو تصريح لأحد وزراء الشئون الدينية عقب اجتماعه مع معالي وزير الحج اذ قال “ سيدخل حجاجنا في موسم حج عام 1433هـ المقبل تحت مظلة خدمة قطار المشاعر بنسبة 100% بعد أن كانوا في العام الماضي بنسبة 50% “ وتصريح معاليه جاء بعد أن أدرك مدى الارتياح النفسي والسلامة الآمنة في النقل التي نعم بها حجاج باكستان ولم يكن معاليه هو الوزير الأول ولن يكن الأخير الذي يتحدث برؤية صادقة عن قطار المشاعر الذي لم يعد وسيلة نقل تقليدية بقدر ما هو وسيلة مريحة وآمنة.

وحتى لا تتبعثر الجهود وتضييع الحقوق وتستغل تذاكر القطار تجاريا لتباع على الحجاج بأسعار مرتفعة تسيء لجهود الدولة وخدماتها فإنني أمل من صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشئون البلدية والقروية ـ الجهة المنشئة للقطار والمشغلة له ـ أن يتم طرح بيع تذاكر قطار المشاعر المقدسة عبر أي من البنوك المحلية على غرار مشروع المملكة العربية السعودية للإفادة من لحوم الهدي والأضاحي الذي ينفذه البنك الإسلامي للتنمية إذ أسندت عملية بيع سندات الهدي والأضاحي لأحد البنوك المحلية في خطوة قضت على أي تلاعب قد يحدث في أسعار السندات.

وقطار المشاعر المقدسة وان كان وسيلة نقل مريحة فانه غدا وسيلة مرغوبة لدى حجاج بيت الله الحرام ومن المؤكد أن هناك من سيسعون لاستغلال حاجة الحجاج لتذاكره فيسعون لبيعها بأسعار مرتفعة قد تصل أحيانا إلى الضعف والقضاء عليهم مبكرا خير من الانتظار حتى لا ينمو ويزداد عددهم ويسعوا لجني أموال لا يستحقونها ونقل صورة سلبية عن المملكة وجهودها في خدمة الحجيج .

الندوة 1433/4/7هـ