مكة الذكية وتحويل الأحلام إلى حقائق!
عشنا مساء الأحد الماضي ساعات استمتعنا فيها بالمنطق والمنهج والكلام الذي له معنى.. وباشرنا وانطلقنا مع الإطلالة ذات المعالم البارزة نحو الأفق البعيد من منظور الاستعراض المصور والمبرمج الذي اعتمد القاعدة العلمية الذكية.. بعيدا عن التعاطي الذي عهدناه سابقا مع الارتجال والعشوائية التي تسمح بتراكم الأخطاء.. ويذهب معها الوقت والمال سدى.. لقد استطاع خالد الفيصل ورفاقه معالي أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة بن فضل البار وسعادة وكيل الإمارة عبدالعزيز الخضيري وسعادة المهندس سامي برهمين.. وأريد أن أقول إننا عشنا في رحاب مكة المكرمة (ونحن في جدة).. مكة إبراهيم الخليل وإسماعيل ومن بعدهما محمد عليهم الصلاة والسلام.. ووقفنا على حقائق مدروسة وملموسة لعلي لا أكون مغاليا إذا ما قلت إنها فرشت بساط الدهشة والتعجب والغرابة.. ولكن العودة إلى الواقع تشعل في دواخلنا وهج الأمل الباسم وتعطينا قناعات ودلالات أننا بصدق نمضي نحو الأفضل ونحو المستقبل بخطى واثقة ومدروسة.
فالمخطط الشامل لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة قد أخذنا في روعة مدهشة لنلمس على الأرض مشاريع أخذت تتبلور وهي مخاض ونتاج دراسات علمية أسهم فيها أهل العلم في مجال الهندسة وتخطيط وبناء المدن من القدرات والكفاءات المحلية في مجال الاستشارات والتصاميم ومن القدرات العالمية.. وهذا نهج لم نألفه من قبل وإن كان يرمز إلى دلالات واضحة فيها صدق النية بأن يكون لمكة المكرمة شأنها وقدرها الممتد عبر التاريخ الطويل.. وقد هالني ما روعي في التصميم من الأخذ بكل الحسابات الدقيقة على ضوء الأرقام واعتبارات الزيادة المتنامية في أعداد الحجاج.. وكذلك كان الصدق في تلمس الأخطاء القائمة وعدم القفز من فوقها.. ومن ثم فإن الحقائق التي لمسناها من خلال المجسمات تؤكد مصداقية التوجه عند هيئة التطوير لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة.
كذلك شهدنا حقائق ناطقة تجسد هذا المشروع وتؤكد أن القادم أحلى وتؤشر في يقين لا يقبل الشك أن الحرم المكي الشريف يمر بقفزة ونقلة نوعية لم يشهدها من قبل.. ستفسح المجال أمام رواد الحرم وتسهم في حيوية وتسمح لزيادة الأعداد الوافدة حجاجا ومعتمرين.. وإن كنا نجنح وكل ذوي البصيرة إلى ضرورة إعادة النظر في (الكوته) التى توزع الحصص بين الدول الإسلامية لتوفير جو من الراحة والطمأنينة يسمح بأداء المشاعر المقدسة في سهولة ويسر وطمأنينة.. كما أن خطة تطوير المشاعر المقدسة والمخطط الشامل للنقل في مكة الكرمة والمشاعر المقدسة سلطت حزما من الضوء على استشراف واستشراق مستقبل واعد.. يضع العاصمة المقدسة في صميم أفئدة المسلمين في كل مكان.. ويرضي طموحات أهل مكة والمواطنين جميعا بل والمسلمين في شتى أنحاء المعمورة.
وقد أشارت رزنامة المشاريع إلى أن كل هذه المخططات ستكون جاهزه في عام 1462هـ.. عندما استمعت إلى هذا القول تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها) واستدعيت تلك القاعدة الذهبية اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.
وبعد أن عشنا في أجواء الحاضر والمستقبل المشرق.. رحب أمير منطقة مكة المكرمة بالإعلام وأولاه عناية فائقة وأبدى استعداده من خلال الحوار المفتوح الإجابة على أسئلة الصحفيين.. ولكن لم يكن هناك سائل من جانب صاحبة الجلالة إلا واحد أو اثنان وغاب عن الحضور رجال الصحافة.. واستحوذ رجال الأعمال وخاصة من أهل مكة المكرمة على المساهمة في الحوار وهذه ظاهرة كنت أتمنى أن لا تكون.. فالصحافة التي تعتمد على وكالات الأنباء السعودية أو على المصورين ليست الصحافة التي تعيش الحدث وتنقله من خلال منظورها الخاص.. وحسبي الله ونعم الوكيل.
عكاظ 1433/10/25هـ