أهل مكة .. أولى وأدرى بمساكنها

انتهى ــ في الأيام القليلة الماضية ــ المزاد العلني الذي بيعت بموجبه 1200 فلة من فلل إسكان الرصيفة والمهجورة بمكة المكرمة، التي مضى عليها ــ منذ بنيت ــ أكثر من 25 عاما وهي خالية من السكان والريح تصفق فيها ليلا ونهارا.


لقد أقيم مشروع الفلل ــ أول ما أقيم ــ لبيعها قرضا إلى محدودي الدخل من أهل مكة المكرمة، ومنهم الأرامل والمطلقات والمحتاجون والمحتاجات للسكن.. تفاديا لإيجارات الفلل والشقق التي تزداد قيم إيجاراتها سنة بعد أخرى ولا قدرة لهم على توفيرها.. على أن يقرضها لهم «صندوق التنمية العقاري».

بدلا من ذلك.. وبعد صبر أهل مكة وطول انتظارهم لدورهم في الإسكان منذ ربع القرن المنصرم، عرضت الفلل للبيع بالمزاد العلني للقادرين على الشراء مهما بلغت قيمة بيعها، وغالبا ما يكون الشراء بغرض الاستثمار.. بينما المحتاجون للسكن ممن يستحقون من أهل مكة المكرمة مازالوا في الانتظار.. تحقيقا لمعاني المثل الشعبي الذي يقول: «بيت قد المرايا، ولا كل سنة هات كرايا».


لقد تسنى لي أن أطلع مؤخرا على كلمة الدكتور زهير كتبي (عكاظ – 3 شعبان 1433هـ) حول هذا المشروع.. التي أشار فيها إلى أن المكيين قد تفاجؤوا بالقرار (المستعجل) والخاص ببيع الفلل بالمزاد العلني.. بينما «الدولة ــ مشكورة ــ تطرح المشروعات الضخمة لبناء الإسكانية في مدن بلادنا للإسراع في حل أزمة السكن.. وكنا نتوقع أن يحل هذا المشروع الأزمة في مكة المكرمة».


وعطفا على كلمة الدكتور الكتبي، فإنني هنا أتساءل:
• كيف تباع هذه الفلل لمن قد لا يكونون في حاجة إلى سكن؟ ونرمي وراء ظهورنا من هم في أمس الحاجة إلى السكن من أهل مكة ؟!


• ما الذي منع من بيع الفلل قرضا لأهل مكة الذين سبق أن تقدموا بطلب اقتراض السكن منذ ربع قرن.. ولاتزال قائمة الأسماء تحتفظ بها سجلات صندوق التنمية العقاري؟


• لم لم يتم البيع للقائمة حسب أولويات تقديم القرض؟.
• هل الجهات المختصة في حاجة إلى عائدات البيع بالمزاد العلني.. أم هي التي تقدم العون للمواطنين ببناء آلاف الوحدات السكنية الجاهزة وتوزيعها على المواطنين في البلد الذي تقام فيه الوحدات؟.


وأخيرا.. ليس لدي ــ في كلمتي هذه ــ إلا أن أدعو إلى إعادة النظر في فكرة المزاد العلني، ودراسة إمكانية رد الأموال إلى أصحابها الذين رسا عليهم ما تم من مزاد حتى الآن، ومن ثم توزيع المساكن إلى أصحاب الحقوق من أهل مكة المكرمة. فهم أدرى وأولى بمساكن مكة المكرمة، فالرجوع إلى الحق فضيلة يقل أن تعدلها فضيلة.

عكاظ 1433/8/17هـ