الحياة العلمية في مكة المكرمة «1ــ2»
من مكة المكرمة انطلق نور الهدى الذي نزل من رب العالمين ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.
وفي كتاب من تأليف د. آمال رمضان عبد الحميد صديق عنوانه:
الحياة العلمية في مكة المكرمة
1110ــ 1334هـ / 1703ــ 1916م
وقد أصدره مركز تاريخ مكة المكرمة في جزءين ليجسد الحياة العلمية في مكة المكرمة.. وفي المقدمة التي كتبتها المؤلفة ما نصه : « إن الكتابة عن تاريخ المدن أمر محبب إلى النفوس، فكم من مدينة توارت أطلالها عبر الأفق، إلا أن ذكراها ظلت بين صفحات الكتب، وكم من مدينة خف وهج حضارتها، ولكن مازال يشاد بأمجادها. ومذ كتبت رسالتي في مرحلة الماجستير عن مدينة (الإسكندرية) والحياة العلمية التي كانت تعج بها في العصر المملوكي، وأنا أتوق إلى أن أكتب رسالتي في الدكتوراه عن (أم القرى)، إنها مكة، إنها بكة، إنها معاد. لها من الفضائل ما ليس لغيرها، ولها من الصفات ما فاقت به كل بلاد الدنيا، إنها أحب البلاد إلى الله تعالى، وأحب البلاد إلى قلب كل مسلم.
إلا أن الكتابة عن تاريخ أم القرى، كتابة لا تحدها أطر الزمان أو المكان، فتاريخها هو تاريخ البشرية قائم مع بقائها، تجذب بجلالها المؤرخين فيكتبون عنها كتابة المحب، وإعظام المجل، ولما كنت ابنة هذه المدينة العظيمة، فيها نشأت وعلى ترابها درجت، تنشقت في صباي عبيرها، وخطوت في مسيرتي العلمية في معاهدها، ورأيت بعين البصر والبصيرة آمالها وأحلام ساكنيها ووافديها، يجتمع فيها المسلمون من كل فج عميق، وتهوى أفئدة المحبين إليها من كل حدب وصوب، كان لزاما علي أن أشكر نعمة الله هذه، وأرد شيئا من هذا الجميل ولو باليسير.
وأخيرا: إن البحث في الحياة العلمية بمكة المكرمة بحث ممزوج بمشاعر الحب والرهبة، فالحب منبعه تجذر هذه الأرض بمقدساتها في وجداني وما تحمله من عبق يسري في كياني، أما الرهبة فمبتعثها أن مكة المكرمة أكبر من أن تحد بسطور، وأعمق من أن ترسم في أطر..
فرجائي أني أصبت الغاية المطلوبة أو قاربت، وبذلت الجهد للوصول إلى القصد فيما رمت إليه من دراسة، أبين لمكة حقا لها رباه، ووصفا اكتسبت أعلاه، وفضلا بلغت ذراه، وأن ينفع بهذا العمل، ويجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يجعله من الأجر المتصل غير المنقطع، وينفعنا به إنه ولي ذلك والقادر عليه».
وإلى الغد لنكمل الحديث عن هذا الكتاب الذي هو آخر ما وصلني من إصدارات مركز تاريخ مكة المكرمة.