نداء من مكة
أجمل ما في أهل مكة أنهم لا يعترفون بالمقدمات حيث يبدأون الحديث من نقطته الساخنة دون تمهيد لا معنى له، وأخونا أبو ولاء لديه نداء للمسؤولين لا يحتمل التأخير: (أخي الكريم .. ألا من مغيث؟ ، ألا من مجير؟، ألا من بصير ؟ ألا من ضمير؟ ، ما هذا الذي نعيشه ونتعايشه في كل يوم وكل ساعة بل كل دقيقة؟، إننا مقبلون على مستقبل محفوف بالمخاطر في ظل هذه الأعداد المتزايدة من المتسولين والمتسولات هنا وهناك في الضواحي وقلب المدينة وأطرافها وتقاطعاتها وتحت كباريها وعند محطات البنزين وعند الصرافات وعند المطاعم وفي الأسواق في حلقات الخضار والفاكهة بجوار بوابات السوبر ماركت عند الجوامع والمساجد عند الصيدليات، تراهم مع وبدون أطفالهم الرضع والصبية تراهم والقاسم المشترك بينهم أن الغالبية من النساء!، تراهم زرافات ووحدانا قد يصل عددهم في التقاطعات الرباعية إلى 16 متسولة بحيث يغطي أربعة منهم كل اتجاه، تراهم منذ تباشير الصباح وقد قام المتعهد وإن شئت الرئيس التنفيذي للعصابة ولا يمكن أن نطلق عليهم غير صفة العصابات، يؤمن هذا المتعهد وصولهم إلى مواقعهم وبعد انتهاء ساعات العمل المطلوبة والتي تمتد لتصل إلى 8 10 ساعات لتأتي بعدها الفرقة الثانية وتستلم الموقع وتبدأ في موالاتها والطرق على زجاج نوافذ السيارات، إنهم يا سيدي الكريم من جنسيات مختلفة، أليس منا رجل رشيد في الأجهزة المختصة يستطيع التحري عن أماكن سكن هؤلاء ويخلصنا منهم؟، أين الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن؟ أين جهود إدارة مكافحة التسول؟ ، هل يصعب حقا تتبع هذه العصابات؟ ، ألا ترى معي بأن وضع هؤلاء المتسولين يتفاقم يوما بعد آخر، ألا ترى معي أن هؤلاء الصبية المشردين يشكلون خطرا داهما يحلق في الفضاء ؟! ، إنني من مكتبي وعبر بريدك أوجه نداء لكل الأجهزة المختصة بالتواجد الأمني المكثف في الأحياء الراقية والأحياء الشعبية لضبط هؤلاء وتفكيك عصابات التسول، وأوجه نداء إلى دوريات المرور كي ترصد أرقام السيارات التي توزعهم في الشوارع، أخاطب النخوة والشهامة والحمية في كل مسؤول معني بهذه الظاهرة المزعجة أن يعمل كل ما في وسعه للقضاء على هذا الوباء الذي تفشى في كل النواحي، إنني وعبر بريدك أضع هذه المشكلة بين يدي سمو أمير المنطقة كي يصدر أوامره للأجهزة المعنية من أجل القضاء على هذا الكابوس المزعج والمقلق والمخيف، أشكرك على سعة صدرك، وأشكرك لإتاحتك الفرصة لمواطن مثلي كي ينقل همه الى المسؤولين، هي كلمات خرجت من القلب كي تلامس القلب، لك تحية مضمخة بماء زمزم وعبير الحطيم، أخوك أبو ولاء ) ! .
انتهت رسالة صاحبنا المكي أبو ولاء وأصبح بإمكاننا أن نستعيد المايكرفون منه ونقول: (ألا من مغيث ؟ ..ألا من مجير ؟ ..ألا من نصير؟) فمشكلة انتشار المتسولين ليست حكرا على مكة المكرمة بل الرياض أيضا تعج بالمتسولين ، وجدة فيها من المتسولين ما يزيد على عدد حفر الشوارع ، وأغلب المدن لا تكاد تخلو من هذه الظاهرة المقلقة، وفي كل عام تؤكد الأجهزة المعنية أنها بصدد القضاء على هذه الظاهرة إلى الأبد ولكننا ما أن ننزل إلى الشارع حتى نكتشف أن أعدادهم قد تضاعفت!.
عكاظ 1433/6/8هـ